طارق الشناوي

 الكثير من الأكاذيب حفل بها (النت)، كانت الفنانة الكبيرة الراحلة شادية طرفاً فيها، وتم تداولها بكثافة في الأيام الأخيرة، تبدأ باسمها، طبعا الاسم المدون في شهادة الميلاد فاطمة شاكر لا خلاف عليه، ولكن من هو الذي أطلق اسم الشهرة؟ ثلاثة كل منهم، تمت الإشارة إليهم باعتبار كل منهم أصحاب الاقتراح، الأول المخرج والمنتج حلمي رفلة، لأنه قدمها في أول بطولة (العقل في إجازة)، والثاني الملحن والمطرب محمد فوزي الذي منحها أول أغانيها (لقيته لقيته)، والثالث الممثل القدير عبد الوارث عسر، الذي تردد أنه عندما استمع إلى صوتها قال عنها (شادية العرب).

اكتشفت أن كل ذلك لا أساس له من الصحة، والذي اختار اسم شادية هي شادية، فكرت في البداية أن تُطلق على نفسها اسم فني (هدى) وذلك عام 1947. وتعاقدت فعلا بهذا الاسم كما روت في تسجيل نادر، ولكن بالصدفة ذهبت لعيد ميلاد بنت صديقة لها اسمها شادية، وكان وقتها اسما حديثا فراق لها، وألغت تعاقدها القديم وأعادت التوقيع باسم شادية.
أيضا امتلأ الإنترنت بشائعات عن صراعات لشادية مع عبد الوهاب، وأنه قال: «صوتها (بتلاتة تعريفة) بينما تقدمُ في تلك المساحة الصوتية المحدودة فناً يُقدر بالملايين».
برغم أن هناك جانبا إيجابيا كما ترى في الجزء الثاني (فناً بالملايين)، فإن صوتها بـ(تلاتة تعريفة) وهي من أصغر العملات التي كانت تستخدم في التعامل النقدي بمصر قبل نحو نصف قرن، وصار مثلاً سائراً للتقليل من شأن الآخر، وهذه ليست من مفردات محمد عبد الوهاب، فهو بطبعه رقيق ويبتعد عن الدخول في معارك مجانية، ومن المستحيل أن يصف صوت شادية بتلك الكلمات، ناهيك أنه كموسيقار كبير يعلم جيدا أن تلك ليست حقيقة.
البعض افتعل مواقف للتأكيد على أن شادية لم تكن على وفاق مع عبد الوهاب، صحيح لقاءاتهما الثنائية معا لم تتعد سوى عدد محدود من الأغنيات، وهو مقطع فقط من النشيد الجماعي «وطني الأكبر»، وأيضا أغنية «أحبك أحبك يا أعز الحبايب» بالإضافة إلى أغنية «بسبوسة».
والأغنية الأخيرة تحديدا، كان من المفترض أن تتخلل فيلم «زقاق المدق» عام 1963. وبسبب طول الفيلم كان ينبغي الاختيار بين أغنية لحنها محمد الموجي «نو يا جوني نو» و«بسبوسة» فقرر المخرج حسن الأمام حذف «البسبوسة» لأسباب متعلقة بإيقاع الفيلم، كان المخرج في ذلك الزمن هو صاحب القرار، وليس بطل الفيلم، تلك المنظومة تغيرت فقط في الثمانينات، والأغنية تم تداولها بعد نحو عشر سنوات، لأن منتج الفيلم رمسيس نجيب كان مترددا في طرحها، لارتباطها بموقف درامي، فكان يخشى ألا يستوعبها الجمهور، لو لم يرد عبد الوهاب أو شادية ذيوع الأغنية جماهيريا، لاستطاعا طبعا منعها من التداول، إلا أن الشائعة الكاذبة، تقول إن شادية هي التي منعت أغنية عبد الوهاب في الفيلم وفضلت أغنية الموجي، مما أوغر في صدر عبد الوهاب ضدها.
الصحيح أن نقول إن موسيقى عبد الوهاب، وصوت شادية لم يكن بينهما كيمائية، وهو ما يمكن أن تلحظه من ندرة اللقاءات الفنية بينهما، بينما مثلا نجد تلك الكيمائية حاضرة بوهج فني مع ملحنين آخرين تألقوا بأنغامهم على صوتها، مثل محمود الشريف ومنير مراد ومحمد فوزي وبليغ والموجي والسنباطي وغيرهم، إلا أن هذا لا يعني أبدا أن هناك «تار بايت» بين شادية وعبد الوهاب.