&في الوقت الذي كان الاهتمام الفلسطيني في الداخل والخارج منصباً على حشد التأييد والدعم العربي والدولي لقضية اللاجئين وحق العودة من بوابة دعم الأونروا في مواجهة أزمتها المالية المتفاقمة بعد قرار الإدارة الأميركية منع التمويل عنها، خرق هذا الاهتمام حدث أمني أطل من بوابة عين الحلوة وتمثل في عملية اغتيال الفلسطيني هيثم السعدي بإطلاق النار عليه من قبل أحد المطلوبين البارزين والذي تردد أنه يدعى «محمد أ.» عند مدخل حي الصفصاف، وذلك بعد فترة هدوء أمني طويلة نسبياً نعم بها المخيم على مدى الأشهر القليلة الماضية.

وبحسب مصادر فلسطينية فقد تضاربت حول ظروف وأسباب الجريمة، روايتان: الأولى أن ما جرى كان وليد لحظته وأن السعدي كان يقود سيارة اجتاح بها حاجزاً حديدياً عند مدخل حي الصفصاف من جهة الشارع الفوقاني، فسارع الفلسطيني «محمد أ.» لإطلاق النار عليه فأرداه. والرواية الثانية أن اغتيال السعدي كان مقصوداً لكونه يتعاون مع أجهزة أمنية لبنانية!. وفق المصادر نفسها.

وترى أوساط مراقبة للوضع في المخيم أنه بغضّ النظر عن ظروف أو أسباب او خلفيات هذه الجريمة، إلا أن توقيتها ومكانها في آن طرحا أكثر من علامة استفهام حول استهدافاتها الحقيقية خاصة وانها تأتي في مرحلة على قدر كبير من الدقة تمر بها قضية اللاجئين الفلسطينيين برمتها عنوانها المعلن الأزمة المالية للأونروا، وغير المعلن هو ما يتوجسه اللاجئون أنفسهم من محاولة لشطب حق العودة، وما يسجّل بالمقابل ولأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية وتاريخ العلاقة بين اللاجئين والوكالة التي انشئت لأجلهم الأونروا من توحد في الموقف بمواجهة القرار الأميركي وتنسيق للجهود الهادفة لحث الدول المانحة على سد عجز الوكالة بما يعني ذلك دعماً لقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم، فجاءت عملية الاغتيال في عين الحلوة وكأنها محاولة لحرف الأنظار عن القضية الأساس إلى إعادة تسليط الضوء على المخيمات من المنظار الأمني.

كما توقفت هذه الأوساط عند كون هذا الاغتيال هو الأول الذي يشهده المخيم منذ إعادة إحياء الأطر الفلسطينية المشتركة على صعيد لبنان والمخيمات تحت إطار ما أطلق عليه هيئة العمل الفلسطيني المشترك بعد جهود مع مختلف الأفرقاء الفلسطينيين في لبنان قادها ورعاها الرئيس نبيه بري، فوضعت عملية الاغتيال هذه الهيئة وإن عبر نطاقها التمثيلي في منطقة صيدا أمام أول اختبار لقدرتها على الإمساك بزمام الأوضاع في المخيمات وخاصة عين الحلوة. حيث عقدت القيادة السياسية الفلسطينية المشتركة اجتماعاً لها مساءً في المخيم لتدارس الوضع الأمني المستجد في ضوء هذه الجريمة وبمشاركة ممثلين عن عائلتي المغدور والمشتبه به بإطلاق النار.

الأمر الثالث بحسب الأوساط نفسها هو أن الجريمة وقعت عند تخوم معقل القوى الإسلامية الفلسطينية التي باتت جزءاً اساسياً من الأطر الفلسطينية المشتركة ولا سيما عصبة الأنصار التي يعتبر كثيرون أنه بات لها دور أساسي في تثبيت الأمن والاستقرار في المخيم وبالتالي، شكّلت عملية الاغتيال إحراجاً لها كون من أطلق النار خرج من معقلها (حي الصفصاف). إلى جانب أنها أي العصبة وجدت نفسها أيضاً في موقع المصاب بهذه العملية باعتبار أن المغدور السعدي هو قريب للمسؤول في العصبة أبو طارق السعدي.

إزاء كل تلك المعطيات تعتبر مصادر مطلعة، أن عملية الاغتيال هذه وضعت القوى الإسلامية الفلسطينية في المخيم وضمناً عصبة الأنصار أمام أبناء المخيم في موقع المطالَب باتخاذ موقف حازم مما جرى، باستنكار الجريمة وطلب تسليم مطلق النار، أو بالعودة إلى الحلقة المفرغة السابقة التي كان يمر بها التعاطي مع عمليات اغتيال من هذا النوع بتشكيل لجنة تحقيق واعتبار مطلق النار متوارياً مطلوب القاء القبض عليه. وفي كلا الحالتين- تضيف المصادر - يبقي هكذا خيار الوضع في المخيم مفتوحاً من جديد على احتمال تكرار ما جرى خاصة وان المشتبه فيه بارتكاب هذه الجريمة سبق وتورط في حوادث أمنية عدة شهدها المخيم.