حمد عبد الله اللحيدان

اصبحت وتيرة الهجمات الالكترونية تتزايد وتتكرر بصورة تصاعدية، وهذا بدون شك يشير الى ان الارهاب يتلون ويأخذ صورا واشكالا متعددة كلها تصب في خانات متعددة تشمل التخريب والاستغلال والاستحواذ والهيمنة والابتزاز، وهذه الأمور كالعادة تبدأ بمبادرات فردية عبثية ومع استفحالها وتطورها يبدأ تبنيها من قبل منظمات وشركات ومراكز استخبارات، الهدف منها تحطيم الخصم، والفوز بقصب السبق حتى اذا اتت اكلها استساغتها دوائر اكبر واشمل ضمن دوائر الصراع والتنافس، واصبح هناك نوع من التحدي الالكتروني بين الاطراف المتصارعة مما حدا بالدول ذات الوعي التقني الى إنشاء جيش إلكتروني يسمى جيش السيبر يكون ملحقا بالجيوش النظامية او مستقلا، له اهداف متعددة منها ما هو شرعي. 

ومنها ما هو غير شرعي، ويشمل ذلك العمل على صد الهجمات الالكترونية او تنفيذ هجمات الكترونية او العمل على شل القدرات العسكرية الدفاعية والهجومية بالاضافة الى شل حركة المؤسسات الامنية والمدنية. 

ولعل ما نشاهده من هجمات الكترونية متكررة بمسميات مختلفة مثل "شارون والفدية" وغيرها لا تعدو كونها بروفات وتجارب ميدانية لبعض الفيروسات الالكترونية لدراسة مدى تأثيرها وانعكاساتها وبالتالي العمل على تطويرها، وهذا يعني ان عصر الارهاب الالكتروني قد بدأ بنشر ظلاله على كافة المستويات، وهذا نذير بتحوله من مجرد ارهاب الى حرب ضروس تعجز الدول والشعوب التي لم تستعد لها عن الوقاية منها يجعلها تقع ضحية لذلك المارد الذي بدا يفقس من البيضة ويتحول الى وحش كاسر لا يرده سوى العلم والمعرفة اللذين يستطيعان بناء اسوار وعوائق الكترونية على قدر عال من الكفاءة والندية بل المتفوقة، وهذا يدعونا الى المناداة بإنشاء جيش سيبر دون تأخير .خصوصا ان مختلف الدول والمؤسسات تسعى جاهدة الى امتلاك الأدوات والوسائل الخاصة بها للحماية من ذلك المارد الذي انطلق من عقاله واصبح وسيلة من لا وسيلة له للإضرار بالآخرين.

ان الارهاب وبالتالي الحروب الالكترونية فيها معتدٍ وفيها ضحية وهذا ما خلق اليوم سباق التسلح بالعلم والمعرفة الالكترونية على مستوى المؤسسات والشركات خصوصا المالية مثل البنوك المركزية والبنوك التجارية ومراكز الاستثمار والمؤسسات الخدمية والاعلامية وقبل ذلك وبعده المؤسسات العسكرية والامنية.

نعم ان العصر الحاضر اصبح عصر تقنية المعلومات، واصبحت جميع الفعاليات الحالية تعتمد على استخدام الحاسوب في كافة القطاعات مما ينذر باندثار المعاملات الورقية وحتى الصحف واخواتها بصورة تدريجية، ولن يتوقف الامر على ذلك بل سوف يتعداه الى النقود التي تتحول بصورة متسارعة الى عملات إلكترونية مما جعل تلك البنى مجتمعة او منفردة هدفا استراتيجياً سهلاً يعمل الارهابيون على اختراقه والتجسس عليه او تعطيله او تدميره، والحقيقة المرة أن مثل تلك الهجمات تمهد لما بعدها خصوصا في مجال الاستحواذ على الاموال من خلال سحبها وتحويلها الى حسابات اخرى، ومن ثم الاستيلاء عليها من خلال القرصنة الالكترونية المتقدمة.

وهذا ما يدعو جميع المؤسسات وخصوصا المالية منها الى عدم التخلي عن النظام الورقي بل ابقاؤه كاحتياط يتم اللجوء اليه في حالة الضرورة القصوى ناهيك عن العمل على تبني أنظمة الكترونية احتياطية داخلية متقدمة تكون بمعزل عن تلك الهجمات يركن اليها وقت الضرورة للمواجهة والحد من تأثير ما هو قادم من هجمات اشد وانكأ. ان التحسب للأسوأ جزء من الحذر الذي يجب ان نتحلى به ونضعه قاعدة للعمل .

ان الارهاب الالكتروني لم يعد يقتصر على ما نشاهده من هجمات الكترونية، ومن اساءة استخدام لوسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ومدونات ووتس اب وغيرها، بل سوف يستحدث ما هو اشد وانكأ ضررا منها. وهذا يدعونا إلى إنشاء جيش سيبر على مستوى كل من الدولة والمؤسسات للوقاية والهجوم المضاد للدفاع وصد ذلك الارهاب والحرب التي تتطور بصورة متسارعة الى ما هو اكبر ضررا وأبلغ أثرا واشد تأثيرا.

حمى الله بلادنا ومؤسساتنا من كيد الأعداء وتخطيط البغاة ورد تخطيطهم في نحورهم ان شاء الله.

والله المستعان