أبها: سلمان عسكر

في الوقت الذي تعيث فيه الميليشيات الانقلابية في اليمن فسادا وإفسادا لكل ما تبقى من مقدرات داخل البلاد، مع استمرار فوضى السلطة وانتشار الأمراض والجوع بين أبناء المحافظات، أظهرت تصريحات أدلى بها محافظ تعز المعين من طرف الحوثيين والمقرب الخاص من المخلوع علي عبد الله صالح، عبده الجندي، تناقضات صارخة في عملية تسيير الانقلابيين للشؤون الإدارية والميدانية في المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم.
واعترف الجندي في تصريح خاص إلى «الوطن» بتعيين نجله مديرا لمكتبه، بعد أن كان يدعي محاربة الفساد بشكل علني داخل المحافظة، فضلا عن تبريره لكل الاتهامات التي تلاحقه والتي تتعلق بسرقته لأراضي الأوقاف وغيرها، بأن عمله يقتصر على إدخال وإخراج الخطابات من مكتبه وإليه.

التراجع عن التصريحات
أكد الجندي في معرض حديثه، بأنه لم يتسلم مرتباته حتى اللحظة، فيما أصر على وصف الوضع الحالي في مدينة تعز بالمستقر والآمن، وأن المستشفيات والمدارس تعمل على أكمل وجه، إلا أنه عاد واعترف بأن المدينة تعيش حالة دمار بالكامل، فضلا عن تزايد حالات الفقر والأمراض، ملقيا باللوم على المخلوع صالح لاستذكاره مواقف قطر وتوجهاتها، واعتبر أن ذلك قد مضى خلال حقبة تاريخية معينة.

إنكار الحصار
أضاف الجندي متناقضا مع اعترافه السابق بحصار تعز «نحن فتحنا منفذا إلى تعز من أجل التواصل بين المدينة وباقي المحافظات، وهنالك منفذ يمر عن طريق منطقة صالح ولا يستغرق أكثر من ربع ساعة، ولكن الناس رفضوا الدخول، ويدعون أنهم محاصرون، إنهم يريدون إظهار ذلك أمام المجتمع الدولي»، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب فتحت منفذا على منطقة سارة ويصل الى شارع الستين، ويدخله المواطن بكل يسر إلا أن المواطنين رفضوا ذلك -حسب تعبيره-، مشددا على أنه لامانع من إنهاء الحرب في أي وقت.

تأكيد هزائم الانقلابيين
رغم الإنكار الدائم الذي يفتعله المتمردون حول القصر الجمهوري في تعز، قال الجندي «إن السيطرة على القصر الجمهوري لم تعد مهمة، وذلك بفعل الدمار الذي لحق به نتيجة الحرب»، لافتا إلى أن جل المنشآت ومعها مقر الحرس أصبحت منهوبة، واصفا الدمار الذي لحق بالمدينة بأنه أشبه بقرون ما قبل الميلاد. وأكد الجندي في حديثه أن العناصر الانقلابية لم تتبق لها أي معسكرات أو دبابات، مشيرا إلى أنهم يقاتلون بحسب وصفهم «حفاة عراة» دون وجود أي مقرات عسكرية تحصنهم، لافتا إلى أن عملية استهداف قائد المنطقة الرابعة أبو علي الحاكم، دفعت بالانقلابيين إلى نقله لمنطقة أخرى، حينما كان هو قائدا للموكب، مجددا التأكيد على أنه ليس عنصرا في جماعة الحوثي وإنما تابع لحزب المؤتمر الشعبي العام.

تجنب المواجهة مع السعودية
أردف الجندي بالقول «أنا مؤتمري مع علي صالح، ومن عينني في منصبي هم الحوثيون» لافتا إلى أنه نصح الحوثي بضرورة وجود علاقة تفاهم بينه وبين حكومة المملكة، وضرورة تجنب المواجهات معها، مؤكدا له أن السعودية قوة لايجب أن يستهان بها.

الانتقادات للمخلوع
أشار الجندي إلى أن علي صالح كان عليه ألا يتهم قطر بدعم القاعدة وتدخلاتها في اليمن خلال المرحلة الحالية وأن ينسى الماضي، لافتا إلى أن الساسة القطريين وقناة الجزيرة، لا يعدوان كونهما المدافعين الأبرز لحركة الإخوان الإرهابية في المنطقة، وأن سياسة قطر في اليمن هي الدفاع عن أجندة الحركة فقط. وأضاف الجندي «علي صالح تعرفه حكومة المملكة أكثر منا، وبينهم من العلاقات التي تمتد إلى أكثر من 33 سنة»، لافتا إلى أن صالح لا يشكل خطرا أو تهديدا مباشرا لأمن المملكة. وأردف الجندي بالقول «أنا أقولها وبكل صراحة وشجاعة ولا أخشى أحدا سواء من الحوثيين أو المؤتمريين، لا نستطيع أن نزيل آل سعود من الخارطة أو إبعادهم من الحكم، وبالتالي وقعت الواقعة ودخلنا في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل».

الاستعداد للاستقالة
أشار الجندي في حديثه إلى أنه إذا أوقفت الحرب في اليمن، فإنه سوف يقدم استقالته مباشرة، لافتا إلى أن المجلس المحلي سوف يقرر اختيار الشخصية الأنسب لمنصب المحافظ، مرشحا محافظ تعز المعين من الشرعية علي المعمري لأن يكون رئيسا للمجلس المحلي بمجرد توقف الحرب، التي وصفها بأنها في الجبهات وليست داخل تعز.

مزاعم محاربة الفساد
فيما زعم الجندي محاربة الفساد والمحسوبيات، اعترف بتعيين ابنه مديرا لمكتب المحافظ، مبررا بأن مهمة مدير المكتب تقتصر فقط على إدخال الأوراق وإخراجها للمحافظ، مبديا استياءه من غياب الإمكانيات الضرورية التي يحتاجها المحافظ في مكتبه، مشيرا إلى أنه لا يتلقى أي دعم من حكومة الانقلاب. وأشار الجندي إلى أنه لم يستلم راتبه منذ سنتين، وأن الوظائف أصبحت لا تعطي مبالغ مالية كافية، لافتا إلى أن عملية إزالة البنك المركزي من سطوة الانقلاب في صنعاء ونقله إلى عدن زاد من التحديات أمام حكومة الانقلاب، مبينا أن الانقلابيين سلموه منذ تعيينه مبلغ 4 ملايين ريال يمني «60 ألف ريال سعودي» وتم صرفها كاملة في الطريق. -حسب وصفه-.

 فساد أتباع الجندي
من جانب آخر، قال مصدر مطلع في مدينة تعز «إن نجل المحافظ رامي عبده الجندي الذي يعتبر الحاكم الفعلي للمحافظة، قام بتعيين أحد الموالين للحوثيين يدعى أنس الأهدل في منصب مساعد مدير الصناعة والتجارة، مشيرا إلى أنه قام بعمليات ابتزاز للتجار وفرض مبلغ 100 ألف ريال يمني يوميا، بالإضافة إلى اقتحام محطات الغاز عنوة، مؤكدا أن عمليات الفساد التي يمارسها نجل المحافظ لا تختلف عما يقوم به الانقلابيون في صنعاء، من نهب للأراضي والعقارات وسرقة مصانع وتجار وغيرها.

أوضاع كارثية 
في غضون ذلك، كشف عدد من مواطني محافظة تعز حقيقة ما يدور في المحافظة، مختلفين تماما مع تصريحات عبده الجندي، واصفين الوضع الميداني بالمأساوي.
وأوضح المواطن أحمد المصهبي وهو أحد سكان المحافظة، أن المستشفيات داخل المدينة معطلة، وأن هنالك 3 مستشفيات فقط تستقبل جرحى الجبهات، مبينا أن المدينة باتت تشهد حالات تهجير كبيرة، وأن المعلمين تم استبدالهم في المدارس بعد أن أصابها الشلل التام. ولفت المصهبي إلى أن الكثير من الأطباء غادروا تعز مع وجود حالات تضييق كبيرة، مؤكدا أن المرتبات متوقفة بشكل تام ويعيش سكان المدينة حالات معيشية متدنية.
وأكد المصهبي أن مساعدات مركز الملك سلمان خففت الكثير من المعاناة داخل المدينة، بعد أن يتم توزيعها عن طريق اللجنة، حيث تصل سلات كبيرة لإعانة السكان، وبعضها يتم نهبه من طرف جماعة الحوثي ويتصرفون فيها داخل المدينة.

محافظ شرعي
بدورها، تواصلت «الوطن» مع محافظ محافظة تعز المعين من الحكومة الشرعية علي المعمري، لأخذ تصريحاته حول ادعاءات الجندي، إلا أنها لم تتلق أي تعقيب، حيث رفض التجاوب بسبب اجتماعاته تارة، وانشغالاته مع الرئيس تارة ثانية، وإغلاق هاتفه أو عدم الرد على الاتصالات تارة ثالثة.

 تباين وتناقض تصريحات محافظ تعز
«يوجد حصار في مدينة تعز» «فتحنا عدة منافذ لكن المواطنين رافضون»

«نحن نحارب الفساد والمحسوبية» «منصب ابني يقتصر على إدخال الأوراق وإخراجها»

«الوضع في تعز مستقر وآمن» «جل المنشآت في تعز أصبحت منهوبة»

«الحرب في الجبهات وليست في تعز» «العناصر المسلحة أصبحوا يقاتلون حفاة عراة»

«لم أستلم راتبي منذ تعييني» «تم تسليمي مبلغ 4 ملايين ريال وصرفتها كلها»