عزة السبيعي

استأثر الأمير محمد بن سلمان، بمقالات توماس فريدمان هذا الشهر مرتين، في بداية الشهر وآخره. 
في الحقيقة، إن الكاتب صاحب الاهتمامات الشرق أوسطية، والذي جاورنا في بيروت ودمشق سنوات طويلة دون أن يزور السعودية، ليختبر على الأقل معلوماته، كان دائما مهتما بالسعودية، ومجانبا للصواب فيما يقوله عنها، 
على الأقل في نظرنا كسعوديين، مثل أن يقول: إن سرعة التنمية في عهد ملوكنا -رحمة الله عليهم- لم تتجاوز عشرة أميال في الساعة، أو يحمّل الوهابية ما يحدث في الشرق الأوسط، رغم كل التقارير التي تشير إلى أن الإرهاب في المنطقة نتاج جهود استخباراتية، قامت بها دول كإيران وقطر، وربما الدولة الأحب إلى قلبه إسرائيل. 
على كل حال، تاريخه من قبل يوضح لماذا كان فريدمان متفاجئا من الأمير محمد بن سلمان، ربما لأن معلوماته القديمة -والتي رأينا انعكاسها في مقاله بداية الشهر- تهاوت مصداقيتها أمام ناظريه. 
فولي العهد الشاب يستقي حكمته من مشورة والده الملك الحكيم، وهو ليس متعجلا، بل عمليته الأخيرة ضد الفساد جاءت بعد 3 سنوات من التحقيقات، وهو أصبح في موضع كما يقال: ليس مناسبا للتوقف. 
فالفساد لن يبقينا في دول العشرين، كما أشار الملك سلمان -حفظه الله- من قبل، والفساد لن يصلح الاقتصاد، 
ولن يخرجنا من دائرة النفط، والأسفل ليس نقطة البدء المناسبة، كما قال الأمير ووضّح.
من ناحية أخرى، يستدعيها تفاجؤ توماس فريدمان مما يحدث في السعودية، ولا يفاجئ السعوديين، أو ليس بالقدر الذي يفاجئ من لا يعرف تاريخ هذه الدولة، والتي مرت بمراحل إصلاح كبيرة، ربما من أهمها معركة السبلة مع الإخوان، عندما وجد الموحد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- أن هناك من يظن أن السعودية لن تكون دولة متكاملة، ومملكة متحضرة لها حدودها، والتي لا تعتدي بها على الآخرين، فاضطر لتصحيح الوضع بتلك المعركة.
لذا، ما يفعله محمد بن سلمان اليوم، هو إعادة للدولة السعودية إلى مسارها المتحضر والمتطور، والذي يحفظ لشعبها ولها الاستقرار والاقتصاد والثقافة الأفضل، وهو لا يستدعي التفاجؤ بل المباركة، والتي نقبلها بكل سرور من فريدمان ومن غيره.