&خالد أحمد الطراح&

الاكتئاب من المصادر الرئيسية، التي تؤدي إلى تدهور حياة الإنسان بشكل عام، وتدفعه نحو الانعزال التام عن المجتمع، والعجز عن ممارسة حياة طبيعية، إلى درجة إقدام البعض على الانتحار، وقد أصبح الاكتئاب من الأمراض الأكثر انتشارا في دول العالم، وفقا لإحصائيات وبيانات طبية وبحثية، بعكس الواقع في معظم البلدان العربية، فالاكتئاب وتعاطي العلاج الطبي يعدان من المحظورات الاجتماعية، لأنه يفسر بأنه مرض ذهني ونفسي لا تتقبله شعوب مغلقة ومحافظة.


هناك عدة مصادر للاكتئاب، منها ما هو اجتماعي، او نتيجة أمراض يصاب فيها الفرد، بسبب عدم تمكنه من مواجهة المرض بقوة وصلابة وإيمان قوي، لكن في الدول العربية، وتحديدا التي يعاني مواطنوها من عدم الشعور بالانتماء والمواطنة والغربة داخل الوطن، يتولد الاكتئاب عند الكثير نتيجة الإحباط الشديد وصدمات اجتماعية وسياسية، حتى يجد المواطن نفسه غريبا بين افراد المجتمع والوطن، وهي حالة نفسية واجتماعية تدفع بالبعض الى الهجرة من وطنه إلى بلد آخر، حيث تتوافر فيه بشكل ملموس مبادئ الحريات والمساواة.
أوضحت دراسة علمية أخيراً أن هناك «44 سبباً جينياً للاكتئاب الشديد، التي قد تزيد من مخاطر الإصابة بالاكتئاب، وأن كل البشر يحملون بعضاً منها (الجينات) على الأقل».


في الكويت، ليست هناك بيانات دقيقة وشفافية عن كل الأمراض النفسية وعدد وطبيعة حالات الاكتئاب تحديداً، باستثناء تصريحات عن توسعة مستشفى الطب النفسي، وافتتاح عيادات نفسية في بعض المراكز الصحية أسوة بوحدات لمكتب الإنماء الاجتماعي، الذي ما زلت مقتنعاً بعدم وجود مبرر لهذا الجهاز وميزانيته، وتشابك اختصاصه مع أجهزة أخرى، فعملية الدمج ممكن أن تساعد على ترشيد الإنفاق الحكومي تمشياً مع ترجمة عملية للإصلاح الإداري والمالي، حتى لا يصبح شعاراً آخر تتشدق به الحكومة قولً وليس فعلاً!
حتى لا يصبح موضع المقال كئيباً جداً، أورد حديثاً طريفاً لصديق عزيز توفاه الله، وهو شخصية ذات نظرة عميقة للمجتمع الكويتي، حين ذكر لي في سياق النقاش عن الحسد من باب الدعابة، ان الحسد يقسم ربما %10 على العالم و%90 على الكويت!


حين قرأت ما نشر عن الاكتئاب تذكرت انني كتبت يوماً مقالاً بعنوان «نصيبنا القلق ونصيبهم التفاؤل»، واليوم اكتب عن «الاكتئاب نصيبنا والعكس نصيبهم»، وفي كلتا الحالتين يبدو اننا امام نفس الوضع، فجرعات التفاؤل والتباشير من نصيب الحكومة، بينما نصيبنا الصبر و«إحسان النية» في العمل المؤسسي الحكومي، تمشياً مع الاكتشاف الإداري الأخير!
«الحقيقة التي تحتاج إلى برهان، هي نصف حقيقة». (جبران خليل جبران)

&