أحمد الفراج

 هناك مثل شهير يقول: «لا يمكن أن تعسف الخيل بعد أن تكبر في السن»، وهذا مثل صحيح، ينطبق على البشر أيضاً، إذ يصعب، بل يستحيل، تغيير طبائع الإنسان، بعد أن يبلغ عمراً معيّناً، والرئيس ترمب ليس استثناءً من ذلك، فهو إنسان صريح وواضح، سواء اتفقنا مع آرائه أو اختلفنا، والصراحة ليست من طباع الساسة المحترفين، ولكن من قال إنّ ترمب سياسي محترف، فهو رجل أعمال، لم يترشح لأي منصب سياسي، حتى على المستوى المحلي، ثم ترشح للرئاسة، وفاز بمعجزة يصعب أن تتكرر، واستخدم لذلك استراتيجيات غير مسبوقة، سخر منها الجميع في البداية، ولكنها أثمرت نصراً مؤزراً، وكان من أهم تلك الإستراتيجيات استخدام حسابه الشخصي على تويتر لمخاطبة قاعدته الشعبية العريضة، وهي المنصة التي لا زال يستخدمها، ويفضلها على أي وسيلة أخرى.

قبل أيام، أعاد ترمب ثلاث تغريدات للسيدة، جيدا فرانسين، نائبة الرئيس لمنظمة بريطانيا أولاً، وهي منظمة بريطانية عنصرية، وكانت التغريدات عبارة عن فيديوهات لأعمال عنف قام بها متطرفون مسلمون، وأثار ذلك جدلاً واسعاً، داخل أمريكا وخارجها، بحكم أنّ هذه تغريدات عنصرية ضد المسلمين، ولا يليق برئيس دولة الحريات أن يفعل ذلك، ودخلت رئيسة وزراء بريطانيا، تريسا ماي، على الخط، وشجبت ما فعل ترمب، وهو الأمر الذي أثار غضبه، فرد عليها بتغريدة، وطلب منها أن تتركه وشأنه، وتهتم بشأن الإرهاب الذي يعاني منه بلدها، ومن حيث المبدأ، فإنّ إعادة ترمب لتغريدات السيدة فرانسين تتواءم مع مواقفه ضد الإسلام المتطرف.

إذاً، المشكلة لم تكن في شجب ترمب للأعمال الإرهابية، التي يشاركه الجميع فيها، ولكن في دعمه لحساب تويتري يروّج للعنصرية والتطرف، فصاحبة الحساب تضع صورة ترمب في صفحة عرضها، فهل يعني ذلك أنّ ترمب عنصري؟!، وواقع الحال يشير إلى أنه ليس كذلك، أي ليس عنصرياً، ولكن استراتيجيته، التي أوصلته للرئاسة، كانت من خلال تقاربه مع تيارات أمريكية عنصرية، يروق لها هذا الخطاب الإقصائي ضد الآخر، وترمب يحرص، بين كل فترة وأخرى، على تأكيد هذا التواصل مع هذه الشرائح، التي تعتبر قاعدته الشعبية، فهو يحتاج دعمها الآن، في مواجهة الحرب الشرسة، التي يشنها عليه الإعلام والدولة العميقة، كما يحتاجها لإعادة الانتخاب، في 2020م، فهل يتوجب علينا شجب ما قام به، وهو الحليف القوي، الذي أعاد علاقات أمريكا بالمملكة إلى سابق عهدها، بعدما كاد أوباما أن يدمرها؟!.