لواء. محمد عبدالمقصود

&دعا الأردن جامعة الدول العربية إلى عقد جلسة خاصة لوزراء الخارجية العرب لمناقشة موضوع «نقص الدعم الماليب»الذى يواجه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على هامش اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزارى الذى سيعقد غدا بالقاهرة، وذلك عقب توقف الولايات المتحدة عن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهو القرار الذى يفتقر للمسئولية والحس الإنسانى والأخلاقي، حيث تخلت الولايات المتحدة بهذا الإجراء الظالم عن مسئوليتها السياسية والأخلاقية إزاء مأساة اللاجئين الفلسطينيين، فى ظل مزاعم السفير الأمريكى فى إسرائيل بتوظيف الأونروا هذا التمويل لمساعدة الارهابيين وعائلاتهم، ولتكريس مكانة اللاجئ بدلًا من القضاء عليه، ولتمويل كتب تدريسية مليئة بالكراهية، وأن الأونروا تعمل على ادامة قضية اللاجئين من خلال تقديم الخدمات الى أحفاد اللاجئين الاصليين منذ عام 1948، وبما يتسق مع الدعوات الاسرائيلية لإنهاء عمل الأونروا، والذى تتبناه الإدارة الأمريكية ومجلس نوابها رسميا الآن، من خلال المطالبة بتقليص عدد اللاجئين الفلسطينيين من خمسة ملايين إلى أربعين ألفاً فقط.

ويكتسب التحرك الأردنى أهمية خاصة حيث يتحمل الأردن ما يزيد على نصف مليار دولار أمريكى سنوياً من النفقات المالية فى العديد من المرافق التعليمية والصحية والخدمات الأخرى لوكالة الأونروا التى تشكل منظومة حياتية متعددة الجوانب لكل أسرة فلسطينية تتمتع بصفة لاجئ منذ وجدت هذه القضية عام 1948 بسبب الاحتلال الاسرائيلى للأراضى الفلسطينية، وبالتالى فإن قرار ترامب بإيقاف دعم الأونروا بتحريض ومباركة يمينية إسرائيلية، لن يلغى وجود 5 ملايين انسان فلسطينى له مسمى لاجئ ويستفيد من الأونروا، إنما سيهدد أمن الشرق الأوسط واستقراره بالكامل، خاصة مع قرب بدء العام الدراسى الجديد، وتخوف نحو نصف مليون طالب فى قطاع غزة، الضفة الغربية والقدس، سوريا ولبنان والأردن من توقف الدراسة، الأمر الذى يفتح المجال أمام زيادة التطرف داخل أوساط اللاجئين، خاصة أن الخطوة الامريكية الجديدة بوقف المساعدات للفلسطينيين ووكالة الاونروا، ستعمق الأزمة الاقتصادية فى الضفة الغربية وقطاع غزة، وستؤثر على حياة ومعيشة اللاجئين الفلسطينيين، وبما يتطلب اتخاذ الإجراءات والتدابير التى تحول دون انهيار الأونروا الذى يهدد المجتمع الفلسطيني، سواء لتراجع المعونات والخدمات التى تقدمها الوكالة، أو لارتباط تأسيس الأونروا بقضية اللاجئين تنفيذا للقرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.

الدعم الامريكى للأونروا بعد أن شهد زيادة بنسبة 49% عام 2014 وصل الى 375 مليون دولار سنويا للسنوات الاربع الأخيرة (2014-2017)، وبما يشكل نحو40% من حجم موازنة الاونروا، يُثير الكثير من الاسئلة حول دوافعها وأهدافها الرامية لابتزاز القيادة الفلسطينية، حيث أدت إلى تزيد اعتماد الأونروا على الدعم الأمريكي، ويبدو ان هذا التوجه الامريكى الخطير قد بدأ تنفيذه عمليا عندما أعلن «ترامب» فى يناير 2018 تخفيضا كبيرا فى المساعدات المقدمة للأونروا التى تعانى أصلا عجز افى موازنتها، ثم إعلان عن توقفها نهائيا الأسبوع الماضى، لاسيما وأن أمريكا واسرائيل تستغلان حالة الضعف الداخلى الفلسطينى والمتغيرات العربية والإقليمية لفرض حلولهما المستهدفة، تصفية أهم مقومات القضية الفلسطينية بشكل نهائي، والتى بدأت باتخاذ الإدارة الأمريكية لعدد من الإجراءات، وبشكل مشترك مع حكومة نيتانياهو، سواء بمنع التحويلات المالية إلى حساب الوكالة، ومنع دخول مسئولى الأونروا الأراضى الفلسطينية، وإيقاف كل التسهيلات المتعلقة بالأونروا، فضلا عن ممارسة الضغوط على الدول لمنع تقديم المساعدة المادية والمعنوية والصحية والتعليمية، ووقف كل ما يسهم فى مساعدة اللاجئين الفلسطينيين. ورغم ما تشكله الإجراءات الأمريكية من خطيئة فى حق القضية الفلسطينية، فإن الفلسطينيين ارتكبوا العديد من الخطايا التى هيأت المجال لكل من واشنطن وتل أبيب لتضييع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، فى ظل استمرار سياسة الاستقطاب الثنائى بين فتح وحماس وحالة الانقسام السياسى والجغرافى التى يمر بها النظام الفلسطينى، وتصاعد العنف والجريمة وانتشار الفساد، وتفكك النسيج المجتمعي، خاصة بقطاع غزة، إضافة إلى عدم قيام الحكومات الفلسطينية فى الضفة والقطاع بأى جهد لتعزيز القدرات الذاتية فى مجالى التعليم والصحة بل وتحميل الأونروا تلك الخدمات للمواطنين الفلسطينيين المقيمين فى حدود كيلومترين من مدارس الأونروا، فضلا عن عدم اتخاذ القيادة الفلسطينية خطوات جادة سواء للانضمام للمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة بما فيها المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة رؤساء الحكومات الإسرائيلية على الجرائم المرتكبة فى حق الشعب الفلسطينى بالمناطق المحتلة والشتات، أو الارتقاء بمكانة الدولة الفلسطينية لتوسيع دائرة الاعتراف الدولى بها باعتبارها عوامل تصب فى خدمة المشروع المعادى للقضية الفلسطينية.

المواقف التى عبرت عنها القوى الدولية برفض مايحدث حاليا من محاولات لتسييس وتطويع المؤسسات والقرارات الدولية والقانون الدولى لخدمة إسرائيل، يستدعى تبنى مسارات الحركة التالية:

فلسطينيا: بتنظيم المسيرات الشعبية والتجمع أمام المؤسسات الدولية فى جميع دول العالم وبشكل خاص فى الدول التى تستضيف اللاجئين الفلسطينيين، مع استغلال الرئيس الفلسطينى لمشاركته فى اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنيويورك خلال الشهر الحالى لكسب مساندة القوى الدولية لإعلان إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، بالتوازى مع تخلى قيادات حماس عن أطماعها فى السيطرة والاستحواذ على المؤسسات الفلسطينية، والإسراع بتوحيد الصف الفلسطينى.

عربيا: بوقوف الدول العربية ونظامها السياسى سياسيا وماديا ومعنويا خلف الشعب الفلسطينى لتمكينه من تقرير مصيره، واستعادة حقوقه المشروعة بما فيها حق اللاجئين الفلسطينيين فى العودة للأراضى المحتلة، وتعويضهم عن المعاناة التى تعرضوا لها بسبب الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية، مع قيام مختلف وسائل الإعلام العربية بفضح سياسات التحريض الأمريكية التى تستهدف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا.

دوليا: بتكثيف جهود الرباعية الدولية وكل من الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ودول الاتحاد الأوروبى لحشد إرادة المجتمع الدولى لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، بما فيها القرار 194 الذى يقضى بحق العودة للاجئين، وتعويض من يفضل منهم البقاء فى الدول المضيفة.