كفاح زبون

قال مصدر فلسطيني كبير لـ«الشرق الأوسط» إنه يستغرب التركيز الكبير على الملف الأمني، على الرغم من أن حركتي فتح وحماس اتفقتا على معالجته بهدوء وروية.

وأضاف المصدر أن ثمة اتفاقا بين الحركتين على تجنب معالجة هذا الملف بشكل سريع، وعدم إثارته عبر وسائل الإعلام، وحله في مرحلة ثانية بشكل هادئ حتى لا تفشل المصالحة.

وأكد المصدر أن الجانب المصري مطلع على هذا الاتفاق وشجعه، وسيكون مشرفا على إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في غزة، وأن هذا ما تعرفه جيدا كل الجهات ذات الصلة.

وطلب المصدر من الجميع عدم وضع العصي في دواليب المصالحة.

وبحسب المصدر، فإن هذا الملف سيكون على طاولة البحث بين فتح وحماس في لقاءات لاحقة، وأنه يحتاج إلى وقت وجهد ولجان متخصصة ولن يجري حله في جلسة أو جلستين.

وجاء تعقيب المصدر على فحوى المباحثات بعد تصاعد الانتقادات الفلسطينية لغياب اتفاق أمني، وردا على موفد الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، الذي طلب من السلطة الفلسطينية أن تبسط مسؤوليتها الأمنية مجددا على القطاع، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة تعمل في هذا المضمار مع السلطة وإسرائيل ومصر وجهات أخرى لتحسين الأوضاع.

وجاءت تصريحات غرينبلات بعد سيل من التصريحات التي أدلى بها مسؤولون فلسطينيون بارزون، بينهم رئيس الوزراء رامي الحمد الله الذي انتقد غياب اتفاق أمني، وربط نجاح حكومته ببسط سيطرتها الأمنية على القطاع، ومدير عام الشرطة، حازم عطا الله، الذي طالب حماس بنزع سلاحها، ومفوض التوجيه السياسي والأمني اللواء عدنان الضميري، الذي رفض أي محاصصة في موضوع الأمن.

وبرز الملف الأمني بوصفه عقدة كبيرة في الأيام الماضية أمام المصالحة، بعدما أصرت السلطة على بسط سيطرتها الأمنية على قطاع غزة بشكل كامل، من دون أي شراكة مع حماس، ورفضت حماس الأمر واتهمت السلطة بالتلكؤ، وحذرت كذلك من أن سلاحها خط أحمر لا يمكن المساومة عليه.

وتتمتع «كتائب القسام»، التابعة لحماس، بقوة كبيرة في قطاع غزة، ولديها مجموعة كبيرة من المقاتلين والأسلحة والصواريخ، ودخلت مع إسرائيل في 3 مواجهات كبيرة في غضون 10 أعوام.

وتقول حماس إن «القسام» تعد العدة من أجل التحرير.

لكن ناصر القدوة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، لمح إلى تصور عملي لحل وسط يمكن أن يتفق عليه الطرفان من دون نزع سلاح حماس. وتحدث القدوة عن تحييد السلاح وضبطه عدة مرات. وقال في بيان أمس: «يجب إخضاع السلاح إلى قيادة فلسطينية وطنية وسياسية واحدة، وتحت سلطة حكومة واحدة، على أن يكون ملف إدارة سلاح الفصائل الفلسطينية المعترف بها ضمن برنامج إجماع وطني، يستند على مبدأ الشراكة السياسية الكاملة بين جميع الأطراف الفلسطينية».

وشدد القدوة على ضرورة إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بجميع تفاصيلها دون استثناءات؛ لأنها مسؤولية مشتركة هدفها الأول خدمة الشعب الفلسطيني والقضية الوطنية، متطرقاً إلى «وجود بوادر إيجابية لدى القيادات في حركة حماس، من خلال بعض التصريحات التي أشارت بوضوح إلى وجود نية حقيقية وإيجابية لضبط السلاح، والاتفاق حول استخدامه وإدارته؛ بما لا يلحق ضرراً بنضال شعبنا، ومساعيه لتحقيق الأهداف الوطنية المشروعة»، عادّاً أن ذلك يأتي «في سياق الوقوف على أرضية وطنية صلبة لتحقيق المصلحة السياسية المشتركة».

وبالرجوع إلى اتفاق عام 2011 بين حركتي حماس وفتح، قال القدوة إنه «لا بد من اتباع مقاربة شاملة مع الحكومة وشكلها والخطوط السياسية لها وتحديد كثير من التفاصيل السياسية الأساسية لتطبيق ما تم الاتفاق عليه في السابق، وتحديد كافة الخطوط السياسية العامة، مع التأكيد على ضرورة التخلي عن سلطة أحادية الجانب، على أن يكون ذلك في ظل اتفاق سياسي واضح وبرنامج إجماع وطني، بما يضمن قبوله من كافة الأطراف الفلسطينية».

ويفترض أن تلتقي فتح وحماس وباقي الفصائل الفلسطينية في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في القاهرة من أجل نقاش تشكيل حكومة وحدة وطنية لإدارة الشأن الداخلي الفلسطيني لمدة زمنية محددة حتى إقامة انتخابات عامة.

وشدد القدوة على ضرورة الاستفادة من جميع الظروف الإقليمية والدولية المحيطة، للمضي قدماً في إتمام المصالحة الوطنية واستعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني، بالإضافة إلى استعادة الوحدة الجغرافية بين شقي الوطن، عبر تحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية الشاملة.

وقال القدوة إن قطاع غزة يشكل عمقا استراتيجيا للدولة الفلسطينية لأنه المنفذ البحري لدولة فلسطين، بالإضافة إلى وجود مطار غزة الدولي الذي دمره العدوان الإسرائيلي في الحروب الثلاث على قطاع غزة، مشيراً في السياق ذاته، إلى ما يحويه بحر غزة من موارد طبيعية تتمثل في الغاز الطبيعي.