&فاتح عبد السلام
خفّ استخدام مصطلح الطابور الخامس في كلام السياسيين هذه الايام ، وكان شائعاً أيام الحرب الباردة ، وبعدها في كل الحروب، وفي العراق شاع في خلال الحرب العراقية الايرانية التي دامت ثمانية أعوام وانتهت في ١٩٨٨. والطابور الخامس تسمية جرى إطلاقها في زمن الحرب الاهلية الاسبانية في خلال التقدم نحو مدريد عبر أربعة طوابير وتنبّه القائد العسكري الى انّ هناك طابوراً داخل مدريد يعمل في الخفاء في جمع المعلومات عن أحوال المدينة وعساكرها .
وكان النظام العراقي السابق يكشف بين حين وآخر عن أشخاص عبر شاشة التلفزيون ويقول انّهم من حزب الدعوة(العميل) وهم من الطابور الخامس ضد العراق لصالح ايران ،ولم يكن هناك امكانية للتحقق من صحة مايصدر ويُذاع.
يبدو إنه لم تعد العقلية الأمنية أو السياسية في البلاد ترى من المناسب العودة الى تداول مصطلح الطابور الخامس، ربّما انتفت الحاجة اليه، فالعراق لايعيش حرباً مع أحد، بالرغم من إنّ اسمه الآن يتردد في حروب بعيدة وقريبة، من اليمن الى لبنان ومن سوريا الى البحرين.
لكن واقع الحال ، يتحدث عن اعتقاد متبادل بين الجماعات والاحزاب المتناحرة في العراق، بأنّ لكل منها طابوراً لدى الآخر. وأحياناً نرى قلباً للمفاهيم، فالأحزاب الحاكمة كلّما ترى الاحتجاجات قوية ومؤثرة تعود الى مصطلح مرادف للطابور الخامس هو المندسون ، وتعلّق عليهم أسباب كل الخروقات ، بل تصور انّ علاقات الوئام والروابط الرحيمة كانت بين الحكومة والشعب في أعلى درجاتها قبل أن يظهر طابور المندسين .
هناك مَن يقول إنّ القاموس السياسي جامد ومتحجر ويحتاج الى مجددين ليلغوا مصطلحاً بالياً هنا وليطلقوا مصطلحاً متعافياً هناك. وسمعتُ شخصاً وهو يرى افتتاح البرلمان الجديد يقول أنّ الطابور الخامس صار هو الطابور الأول . وشعرت أن الامر التبس على الرجل وصار يظن انّ الطابور هو صف الجلوس الاول فالثاني …فالخامس وهكذا، فأردت أن أصحح له ، لكنه قال لي بكل ثبات :أنا أعني ماأقول، الطابور الخامس هو الطابور الاول الآن .
قلت له:اسمح لي أشرح لك.
قال بحزم وهو يشير الى الرؤوس المتراصة تحت القبة: هؤلاء شرحوا لي كل شيء .. يكفي .
&
التعليقات