فاتح عبد السلام

وأنا أستمع الى إشارة رئيس حكومة اقليم كردستان العراق في مؤتمره الصحفي بأربيل اليوم الى إنّ الرئيس الفرنسي ماكرون تحدث مع رئيس الحكومة في بغداد حول ضرورة اطلاق الحوار مع الاقليم ، شعرتُ أنه بعد اعتراف أربيل بقرار المحكمة الاتحادية بإلغاء الاستفتاء ، بات عدم موافقة بغداد على اطلاق حوار مع جزء من الوطن والشعب قراراً ذي صلة بجهة

أخرى ،لأنّ المسوغات تبدو واهية في عدم حصول الحوار بين أربيل وبغداد وعلى قاعدة عدم وجود شروط مسبقة سوى ما استطاعت الحكومة الاتحادية ببغداد فرضه على الاقليم الكردي . كل الامور وصلت الى حدّها الطبيعي وأيّ زيادة ستقلب الموازين ويتحول الخلاف السياسي الى صراعات من نوع آخر ، رأينا بذورها هنا وهناك أكثر من مرّة لاسيما في نقاط التماس بين بعض البلدات .

من الصعب استيعاب أن تقبل بغداد وساطة فرنسية في اطلاق الحوار الذي هو واجب دستوري عليها ، وإلاّ ما معنى الضجة في رفض انفصال الاقليم ، إذا كانوا في بغداد من جهة أخرى لا يقيمون الصلة الحوارية التنفيذية اللازمة . وصعوبة قبول بغداد الوساطة الفرنسية مرده الى كون العراق مجال حيوي للمصالح الامريكية رسمياً والايرانية فعلياً ، وستواجه حكومة بغداد حرجاً حتى لو أرادت في أن تصغي الى صوت دولي خارج النطاقين الامريكي والايراني ، ولو كان في نية الحكومة قبول أي احتمال من هذه الاحتمالات لكانت قبلت وساطة العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني وهو طرف عربي يوفر تغطية مناسبة لحل الازمة ، والاردن بلد حدودي مع العراق ويهمه شأنه أكثر من سواه .

بيد إنّ في الجانب الآخر يبدو الاقليم الكردي محاصراً فعلاً ، وحين وجد نافذة فرنسية مفتوحة طاروا اليها من دون تأخير بالرغم من انّ فرنسا في ضوء الموازين العراقية لا تقدم ولا تؤخر . والغريب انّ تركيا التي سمحت لرئيس الحكومة الكردية بالطيران من مطاراتها وعبر أجوائها ولم يسمح بلده العراق بذلك

،لاتزال لم تستغل جو الركود السائد في الاسبوعين الاخيرين لتحرك الملف بمبادرة، تظهرها في موقع قيادي بالمنطقة، وليس كما بدت منسجمة أكثر مّما ينبغي مع المحور الايراني في قضية التعامل مع تداعيات استفتاء اقليم كردستان .

كل ذلك ، والحوار حتمي ، ووضع العراق لايحتمل أزمة اكبر مما حصل وهو مقبل على انتخابات إشكالية المعنى والمبنى .