نجح رئيسا الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري في ضبط إيقاع ردود الفعل المتباينة حيال بيان القمة العربية- الإسلامية- الأميركية التي استضافتها المملكة العربية السعودية في الرياض الأحد الماضي، وتمكنا من خلال موقفهما المشترك في جلسة مجلس الوزراء أمس من استيعابها وقطع الطريق على إقحام المجلس في اشتباك سياسي، بتأكيدهما في مستهل الجلسة، «نحن في لبنان نلتزم ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري للحكومة، خصوصاً اعتماد سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن النزاعات في المنطقة».

لكن ضبط إيقاع الجلسة لم يمنع وزيري «حزب الله» محمد فنيش وحسين الحاج حسن والوزير علي قانصو (الحزب السوري القومي الاجتماعي) من توجيه انتقادات للبيان، وإن بلهجة هادئة لم يتعرضوا فيها إلى انتقاد الدولة المضيفة للمؤتمر المملكة العربية السعودية.

وتميزت الجلسة التي تم فيها التجديد لرياض سلامة لولاية جديدة (6 سنوات) على رأس حاكمية «مصرف لبنان» بناء لاقتراح رئيس الجمهورية في الدقيقة الأخيرة من الجلسة من دون أن يلقى أي اعتراض من الوزراء، بترحيل السجال الدائر حول قانون الانتخاب عن مداولات الوزراء قبل البدء بإقرار جدول أعمال الجلسة، ولم يحضر على لسان رئيسي الجمهورية والحكومة.

وفي هذا السياق، لفت عون إلى «أن لدى الأطراف السياسيين ومجلس النواب مهلة حتى 20 حزيران (يونيو) المقبل للتوصل إلى اتفاق حتى لا يحصل الفراغ، ونأمل بأن يقر البرلمان صيغة لقانون الانتخاب»، ما اعتبره عدد من الوزراء تأييداً لفتح دورة استثنائية للمجلس النيابي تبدأ فور انتهاء ولايته الممدد لها في 31 أيار (مايو) الجاري.

ورأى هؤلاء الوزراء أن استعداد عون، بالتفاهم مع رئيس الحكومة سعد الحريري، على فتح دورة استثنائية يعكس المناخ السائد بين أعضاء الحكومة الذين أكدوا لـ «الحياة» أن فتحها بات حتمياً، وأن لا مفر منه وأن رئيسي الجمهورية والحكومة على تعهدهما في هذا الخصوص.

ولفت الوزراء أنفسهم إلى أن فتح الدورة الاستثنائية هو بمثابة تأجيل للمشكلة إذا لم يتم التعامل معها على أنها تمديد للوقت لعلها تؤدي إلى تجديد المشاورات للتوافق على قانون جديد.

بدوره، شدد الحريري على ضرورة التوصل إلى إقرار قانون انتخاب جديد لأنه لا أحد يرضى بالفراغ أو بالستين.

وكان مجلس الوزراء التأم في جلسته العادية قبل ظهر أمس في القصر الجمهوري برئاسة عون وحضور الحريري. وسبقتها خلوة بينهما تم خلالها البحث في الأوضاع العامة وآخر المستجدات.

وبعد انتهاء الجلسة، قال وزير الإعلام ملحم الرياشي إن الرئيس عون هنأ في مستهل الجلسة، اللبنانيين بقرب حلول شهر رمضان المبارك، متمنياً أن يتم خلاله الاتفاق على قانون للانتخابات.

أضاف: «يحتفل لبنان غداً بذكرى التحرير ونحيّي في هذه المناسبة ذكرى شهداء الجيش والمقاومة والأهالي الذين سقطوا دفاعاً عن الأرض وتحقيقاً للتحرير، علماً أن الفرحة لن تكتمل إلا بتحرير الأراضي اللبنانية التي لا تزال محتلة».

 

«ملتزمون القسم والبيان الوزاري»

وعن القمة التي عقدت في الرياض وما حصل فيها من ملابسات، لاسيما لجهة البيان الذي صدر، قال: «البيان صدر بعد مغادرة الرؤساء والوزراء، في أي حال نحن ملتزمون ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري».

وتناول رئيس الجمهورية الوضع الأمني الذي قال عنه انه «مستتب». وأبلغ مجلس الوزراء انه دعا الى «عقد اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع (غداً) الجمعة للبحث في الأوضاع الأمنية والإجراءات الواجب اتخاذها لاسيما خلال شهر رمضان المبارك».

وتناول عون موضوع قانون الانتخابات النيابية فقال: «سبق أن ذكرت أنه لا تزال لدينا مهلة حتى 20 حزيران(يونيو) المقبل، للوصول الى اتفاق على قانون انتخابي جديد. وسبق أن أعطينا مهلة إضافية للمجلس النيابي عندما استخدمنا المادة 59 من الدستور، ولن نترك أي فترة تمر يكون فيها فراغ في مجلس النواب، وسنعمل على الوصول الى صيغة للقانون، لأن هذا هو هدفنا في المرحلة الراهنة وهو هدف أساسي، أي التوصل الى قانون جديد».

وتحدث الرئيس الحريري مهنئاً اللبنانيين بحلول شهر رمضان المبارك، كما هنأ بحلول عيد التحرير الذي وصفه بـ «الإنجاز الكبير الذي حققه اللبنانيون في تحرير أرضهم من الاحتلال الإسرائيلي بفضل وحدتهم الوطنية وموقفهم الموحد حيال العدو الإسرائيلي».

 

«ليس ملزماً»

ثم تحدث عن مؤتمر الرياض ومشاركة لبنان فيه، فأشار الى «التزام لبنان ميثاق جامعة الدول العربية وانتماء لبنان العربي وحرصه الدائم على ترميم العلاقات مع كل الدول العربية وبقية الدول». وأكد أن «الإعلان الذي صدر ليس ملزماً، وما يهمنا هو وحدتنا الوطنية والمواقف المحددة في خطاب القسم، والبيان الوزاري وما ورد فيهما واضح والمهم أن يستمر الجو الإيجابي بين كل الأطراف السياسية وتحييد لبنان من المشاكل التي تدور حوله».

وأضاف: «وجودنا في المملكة العربية السعودية أفسح في المجال أمام لقاءات مع عدد من الملوك والرؤساء وتداولنا معهم في الأوضاع العامة ودعوناهم الى زيارة لبنان. كما اتفقنا مع المسؤولين السعوديين على عقد اجتماع للجنة الاقتصادية العليا خلال شهر رمضان المبارك».

وتحدث الحريري عن موضوع قانون الانتخابات فقال: «يجب أن نصل الى قانون جديد بشتى الوسائل لأن عدم التوصل الى اتفاق حوله يضع اللبنانيين في مكان لا يرتضي به أحد، لاسيما الوصول الى الفراغ أو العودة الى قانون الـ60. بالنسبة إليّ هناك فرصة حقيقية لإنجاز هذا القانون ويجب أن ننجزه وأن نعمل جميعاً من أجل ذلك، والرئيس يريد الوصول الى قانون جديد». ولفت الى أن «في المنطقة متغيرات عدة وعلينا أن نحيّد لبنان حتى لا يكون جزءاً من أي صراع أو خلاف. إن سياستنا النأي بالنفس لتجنيب لبنان أي دخول مع طرف ضد آخر وهذا هو الأساس».

بعد ذلك، ناقش مجلس الوزراء جدول الأعمال من 36 بنداً إضافة الى بنود طارئة. واتخذ في شأنه القرارات المناسبة.

وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد انتهاء الجلسة أن «هناك مساعيَ لفتح دورة استثنائية للمجلس النيابي، وفي حال عدم الاتفاق على قانون فالانتخابات في أيلول(سبتمبر) على قانون الستين».

أما وزير التربية مروان حمادة الذي سئل: أنتم مسرورون لأن الانتخابات ستكون وفق الستين؟، فقال: «نحن في اللقاء الديموقراطي لم نطالب ولا مرة باعتماد الستين. وإذا راجعتم مواقفنا تتأكدون من ذلك».

أضاف: «نحن لا مانع لدينا من اعتماد النسبية، على أن يصار الى توافق على تقسيم الدوائر الانتخابية، وشرط ألا يتسلل اليها القانون الأرثوذكسي طائفياً ومذهبياً».

وكان الحريري رعى مساء أول من أمس حفلة تخرج نجله البكر حسام من مدارس نجد في الرياض في المملكة العربية السعودية.