جيمس تروب 

في وقت لاحق من هذا الأسبوع، سيناقش وزراء داخلية الولايات الألمانية ومن ثم يصوتون على اقتراح ببدء إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم قسراً بمجرد انتهاء وضع اللجوء الذي حصلوا عليه، اعتباراً من أوائل شهر يونيو المقبل. وإذا وافقوا، فإن الأمر سيعود إلى وزارة الداخلية الفيدرالية لتقرير ما إذا كانت أجزاء من سوريا قد باتت الآن آمنة بالفعل بما يسمح بالعودة إليها.

فيما يسعى نظام الأسد للقضاء على ما تبقى من المعارضين لحكمه، وبينما يتلاشى تهديد تنظيم «داعش»، سيتعين على ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية اتخاذ قرار -في وقت أقرب بكثير مما كانوا تتوقع- بشأن ما إذا كانت ستعيد السوريين إلى وطنهم المدمر، أو إلى أجزاء منه على الأقل. ونظراً للضغوط السياسية، فليس هناك ما يدعو إلى افتراض أن القرار سيستند على مصلحة اللاجئين أنفسهم.

من الجدير بالذكر هنا أن التزام الدول موضح في اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، والتي تنص على أنه لا يجوز إعادة أي فرد إذا كانت «حياته أو حريته ربما تكون مهددة بسبب جنسه أو ديانته أو جنسيته، أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه». وتنص المبادئ التوجيهية للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على أنه بمجرد منح اللجوء، لا يجوز إعادة اللاجئين قسراً إلا عندما تتغير الأوضاع في بلادهم بشكل جوهري ومستدام لضمان حماية الأشخاص الذين تعرضوا للاضطهاد من قبل.

ومن الناحية العملية، فهذا المعيار تم انتهاكه بصورة روتينية في كثير من الأحيان. في ديسمبر 1996، على سبيل المثال، أمهلت تنزانيا 500 ألف لاجئ من الهوتو الروانديين شهراً للعودة إلى وطنهم، على رغم أن عمليات القتل الانتقامية للهوتو كانت لا تزال شائعة، وفي 2015، أعلنت كينيا أنها بصدد إغلاق مخيم «داداب» العملاق للاجئين وطرد 463 ألف لاجئ صومالي، وقد تم إيقاف ذلك فقط بعد احتجاجات دولية. وفي 2016، أعادت إيران قسراً 410 آلاف أفغاني، بينما أعادت باكستان 253 ألفاً آخرين.

وهذه، بالطبع، بلدان فقيرة. فالغالبية العظمى من اللاجئين ينتهي بهم الحال في البلدان الفقيرة المجاورة لبلدانهم التي يفرون منها. وعند الشعور بأن اللاجئين يشكلون عبئاً لا يطاق، سواء كان هذا صحيحاً أم لا، فإنهم يصبحون معرضين لخطر الطرد، بغض النظر عن الظروف السائدة في أوطانهم.

ولكن الدول الأوروبية لم تشترك إطلاقاً في عمليات طرد جماعي قسري. ولكنها أيضاً لم تشهد من قبل تدفقات مثل تلك التي شهدتها في عام 2015. وقد بدأت في ممارسة إعادة جزئية، إن لم تكن إجمالية للاجئين. وفي خريف 2016، استخرج الاتحاد الأوروبي من أفغانستان اتفاقاً لقبول وإعادة توطين لاجئين وصلوا إلى أوروبا. وعليه، فقد عاد نحو 10 آلاف في عام 2016. ومن بين هؤلاء، اعتبر أن 6900 شخص قد انتقلوا «طوعاً»، على رغم أن هذا يعني ببساطة أن المهاجرين قد اختاروا وقبلوا مساعدة متواضعة لإعادة التوطين بدلًا من المخاطرة بالعودة القسرية.

وبالطبع، فإن حالة العنف والفوضى التي أجبرت الناس على الفرار من أفغانستان قد ازدادت سوءاً في السنوات الأخيرة، ومع ذلك، فقد استند الاتحاد الأوروبي على مبدأ «البديل للفرار الداخلي»، الذي ينص على أنه في حين أن اللاجئين ربما لا يتمكنون من العودة إلى أماكنهم الفعلية، فمن الممكن إعادتهم إلى أماكن في بلادهم تعتبر آمنة. ومن هذه الأماكن كابول، التي تعد حالياً من أكثر المناطق عنفاً في أفغانستان. وقد أبرزت التقارير الإخبارية قصصاً أطفال عادوا إلى أماكن غريبة، ولاجئين قتلوا في هجمات تفجيرية، وما شابه ذلك، ويقال إن الطيارين الألمان قد رفضوا في أكثر من 220 مناسبة هذا العام نقل طالبي اللجوء إلى أفغانستان، وستمثل سوريا هدفاً أكثر إغراء من أفغانستان لإعادة اللاجئين.

وتجدر الإشارة إلى أن لدى ألمانيا نحو 200 ألف طالب لجوء أفغاني، وحوالي 600 ألف سوري، وبينما ازداد الصراع في أفغانستان، من المرجح أيضاً أن يبدأ نظام الأسد في استعادة قبضته على معظم أو حتى جميع أنحاء البلاد، بعد شن حرب عديمة الرحمة أدت إلى مقتل 400 ألف حتى الآن، وهذه الأنواع من التغييرات الأساسية في جميع أنحاء البلاد التي تشترطها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أجل ضمان عودة آمنة ربما لا تتحقق على مدى جيل، ولكن الدول الأوروبية، التي تتطلع إلى الحد من الضغط السياسي الناجم عن حالة الغضب بسبب وجود اللاجئين والمهاجرين، ربما تتعامل مع انتهاء الأعمال العدائية واسعة النطاق باعتباره معياراً كافياً لوحده.

وقد حصل العديد من اللاجئين السوريين على اللجوء لمدة عام واحد فقط، يعاد تجديده إذا لزم الأمر. ويود بعض وزراء داخلية المقاطعات في ألمانيا تقصير الفترة إلى ستة أشهر من أجل السماح ببدء عمليات الترحيل اعتباراً من شهر يونيو. وسيبدأون بأولئك المتهمين بارتكاب جرائم في أوروبا، وربما بعد ذلك البدء في ترحيل مجموعات أوسع. وكما هو الحال مع الأفغان، سيتم إرسال السوريين إلى مناطق تعد آمنة، أو إلى «مناطق عدم التصعيد» مثل محافظة إدلب التي تحكمها اتفاقيات هشة لوقف إطلاق النار.

والسؤال: هل سيكون من المقبول إجبار عائلات فرت من حلب على العودة إلى وطن تمت تسويته بالأرض بدعوى أن العنف قد تراجع؟ الجواب: لا بكل تأكيد، لأسباب قانونية وأخلاقية على حد السواء. فهل تغيرت الأسباب التي أجبرت اللاجئين على الفرار بشكل أساسي ومستمر؟ ففي سوريا، ينبع الخطر من نظام الأسد نفسه. وعلى رغم التوقف عن إلقاء البراميل المتفجرة على حلب، إلا أن العائدين إليها ربما يتعرضون لخطر الاضطهاد والموت على أيدي النظام وميليشياته. ولا يوجد أي جزء في سوريا من الممكن اعتباره آمناً طالما أن نظام الأسد يطمح في استعادة السيطرة بشكل كامل. وقد دعا تقرير أصدره مؤخراً معهد مختص إلى وضع حد للعودة القسرية إلى جميع البلدان التي تشهد نزاعات.

ومع هذا فالحل الأفضل أصلاً للاجئين هو العودة الطوعية. وعادة ما يدرك المرء أن العودة باتت آمنة عندما يعود اللاجئون من تلقاء أنفسهم، بتردد في البداية وبعد ذلك، بمجرد انتشار الأخبار. بيد أن هذا يكون صحيحاً فقط عندما يستقر اللاجئون قرب الحدود. وقد عاد معظم الأفغان إلى الوطن من باكستان عندما هزمت حركة «طالبان»، وعاد القليل من الفيتناميين الفارين إلى الغرب عندما تحسنت الظروف. وفي السنوات التي تلت ذلك، غيروا حياتهم ليتحولوا إلى ثقافة جديدة بشكل عام. ويمكن للمرء أن يتخيل الوضع بعد عدة سنوات من الآن -لا أحد يعلم عددها- بحيث يبدأ اللاجئون السوريون في لبنان والأردن وتركيا في العودة، بينما يبقى اللاجئون الذين فروا إلى أوروبا. لقد ذهب لاجئو 2015 إلى هناك لكي يبقوا في أوروبا، ما لم يتم طردهم.

إن المعاناة تكون في كثير من الأحيان هي أفضل معلم، وهناك درس مؤلم هنا لأوروبا. فالخطيئة التي نجمت عنها أزمة الهجرة هي الفشل في اتخاذ إجراء حاسم بينما كانت العاصفة لا تزال تلوح في الأفق. ولو كان الاتحاد الأوروبي قد اتخذ موقفاً جماعياً في 2014، لاستطاع أن يتجنب الفيضان البشري الفوضوي الذي أثار بدوره رد فعل سياسياً. فهل يمكن لأوروبا أن تتعلم هذا الدرس؟ ربما لا في الوقت الحالي على الأقل.

 

«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»