دعوة رئيس الحرس الوطني الروسي فيكتور زولوتوف المعارض أليكسي نافالني إلى المبارزة، أثارت جدلاً متواصلاً في روسيا بين مؤيد لإحياء قوانين تعود إلى القرون الوسطى، ومعارض يرى أنها تكشف أزمة في ثقافة القوانين والنظام القضائي.

أصداء الدعوة وصلت إلى مجلس الدوما (البرلمان) الروسي، وقال النائب عن الحزب الليبرالي الديموقراطي سيرغي إيفانوف إنه جهز مشروع «قانون المبارزة»، موضحاً أن الحاجة إلى اعتماد القانون تعود إلى «بروز توجه أخيراً لدى موظفي الدولة والبلديات إلى دعوة المواطنين الذين يعبرون عن أنفسهم في شكل مغاير عن وجهة النظر الرسمية، إلى مبارزة».

«قانون المبارزة» المقترح، يمنح الموظفين الحكومين الممتعضين من «افتراء» المواطنين، الحق الحصري في الدعوة إلى مبارزة أو رفض ذلك، وكذلك تحديد أنواع السلاح المستخدم، إن كانت سيفاً أو سلاحاً نارياً. وفي حال الاتفاق على النزال بالسيف، فإن استخدام السيف المستقيم يعطي الحق بلمس الخصم فقط، ولكن استخدام السيف المائل يسمح بتقطيع الخصم. ولا يسمح القانون المقترح للنساء بطلب المبارزة، ولكن يمكن حضورهن لمساندة رجالهن. ويتضمن القانون فقرة خاصة حول دعوة الصحافيين إلى المبارزة في حال نشروا «مقالة مسيئة»، وفيها يحق للشخص المُساء إليه دعوة الصحافي أو رئيس تحرير الوسيلة الإعلامية، إلى النزال.

وعلّق رئيس لجنة التشريع في الدوما (البرلمان) الروسي بافل كراشينكوف بالقول إن «إبداع مؤلف مشروع القانون أبهره»، لكنه لفت إلى أن «المبارزة في روسيا تُعد قتلاً أو شروعاً بالقتل»، معرباً عن أمله في أن ما طرحه زميله البرلماني «مجرد مشاعر عاطفية». وأشار إلى «أننا ننظر أيضاً إلى المبارزة من ناحية عاطفية... وإذا عُرض (مشروع القانون) رسمياً، سننظر فيه، وفي حال تم ذلك، فإنه سيكون أمراً جللاً».

وفي حين طالب حقوقيون بإقالة زولوتوف وإحالته على المحاكمة بتهمة الشروع بالقتل، التزم الكرملين والحكومة الصمت. وفي وقت سابق، اتهم نافالني زولوتوف، الحارس الشخصي السابق لبوتين الذي عُين في منصبه المستحدث العام 2016، بأنه «ثري للغاية»، وأن أسرته تملك ممتلكات فارهة عدة.

ولاقت دعوة الجنرال المقرب من بوتين غريمه نافالني إلى مبارزة في فيديو نُشر على موقع الحرس الوطني الرسمي، وتوعّد فيه تحويل المعارض الشرس للكرملين إلى «شرائح لحم» في دقائق، استحساناً من الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، واعتبرها حقاً مشروعاً، وإحياء لعادات النبلاء في روسيا. قديروف ذاته، كان ابتكر العام 2013 طريقة فريدة لمعاقبة وزير الرياضة في الشيشان سلام بك اسماعيلوف على التقصير في صون مبنى الوزارة، وبدلاً من إقالته أو توجيه إنذار له، قرر قديروف استدعاء الوزير إلى الحلبة و «بلكمة من اليسار وأخرى من اليمين، فسرتُ له أن عليه أن يشغل رأسه». وفي حين كان قديروف «رحيماً» بمنافسه، وقال في مقاطع بثتها محطة «إن تي في» حينه، إنه سمح للوزير بارتداء حماية لرأسه لأنه يجب أن يذهب إلى العمل في اليوم التالي، فإن زولوتوف قال إنه سيقطع نافالني الذي يقضي حكماً بالسجن حالياً لتنظيمه تظاهرات غير مرخص لها، في حال تعرض له أو لأسرته.

يُذكر أن القيصر بطرس الأكبر أصدر أمراً يمنع المبارزة العام 1706، لكنها ظلت طريقة لتصفية الحسابات في روسيا. وما زال ماثلاً مقتل أديب روسيا وشاعرها الأبرز ألكسندر بوشكين عن 38 عاماً في مبارزة للدفاع عن «شرفه» عام 1837 مع الفرنسي جورج دانتيس. وفي النزال، أُصيب بوشكين برصاصة في بطنه خلال المبارزة، وتوفي بعد أن فشل أفضل أطباء القيصر في علاجه منها.