أحمد الغز

اعتبر خالد الفيصل أن اختيار الرئيس ترمب أن تكون زيارته الخارجية الأولى إلى السعودية للقاء الملك سلمان وقادة العرب والمسلمين، هو أشبه باختيار الرئيس روزفلت زيارة المملكة ولقاء مؤسسها الملك عبدالعزيز

 كنت أتمنّى ألاّ تصادف مقالتي الأسبوعية اليوم، السبت 20 مايو 2017، بالتزامن مع لحظة وقوع الحدث الكبير، إذ سيحضر إلى الرياض الرئيس الأميركي مع ثلاثة وأربعين رئيس دولة وحكومة عربية وإسلامية للمشاركة في القمة العربية الإسلامية الأميركية. ولكلّ دولة أو شعب من المشاركين في القمّة مساهماته وانتظاراته الخاصة، وعلى وجه الخصوص شعوب دول النزاع العربي، وفي مقدّمتها الشعب الفلسطيني.
كنت أفضّل أن تكون هذه المقالة مباشرة بعد معرفة نتائج القمّة وتوجّهاتها، بحيث تسهل التحليلات والتوقعات، أمّا وقد صادفت صبيحة هذا اليوم الكبير فإنني أشعر بثقل هذا اليوم، ومدى صعوبة التعامل معه. وهذا ما جعلني أفكّر بالأعباء الملقاة على دولة الحدث، أي القيادة والشعب السعودي، وهذا ما دفعني إلى السؤال: ماذا لو كنت سعودياً؟ وكيف كنت سأتعامل مع هذا اليوم؟ 
لو كنتُ سعوديّا، كنتُ سأشعر بهول حضور مئات الملايين من العرب والمسلمين، أي ما يقارب المليار من الشعوب العربية والإسلامية التي ستكون حاضرة في الرياض، من خلال قادتها وهي تحمل معها ماضيها وحاضرها وهموم مستقبلها، بلغاتها وألوانها وثقافاتها وخلافاتها وأولوياتها. وممّا لا شكّ فيه أنّ مجرد التفكير بكل هذه الشعوب القادمة إلى المملكة العربية السعودية هو أمر غاية في الدقة والمسؤولية على القيادة والشعب السعودي. 
لو كنت سعودياً في مثل هذا اليوم، كنت سأفكّر بالجامعة العربية بعد اثنين وسبعين عاما من تأسيسها عام 1945 وميثاقها وبروتوكولها ومعه معاهدة الدفاع العربي المشترك التي وقعت عام 1950. ورغم ذلك بقيت جامعة الدول العربية بدون ذراع دفاعية تستطيع من خلالها حماية دولها ومجتمعاتها من أي تدخل خارجي يستهدف أمنها واستقرارها، كما فعلت قوات درع الخليج في البحرين، ثم التحالف العربي في اليمن، حيث التقت إرادة عشر دول عربية، وهي الدول الخليجية الست وكلّ من مصر والسودان والأردن والمغرب، بقيادة السعودية، من أجل حماية الشرعية اليمنية من السقوط والانهيار. وبذلك، أصبحت دول التحالف العربي اليوم القاطرة الجديدة للنظام العربي ونواة القوة العربية المشتركة. 
لو كنت سعوديا لفكّرت بمنظمة التعاون الإسلامي والتي أنشئت في قمة المؤتمر الإسلامي في الرباط عام 1969 على إثر الحريق في المسجد الأقصى في القدس الشريف. وقد أسست لها منظمات ثقافية ومصرفية وبقيت من دون ذراع رادع، حتى جاء إعلان التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة السعودية، والذي انطلق من مناورات حفر الباطن العام الماضي، وضمّ اثنتين وأربعين دولة إسلامية، وذلك بعد التحالف العسكري العربي في اليمن. وبذلك يكون كلا التحالفين العسكريين يشكّلان اليوم الأساس للقمة العربية الإسلامية، وحولهما تدور الأحاديث عن النيتو العربي الإسلامي في القمة الحالية. لو كنت سعودياً اليوم السبت 20 مايو 2017، لأدركت حجم المسؤولية الملقاة على عاتق القيادة والشعب السعودي تجاه المجتمعات العربية والإسلامية. وقد توقفت عند حديث الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين في ملتقى مكة التثقيفي التشكيلي في جدة، حول مقارعة الفكر بالفكر، شارحاً الأسس التي قامت عليها المملكة العربية السعودية، وهي القرآن والسنّة وراية التوحيد «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وأول دولة تضع صفة العربية في اسمها. واعتبر سموّه أن اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن تكون زيارته الخارجية الأولى إلى المملكة العربية السعودية للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وقادة العرب والمسلمين في الرياض، هو أشبه باختيار الرئيس الأميركي روزفلت زيارة المملكة العربية السعودية ولقاء مؤسسها الملك عبدالعزيز ومجتمعها.
لو كنت سعوديا اليوم لأدركت أن العالم كلّه، بقادته وحكوماته وإعلامه واقتصاديّيه وعسكريّيه ومفكّريه، جميعهم بدءاً من اليوم يتابعون باهتمام كبير قمة الرياض الحدث، وما سينتج عنها ليبنوا على الشيء مقتضاه، من تدابير وسياسات ومواجهات واستثمارات. 
لو كنت سعوديا لشعرت بتلك الثقة الكبيرة التي يوليها القادة العرب والمسلمون وشعوبهم بالقيادة والشعب السعودي. لو كنت سعوديا اليوم لشعرت بالكثير من الرضا والاعتزاز والتواضع والمسؤولية.