لندن 


تكشف الوثائق الحكومية البريطانية التي رُفعت عنها السرية بتاريخ (الجمعة 29 ديسمبر) في الأرشيف الوطني البريطاني، جانباً من الاتصالات التي سبقت تحرير الكويت من الغزو العراقي في بداية عام 1991، والمرحلة التي تلت ذلك بما في ذلك مشاكل إعادة الإعمار والترتيبات الأمنية في منطقة الخليج، وقضية المحتجزين والأسرى الكويتيين لدى النظام العراقي. وتغطي الوثائق حقبتَي حكم مارغريت تاتشر وخليفتها جون ميجور بين عامي 1990 و1991.


وتتناول الحلقة العاشرة من سلسلة الوثائق البريطانية المفرج عنها حديثاً في الأرشيف الوطني، تفاصيل الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء جون ميجور الى السعودية والكويت في 6 مارس1991، وتقدم محاضر الاجتماعات التي عقدها ميجور في الرياض مع العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز، وفي الكويت مع سمو ولي العهد رئيس الوزراء الشيخ سعد العبد الله الصباح.
تنقل المحاضر عن الشيخ سعد قوله لميجور إن العراق يجب ان يقبل اتفاق عام 1963 كأساس لحل الخلاف الحدودي مع الكويت قبل توقيع اتفاق دائم لوقف النار، وان بقاء نظام صدام في الحكم لا بد أن يجلب مشاكل للكويت. أما الملك فهد فقال لميجور إن السعودية تريد خروج صدام من الحكم سواء بانقلاب عسكري أو بانتقاله إلى المنفى. وتنسب اليه الوثائق شكواه من تدخل الإيرانيين في العراق مستغلين انتهاء حرب تحرير الكويت بهزيمة صدام، عدوهم اللدود. وطلب العاهل السعودي، في هذا الإطار، تدخل البريطانيين لتوجيه تحذير للإيرانيين من مغبة التدخل في العراق. وتشير المحاضر إلى مخاوف لدى مسؤولين سعوديين من أن تدخلات إيران يمكن أن تؤدي إلى تفتيت العراق.
وقد جاء ميجور إلى السعودية والكويت مباشرة من موسكو، حيث كان قد أجرى محادثات مع الرئيس غورباتشوف تناولت الأوضاع في الشرق الأوسط.

في 6 مارس 1991 كتب السير تشارلز باول، السكرتير الخاص لجون ميجور، تقريراً عن زيارة رئيس الوزراء البريطاني للكويت، حيث قابل ولي العهد رئيس الوزراء سعد العبدالله الصباح (كان الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح في السعودية). جاء في المحضر:
كان لرئيس الوزراء لقاء في الكويت هذا الصباح مع ولي العهد سعد (العبدالله). حضر اللقاء عدد من الوزراء الكويتيين، وسفير جلالة الملكة في مدينة الكويت.
قال ولي العهد إنه يقدّر عالياً زيارة رئيس الوزراء للكويت عند هذا المنعطف. يتمنى لو كان لدى رئيس الوزراء متسع من الوقت كي يرى الضرر والدمار اللذين جلبهما العراق (للكويت). أراد أن يشكر رئيس الوزراء مرة جديدة على المساعدة والتأييد الكبيرين اللذين قدمتهما بريطانيا للقضية الكويتية، سواء في مجلس الأمن أو من خلال إرسال قوات للمساعدة في طرد العراقيين. هذا الأمر محل تقدير كبير من الحكومة والشعب الكويتيين، وسيؤدي إلى تقوية العلاقات. (ولي العهد كان قد أدلى بعبارات مدح كبيرة أمام حشد الصحافة في خصوص المساهمة التي قدمتها بريطانيا).
قال رئيس الوزراء إن أعين العالم كانت مركّزة على الكويت خلال الشهور القليلة الماضية. لم يكن ليقبل ألا يأتي بنفسه ليسجل مناسبة التحرير. الدمار الرهيب الذي لحق بالبلد والبيئة كان واضحاً وضوحاً شديداً، على رغم قصر الزيارة. جميع من في المملكة المتحدة يشعر بالتعاطف مع الكويت لما لحق بها من دمار وخسائر في الأرواح. وهذا التعاطف يترافق مع رغبة في المساعدة في إعادة الإعمار في المستقبل. سيكون (رئيس الوزراء) مهتما بسماع آراء ولي العهد في خصوص الترتيبات الأمنية المستقبلية في المنطقة، لضمان أن نزاعاً مماثلاً لن يحصل أبداً مجدداً.

حل الخلاف الحدودي
قال ولي العهد إن أمن المنطقة مسألة بالغة الأهمية. الاحتلال العراقي للكويت ترك أثراً. هو يعتقد أن شركاء الكويت في مجلس التعاون الخليجي يتشاركون في الرغبة في تحديد نظام أمني مشترك للمستقبل. لقد حصل لقاء مفيد لوزراء الخارجية (الخليجيين)، شمل أيضاً وزيري الخارجية المصري والسوري، قبل يوم واحد (من وصول رئيس الوزراء البريطاني). أضاف ولي العهد أن مشكلة الكويت المباشرة حالياً هي إعادة الكهرباء لكل المناطق في البلد، وإعادة تشغيل منشآة تحلية المياه الأساسية. هناك حاجة أخرى ضاغطة هي ترتيب واردات الغذاء ومواد ضرورية أخرى. وبعد ذلك هناك مهمة إعادة إعمار المباني العامة والبنية التحتية. وفي خصوص هذه النقطة الأخيرة، سترحب الكويت كثيراً بمشاركة شركات بريطانية، سواء في المرحلة الطارئة المباشرة، ثم في المراحل اللاحقة على المدى الطويل.
قال رئيس الوزراء إنه مسرور في خصوص التقدم الذي تحقق في مجال الترتيبات الأمنية الإقليمية بين مجموعة الثماني (مجلس التعاون الخليجي ومصر وسوريا). إننا نساعد أيضاً من خلال طرق أخرى، مثلاً من خلال الأمم المتحدة ومن خلال محادثاته هو (أي ميجور) مع الرئيس غورباتشوف. سنكون على أتم الاستعداد لتقديم مساعدة طارئة في مجال إعادة خدمات الكهرباء والماء. سفيرنا موجود لتقديم النصح. شكر ولي العهد رئيس الوزراء لعرضه تقديم المساعدة الطارئة، التي سيسجلها بعض زملائه من الوزراء وسيكونون على اتصال مباشر مع السفير.
علّق رئيس الوزراء بالقول إن عملية سحب قواتنا ومعداتنا ستكون أيضاً عملاً لوجستياً ضخماً وسيستغرق بضعة شهور. وتابع إنه ما زالت هناك تساؤلات، مثلاً في شأن الحاجة إلى قوة ما عربية أو تابعة للأمم المتحدة للدفاع عن الكويت. كما أن هناك المشكلة الصعبة المتمثلة في الحفاظ على القانون والنظام في الكويت نفسها. من المهم القيام بذلك بطريقة فعالة. قال ولي العهد إن في إمكانه طمأنة الجميع إلى أن الوضع الأمني ممسوك، وإن الأمن والاستقرار قد تمت استعادتهما. هذا الأمر تعطيه السلطات الكويتية الأولوية والعناية القصويين. لن يُسمح لأي كان مهما كانت جنسيته بزعزعة القانون والنظام. وتابع (ولي العهد) إن رئيس الوزراء ربما سمع إشاعات حول قيام مواطنين كويتيين بأعمال انتقامية ضد فلسطينيين، ولكن في إمكانه أن يعطي تأكيدات قاطعة بأن هذا الأمر لن يُسمح بحصوله. لقد أوقفت الكويت عدداً من السجناء العراقيين الذين تورطوا في بعض الجرائم الرهيبة. إذا ما أدينوا أمام المحاكم، فإنهم سيلقون جزاءهم المناسب. ولكن ستتم معاملتهم وفقا للقانون.
وأضاف ولي العهد أنه بعد الأعمال الغادرة التي قام بها العراق ضد الكويت، هناك خوف من أن صدام حسين ربما يحاول من جديد (استهداف الكويت). إن بقاء نظامه في الحكم في بغداد ربما سيجلب مزيداً من المشاكل. ولذلك فإنه من المهم أن يتم النظر في الخلاف الحدودي بين الكويت والعراق، وأن يتم حله مرة أولى وأخيرة على قاعدة اتفاق عام 1963. العراق يجب ان يقبل ذلك قبل توقيع أي اتفاق دائم لوقف النار.
قال ولي العهد إن الكويت بحاجة عاجلة لخبراء للتصدي لحرائق آبار النفط. سيقدمون (الكويتيون) مناشدة دولية من أجل المساعدة. وعد رئيس الوزراء بأنه سينظر في هذه القضية في شكل عاجل.
كرر ولي العهد رغبته في رؤية شركات بريطانية تلعب دوراً كبيراً في إعادة إعمار الكويت، ودعا رئيس الوزراء إلى أن يقوم بزيارة أطول في المستقبل، حيث يمكنه أن يطلع بنفسه على ما يحصل. وأضاف أن الأمير (الشيخ جابر) الذي سيعود إلى البلاد قريباً يبعث بتحياته الحارة إلى الملكة (إليزابيث الثانية) ورئيس الوزراء.

تدخل إيراني
وفي برقية تحمل تاريخ 7 مارس 1991، كتب السفير البريطاني في السعودية السير آلان مونرو مذكرة إلى وزارة الخارجية وبعثات بريطانية أخرى يشرح فيها بالتفصيل فحوى المحادثات التي أجراها رئيس الوزراء جون ميجور مع القادة السعوديين. وجاء في التقرير ما يأتي:
توقف رئيس الوزراء في المملكة العربية السعودية في 6 مارس لزيارة القوات البريطانية في الكويت والظهران. أجرى محادثات مع الملك فهد في مساء ذلك اليوم، حيث عبّر الملك بحرارة عن عميق امتنانه للمساهمة العسكرية البريطانية، وأبدى تعهداً واضحاً بتقديم مساهمة مالية لتغطية تكاليف (نشر) القوات البريطانية، وأشار الى فصل جديد من التعاون بيننا، لا سيما في الجانب الدفاعي. كان واضحاً مدى الانشغال السعودي بالعلامات على ظهور تدخل سياسي إيراني لمصلحة الشيعة في خصوص الاضطرابات التي تحصل حالياً في العراق. هناك قلق من الأهداف الإيرانية واحتمال تجدد التهديد للسعودية. بالتوازي، هناك ميل (سعودي) للتقليل من معاقبة العراق، ولكن صدام (في رأي السعوديين) يجب أن يرحل، سواء بانقلاب أو حتى بالرحيل إلى المنفى. يجب أن تحل محله حكومة وحدة وطنية. طُلب منا أن نشترك مع السعوديين في جهود تحذير الإيرانيين. شعر الملك فهد بالاطمئنان لما نقله إليه رئيس الوزراء عن انطباعاته من لقائه بغورباتشوف وأسلوب تعاطيه مع الشرق الأوسط. جرت مناقشات (أيضاً) مع وزير البترول (السعودي).
توقف رئيس الوزراء في الظهران في طريق عودته من موسكو وفي طريقه الى الكويت في وقت مبكر من صباح 6 مارس، وعاد إلى الظهران في المساء قبل انتقاله الى الرياض لزيارة الملك فهد. في القاعدة الجوية في الظهران التقى رئيس الوزراء قائدها الأمير تركي بن ناصر وودعه نائب حاكم المنطقة الشرقية. رأى أسراب طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني تورنادو إف- 3 وأصناف الذخائر، وتم الترحيب به من قبل أفراد سلاح الجو الملكي وأفراد سلاح الفضاء الذين خطب فيهم ووعدهم بأنهم سيعودون قريباً إلى أرض الوطن، وأشاد بالعمل الجيد الذين قاموا به (في حرب تحرير الكويت).
في الرياض، التقى رئيس الوزراء مع هشام ناظر، وزير البترول والتخطيط الواسع النفوذ، حيث أجرى معه محادثات خلال فترة الانتظار الطويل، للأسف، قبل مقابلة الملك فهد. إنني ممتن جداً لرئيس الوزراء لإطالة جدول أعمال مواعيده الضيقة من أجل اجراء المقابلة مع الملك في هذا المنعطف المهم جداً والواعد في علاقاتنا (الثنائية).
المحضر الكامل للمناقشات مع الملك يتم إعداده من قبل السير سي باول (تشارلز باول، السكرتير الخاص لرئيس الوزراء). سأقدم أدناه النقاط الأساسية في المحادثات الواسعة النطاق التي جرت رغم ضيق الوقت.
قدّم الملك شكراً صادقاً وجميلاً لشجاعة وتصميم القوات البريطانية، ولثباتنا السياسي في دعم السعودية وموقفنا ضد صدام حسين منذ البداية، وصولاً إلى رئيس الوزراء نفسه وأيضاً للسيدة (مارغريت) تاتشر، وأيضاً للدعم الذي صدر من برلمان بريطانيا وشعبها. بادل السيد ميجور بالتعبير عن المشاعر نفسها، مشيراً إلى الطبيعة الحقيقية للصداقة بيننا. «قال إن» الهدف الواضح الذي حدده الملك فهد (منذ بداية النزاع) كان له أثر كبير في داخل التحالف. علّق الملك بالقول إن دور رأس الدولة ان يقود، حتى ولو أن ذلك يمكن أن يجلب تذمراً أكثر من الرضا. ولكن النتيجة كانت نجاحاً كبيراً. سوء التقدير الذي قام به صدام في شكل متتابع أدى به إلى ما حصل في نهاية الأمر، مشيراً إلى خطأه في شن عدوان في وقت كان موقف الاتحاد السوفيتي يخضع لعملية تغيير أساسية نحو التعاون مع الغرب، ولم يعد في الإمكان الاتكال عليه لدعم العراق.
يبقى الملك بلا شكوك في أن صدام لا بد أن يرحل، اتفق معه رئيس الوزراء على ذلك، وقد أعرب الملك فهد عن أمله في حصول ذلك عبر انقلاب تنتج عنه حكومة وحدة وطنية تضم المكونات العراقية اليائسة (انظر التعليقات أدناه في خصوص البعد الإيراني). لكن الملك بدا أيضاً مذعناً لاحتمال ذهابه (الرئيس العراقي) الى المنفى، ولم يكرر، كما كان يفعل في السابق، أن صدام يجب جلبه أمام العدالة الدولية. ذكر ان السعودية على استعداد لمساعدة الشعب العراقي في استعادة عافيته متى ما تخلصوا من صدام. للأسف، يبدو ان صدام ما زال مسيطرا رغم الانتفاضات (ضده). لكنه في ورطة وأيامه لا بد ان تكون معدودة.

خطر تفتيت العراق
لم يطرح الملك فهد أفكاراً في شأن طريقة المحافظة على الأمن أو مستقبل حماية الكويت ودول عربية أخرى، على رغم الاعلان الذي صدر في ذلك اليوم عن اتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر وسوريا في إطار «إعلان دمشق» الذي يحدد الأسس من أجل ترتيبات دفاعية مشتركة. لكن وزير البترول (السعودي) عبر عن الرضى عما تحقق في هذا الخصوص مع إشارته إلى ضرورة ابقاء العين مفتوحة على سوريا. من جانبه، علّق الملك فهد في شكل ملح على احتمال حصول انتكاسة مع ايران. قال انه يرى احتمالا أن يشعر الايرانيون بإغراء لاستغلال الاضطراب الحالي الذي يقوم به الشيعة في جنوب العراق. من المهم جداً ان نشارك في ثني الايرانيين عن التدخل. ومن هذا المنطلق، تكمن أهمية العمل من أجل إقامة نظام جديد من الوحدة الوطنية في العراق. وإلا فإن التهديد الذي كان صدام يشكله ضد السعودية سيحل محله التهديد القديم من ايران الشيعية. تعمل المملكة العربية السعودية على اعادة العلاقات مع ايران وقد حققت بعض التقدم. ولكن ذلك سيكون مشروطاً بألا تتدخل ايران في العراق. ما زالت هناك تيارات في إيران تواصل فيها العناصر الدينية (المتشددة) اضمار نيات عدائية لا تتوافق مع الإسلام ولا مع استقرار المنطقة. (الرئيس هاشمي) رفسنجاني ربما لا يملك السلطة كلها. طلب الملك أن نوجه نحن، مع الأميركيين، تحذيّراً لإيران من التدخل في العراق. لقد حصل (الملك) على تقارير، ربما تكون مضخمة، تفيد ان المنفيين العراقيين الذين يقاتلون في التمرد (ضد صدام) في البصرة يضمون في صفوفهم قوات ايرانية. قال رئيس الوزراء انه سيستغل فرصة اللقاء مع الرئيس بوش نهاية الأسبوع المقبل لمناقشة المسألة الإيرانية. تحدث ايضاً وزير البترول عن قلق سعودي جديد من أن رعاية ايران انتفاضة شيعية يمكن أن تؤدي الى تفتيت العراق. أعرب عن أمله، كما حصل في الحرب مع ايران، في ألا يقبل شيعة العراق الساعون الى كسب تأثير سياسي، بالسيطرة الايرانية عليهم.
أظهر الملك فهد اهتماما بما قاله رئيس الوزراء عن محادثاته في شأن الخليج مع غورباتشوف، لا سيما انطباعاته بأن السوفيت سيواصلون اعطاء الأولوية للعمل مع بقية الأعضاء الخمسة الدائمين (في مجلس الأمن) من أجل الوصول الى حل لمسألة الشرق الأوسط، وإقرار غورباتشوف بمخاطر التسلح الزائد لدول الشرق الاوسط، سواء من خلال الاسلحة غير التقليدية (هناك حاجة للتعامل مع ما تبقى من مخزون العراق منها) أو الاسلحة التقليدية التي تفوق الحاجة الى الدفاع المشروع (عن النفس). شدد الملك على ان السعودية مجبرة على بناء قواتها لا لهدف سوى الدفاع عن النفس. ليس فقط العراق، بل إيران أيضاً، يجب ان يُنظر اليهما بوصفهما تهديداً.

الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود مستقبلاً رئيس وزراء بريطانيا جون ميجور

التعاون العسكري
هذا أدى إلى نقاش مفيد في خصوص تعاون عسكري أوثق مع بريطانيا. لاحظ الملك بابتسامة ان بعض من في المنطقة سيفضلون عدم مغادرة القوات البريطانية. من جهة السعودية، هو يتمنى ان نبني على مشروع اليمامة، كما انه في الوقت ذاته ينوي، بعد بضعة أشهر، ان يفتح مناقشات معنا، تنطلق من التعاون الذي حصل خلال الحرب، من أجل الوصول الى «اتفاق على» الاستحواذ على تجهيزات اضافية للقوات المسلحة السعودية. رد الملك في شكل ايجابي جداً على عرض رئيس الوزراء تمديد المشاركة البريطانية في أدوار الاستشارة والتدريب للقوات المسلحة السعودية. أكد الملك فهد أيضاً نيته أن يقدم مساهمة اضافية تجاه تكاليف القوات البريطانية خلال الحرب: سنتلقى قريباً جواباً على التعهدات التي قدمها الشهر الماضي. (الأمير بندر الذي كان حاضراً قام بوضوح بعمل مفيد لتحقيق تقدم في هذه المسألة).
إشارة رئيس الوزراء إلى قرار بريطانيا تقديم مساعدة مالية تجاه تكاليف تنظيف التلوث من النفط في شمال الخليج كان محل ترحيب حار من الملك فهد.

بين فلسطين وإيران
دفعت النقاشات (مع الملك فهد) إلى الأمام وفي شكل مفيد الفرص المستقبلية للتعاون الدفاعي في الوقت الذي تقوم فيه السعودية بتقوية قواتها المسلحة في إطار مجلس التعاون الخليجي. الملك بدا بوضوح مسروراً بحصول اتصال جديد بينه وبين رئيس الوزراء في هذا الوقت، وهو وقت وضعنا فيه هنا مرتفع. ولكن الشبح القديم من خطر التوسع الإيراني عاد ليهيمن على أفكاره (الملك)، مع تلاشي تأثير صدام حسين. ومن هنا «يمكن فهم» أن الفكرة الوحيدة الطاغية على تركيز السعودية هي اقامة قطب دفاعي عربي يتضمن مصر وسوريا (إعلان دمشق على الرغم من كل عمومياته، فإنه يعطي بعض الرضا هنا).
ليس هناك مجال للتساؤل حول ما إذا كان السعوديون سيعيدون التفكير في مسألة أن يكون صدام ضعيفاً، ولكن هناك حاجة ملموسة لقيام حكومة واسعة التمثيل تخلفه في العراق ويمكنها تجنب الانفصال وتساعد في إبقاء إيران بعيدة. إنها مسألة كمن يكون عالقاً بين المطرقة والسندان. من هنا نرى جهوزية سعودية للانفتاح على الشعب العراقي، بما في ذلك تقديم مساعدة اقتصادية له، متى رحل صدام (وهو أمر يعتبره الملك بوضوح أمراً محتملاً حصوله خلال وقت ليس ببعيد). السعوديون يتطلعون الآن لتدخلنا مع ايران، في الوقت الذي يخطون فيه بحذر نحو تجديد علاقاتهم الدبلوماسية المتبادلة. سيكون من المفيد ان نتشارك مع السعوديين في ملاحظاتنا بخصوص رؤيتنا لتطور السياسة الإيرانية في المنطقة. بالإضافة الى تبادل الملاحظات مع الأميركيين، ربما ستجد مناسباً أن تثير المسألة مع وزير الخارجية العماني إذا جاء الى لندن في 14 مارس. الارتباطات العمانية بإيران سيتم استخدامها بلا شك من جديد من قبل السعوديين في إطار (إثارة مسألة) التشدد الديني الإيراني. (وزير الخارجية الأميركي جيمس) بيكر من المرجح أن يسمع الرسالة ذاتها الاسبوع المقبل (عندما يأتي الى السعودية).
لم يكن هناك متسع من الوقت لمناقشة (النزاع) العربي – الإسرائيلي. واضح أن هذه المسألة ليست في المقدمة (حالياً) لدى الملك فهد. لكن تعليقات ادلى بها وزير البترول لم تُظهر أي تراجع في العداء السعودي لعرفات (ياسر عرفات). تساءل (الوزير) ناظر عما إذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد تأتي بزعيم بديل. أما بالنسبة الى الملك حسين، فقال ناظر إن الجرح الشخصي الذي لحق بالملك فهد سيحتاج إلى وقت للشفاء. لم يعرف أبداً الملك وهو يُظهر مثل هذا الشعور بأنه تم خذلانه. في نهاية المطاف، (الأمير) سعود (الفيصل)… هو من يدير السياسة السعودية تجاه فلسطين.
سنلاحق الفرص التي تم فتحها في مجال التعاون العسكري… خلال الاسابيع المقبلة. الاحتمالات تبدو كبيرة هنا. لقد قدمنا مقترحاتنا إلى وزارة الدفاع.

اعتذار
تضمنت الوثائق محضراً آخر بلقاء ميجور مع الملك فهد أعده تشارلز باول، سكرتير رئيس الوزراء، وغطى تقريباً النقاط كلها التي وردت في تقرير السفير مونرو. لكن بين الاضافات الجديدة التي لم ترد في تقرير السفير، قال باول ان الملك فهد اعتذر لضيوفه البريطانيين لتأخره في الحضور وتركهم ينتظرون بسبب انشغالات كبيرة كان منخرطاً فيها.