فاتح عبد السلام

يكاد‭ ‬العراق‭ ‬يطفيء‭ ‬حرائقه‭ ‬التي‭ ‬دمّرت‭ ‬ثلث‭ ‬مساحته‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬داعش،‭ ‬واضعاً‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬قلبه‭ ‬مخافة‭ ‬أن‭ ‬تندلع‭ ‬حرائق‭ ‬جديدة‭ ‬إذا‭ ‬استمرت‭ ‬الأزمة‭ ‬بين‭ ‬بغداد‭ ‬وأربيل‭ ‬،وكانت‭ ‬باباً‭ ‬آخر‭ ‬للتدخل‭ ‬الاقليمي،‭ ‬الذي‭ ‬بدا‭ ‬أمامه‭ ‬العراق‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬يوم‭ ‬للاحتلال‭ ‬الأمريكي‭ ‬اللعين‭ ‬مشرعاً‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬هبّ‭ ‬ودبّ‭ . ‬

هناك‭ ‬مؤشرات‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التروي‭ ‬والحكمة‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬السياسي‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الايام‭ ‬الأخيرة‭ ‬،لكن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬شيء‭ ‬محسوم‭ ‬باتجاه‭ ‬الاستقرارالذي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬به‭ ‬العراقيون‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬،‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬مع‭ ‬العذاب‭ . ‬الآن‭ ‬،‭ ‬المحيط‭ ‬المطبق‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬يكاد‭ ‬يلتهب‭ ‬،‭ ‬وهذه‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭ ‬علامة‭ ‬فارقة‭ ‬جديدة‭ ‬عن‭ ‬تدهور‭ ‬أوضاع‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استقالة‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬لبنان‭ ‬المعلنة‭ ‬من‭ ‬عاصمة‭ ‬أخرى‭ ‬،‭ ‬والمتضمنة‭ ‬نفس‭ ‬الحديث‭ ‬الذي‭ ‬يتكرر‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬حرب‭ ‬تندلع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ . ‬نسمع‭ ‬من‭ ‬سياسيين‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬،‭ ‬ان‭ ‬العراق‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬وسط‭ ‬تجاذبات‭ ‬سياسة‭ ‬المحاور‭ ‬والازمات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬بين‭ ‬جيرانه‭ . ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬إنّ‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬فصل‭ ‬العراق‭ ‬عن‭ ‬المؤثرات‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬،‭ ‬نجد‭ ‬أنّ‭ ‬العراق‭ ‬انخرط‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬السورية‭ ‬الداخلية‭ ‬،‭ ‬بتأثير‭ ‬واضح‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬اخرى‭ ‬،‭ ‬وتحت‭ ‬شعارات‭ ‬مصطنعة‭ ‬ذات‭ ‬نفس‭ ‬مذهبي‭ ‬،‭ ‬لتسهيل‭ ‬التعبئة‭ ‬والتحشيد‭ ‬والتجييش‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬زج‭ ‬أبناء‭ ‬جنوب‭ ‬العراق‭ ‬مع‭ ‬رواتب‭ ‬مغرية‭ ‬نسبياً‭ ‬في‭ ‬أتون‭ ‬حرب‭ ‬سوريا‭ ‬،‭ ‬وقسم‭ ‬منهم‭ ‬يقاتل‭ ‬برواتب‭ ‬أعلى‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬اليمن‭ . ‬هذه‭ ‬حقائق‭ ‬يعرفها‭ ‬المختصون‭ ‬،‭ ‬أذكرها‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬العبرة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يعتبر‭ ‬بها‭ ‬أحد‭ . ‬أبناء‭ ‬العراق‭ ‬لبلدهم‭ ‬،‭ ‬وليسوا‭ ‬بنادق‭ ‬مستأجرة‭ ‬،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الأسباب‭ . ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬استخدام‭ ‬موارد‭ ‬الدولة‭ ( ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تدري‭ ‬كل‭ ‬الدولة‭ ‬بذلك‭ ) ‬من‭ ‬مطارات‭ ‬وطرق‭ ‬ودعم‭ ‬لوجستي‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬المشاركات‭ ‬العسكرية‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ .‬

سمعنا‭ ‬تأويلات‭ ‬وتبريرات‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬الاستباقية‭ ‬وعن‭ ‬نظرية‭ ‬نقاتلهم‭ ‬هناك‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يأتوا‭ ‬الى‭ ‬داخل‭ ‬بلدنا‭ ‬ونقاتلهم‭ ‬هنا‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬حجج‭ ‬واهية‭ ‬لم‭ ‬تصمد‭ ‬أمام‭ ‬أكبر‭ ‬شاهد‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬ان‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬الارهابي‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬المليشيات‭ ‬تنطلق‭ ‬من‭ ‬ارض‭ ‬العراق‭ ‬للقتال‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬،‭ ‬قام‭ ‬بغزو‭ ‬العراق‭ ‬واحتل‭ ‬ثلثه‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬قياسي‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬يخرج‭ ‬إلاّ‭ ‬وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬مدن‭ ‬كبرى‭ ‬،‭ ‬يخل‭ ‬تدميرها‭ ‬بالأمن‭ ‬الوطني‭ ‬العراقي،‭ ‬خراباً‭ .‬

البرلمان‭ ‬العراقي‭ ‬لم‭ ‬يلتفت‭ ‬يوماً‭ ‬الى‭ ‬مسألة‭ ‬تجنيد‭ ‬آلاف‭ ‬العراقيين‭ ‬المحكومين‭ ‬بدستورعراقي‭ ‬،‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬يجرى‭ ‬احترامه‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬المستويات‭ ‬على‭ ‬حين‭ ‬غرة‭ ‬منذ‭ ‬شهرين‭ .‬

‭ ‬ألا‭ ‬تكفينا‭ ‬حروبنا‭ ‬التي‭ ‬مضت‭ ‬،أو التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬على‭ ‬الجدول‭ ‬؟