&رندة تقي الدين&

تعقد لجنة وزارية لمنتجي النفط المتحالفين لتخفيض الإنتاج اجتماعاً في الجزائر يوم الأحد برئاسة أهم دولتين نفطيتين السعودية وروسيا ممثلتين بوزيري نفط الدولتين خالد الفالح وألكساندر نوفاك اللذان منذ سنتين أصبحا شركاء في العمل على منع انهيار أسعار النفط واستقرار الأسواق. ويحضر اجتماع الجزائر ممثلون عن 21 دولة منتجة من "أوبك" وخارجها أصبحت جزءاً من التحالف النفطي الذي مكن أسعار النفط خلال سنة وبعد قرار التحالف بخفض إنتاجه بـ1.8 مليون برميل من الارتفاع من مستوى 40 إلى نحو 79 دولاراً للبرميل. ولكن الآن، هذا التحالف أمام مستجدات على الساحة النفطية أهمها العقوبات الأميركية على إيران التي بدأت تؤثر في شكل كبير على هذا البلد النفطي الذي وصل إنتاجه في شهر آب إلى 3.427 مليون برميل في اليوم. ومنذ أيلول (سبتمبر) بدأت صادرات هذا البلد تنخفض بسرعة بنحو مليون برميل في اليوم. حتى الصين التي كانت تشتري كميات كبيرة، نحو 700 إلى 700 ألف برميل في اليوم من النفط الإيراني، خفضت مشترياتها، إذ إن متابعي حركة الناقلات شهدوا فقط ناقلتين من النفط الإيراني إلى الصين ما يمثل انخفاضاً استثنائياً من الصين للمشتريات من النفط الإيراني. فالصين لديها شركات في البورصة الأميركية تتعامل بالدولار أيضاً ولا شك في أنها تتأثر لو لم تلتزم بالعقوبات. ومعظم الشركات الأوروبية واليابان والهند وكوريا الجنوبية أوقفت مشترياتها من النفط الإيراني.


لا شك أن الرئيس الأميركي نجح في الضغط على دول العالم حتى الصديقة منها لإيران لإيقاف شرائهم من النفط. حتى أن إيران بدأت تخزن نفطها والمكثفات التي لا يمكنها بيعها على ناقلات في البحر. في ظل هذه الأوضاع وأيضاً الحالة السياسية المزرية في فنزويلا المنتج المهم في "أوبك" حيث إنتاج البلد ينخفض بسرعة، سيبحث المنتجون المتحالفون باحتمال زيادة إنتاجهم. خصوصاً على ضوء توقعات زيادة الطلب على النفط للفترة المقبلة لمنع حدوث نقص وارتفاع كبير في الأسعار. فسعر برميل البرنت وصل إلى 78 دولاراً، ولكن البعض تكهن أنه قد يتجاوز 80 دولاراً. فصحيح أن 80 دولاراً مناسب للدول المنتجة وفي طليعتها روسيا ودول الخليج، ولكن الولايات المتحدة وهي في فترة انتخابية مع انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر)، لا تحبذ ارتفاع أسعار البنزين في أميركا. الولايات المتحدة منتج كبير من النفط مع أكثر من 10 ملايين برميل في اليوم، ولكن مصافيها تحتاج إلى النفط المستورد من السعودية وغيرها لإنتاج البنزين. إضافة إلى أن الأرقام الأخيرة حول المخزون الأميركي أظهرت أنه ينخفض وأن التوقعات بإنتاج النفط للسنة المقبلة كانت أقل مما كانت مسبقاً.

الدول المجتمعة في الجزائر ستنظر بحذر إلى إمكانية زيادة الإنتاج لأنها أيضاً لا تريد إغراق الأسواق وتخفيض الأسعار بشكل لا يناسب اقتصادها. الشراكة الروسية السعودية في العمل على السوق النفطية فاجأت الجميع لأن تاريخ روسيا لم يشهد لها للالتزام بتعهداتها. أما الآن فلا شك أن الأمور تغيرت، خصوصاً بعد لقاءات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بالرئيس فلاديمير بوتين الذي رأى في مصلحة بلده النفطي والغازي الكبير أن يتعاون بجدية لتبقى أسعار النفط بمستويات يحتاجها اقتصاده، ولو أن عائدات روسيا ليست كلها من النفط مثل بقية دول "أوبك". اجتماع الجزائر قد يظهر مجدداً إدراك روسيا والسعودية ضرورة الاستمرار في التعاون لمنع حدوث نقص نفطي، وفي الوقت نفسه هذه الدول المجتمعة ستكون حذرة جداً في قرارها بزيادة إنتاجها لأنها غير عازمة على إغراق الأسواق وتخفيض الأسعار إلى مستويات ليست في مصلحتها.