رندة تقي الدين 

تنتظر صناعة النفط العالمية والمتعاملون في هذا القطاع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الأسبوع حول ما إذا كانت إيران ملتزمة الاتفاق الدولي بشأن ملفها النووي. كما ينتظرون قراره المتوقع صدوره مبدئيا في 15 كانون الثاني (يناير) الجاري عمّا إذا كان سيمدد عدداً من الاستثناءات الموقتة بالنسبة إلى العقوبات على إيران، بما فيها على تصدير النفط.

تغريدات الرئيس الأميركي خلال التظاهرات الشعبية ضد النظام الإيراني وتصريحات ممثلته في الأمم المتحدة نيكي هايلي ودعوته إلى انعقاد مجلس الأمن حول موضوع قمع هذه التظاهرات، تشير كلها غالباً، إلى أنه سيتخذ قرارا بأن إيران غير ملتزمة واجباتها إزاء الملف النووي على رغم كل المواقف الأوروبية التي تصر على عدم الخروج من هذا الاتفاق.

ومن المنتظر حصول تصعيد بين الولايات المتحدة وإيران. فاذا أُعيدت العقوبات الأميركية على تصدير النفط الإيراني، قد تتأثر الشركات النفطية الأوروبية التي لديها مصالح في الولايات المتحدة. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد صرح بأن أوروبا لن ترضخ للقرارات الأميركية، ذلك أن فرنسا كانت رفعت العقوبات عن النفط الإيراني بعد الاتفاق مع طهران حول الملف النووي. وكرر ماكرون مرات عدة أنه سيقترح على النظام الإيراني بدء مفاوضات حول البرنامج الباليستي الإيراني كي يدخل ضمن إطار للمراقبة. لكن أغلب الظن أن ترامب لن يوافق على القول إن إيران ملتزمة الملف النووي كما فعل في 13 تشرين الأول (أكتوبر)، بل أن يزداد احتمال الإعلان عن الخروج منه، خصوصاً أن كل التركيز الإعلامي حالياً في الولايات المتحدة هو على كتاب تحدث فيه مستشاره السابق بانون عن فضائح تتناول شخصية ترامب.

وقد يرغب ترامب بتحويل الأنظار عن هذا الكتاب بقرار سيحدث ضجة إعلامية وعالمية مؤكدة في حال انسحب من الاتفاق النووي واستؤنفت العقوبات على إيران. وإذا عادت العقوبات الأميركية على إيران، فلا شك بأن أسعار النفط سترتفع ارتفاعاً كبيراً في السوق العالمية مهما رفضت أوروبا تطبيق العقوبات. وستكون الشركات الأوروبية التي لديها أعمال في الولايات المتحدة شديدة الحذر في خرق العقوبات الأميركية. وسبق لمصرف «باريبا» أن دفع غرامة ثمانية بلايين دولار بسبب خرق العقوبات الأميركية. وفي حال ارتفع سعر النفط ستضطر منظمة «أوبك» أن تزيد بعض الإنتاج النفطي كي تعيد استقرار السوق تخوفاً من حدوث نقص.

ولكن حتى الآن لم يتضح بعد ما إذا كان ترامب سيزيد عقوبات على بعض الأشخاص وبعض المؤسسات الإيرانية على غرار التي اتخذتها وزارة المالية الأميركية في بداية كانون الثاني، أم أنه سيخرج من الاتفاق النووي الإيراني على رغم ضغوط الأسرة الدولية.

الشركات الأوروبية، ومنها «توتال» الفرنسية، تستثمر حالياً في مشروع تطوير غاز من ساوس بارس للاستهلاك المحلي الإيراني ببلايين الدولارات، وهي مستمرة بذلك. وإذا صدر القرار الأميركي بالعقوبات، من الصعب أن تتمكن الشركة في استمرار العمل حتى لو قالت مصادر الشركة عكس ذلك. وماكرون أعلن أنه سيزور إيران لكنه قال أيضاً إنه لم يحدد بعد موعد الزيارة وإنه سيقول للإيرانيين إنه لا يوافق على سياستهم في المنطقة، سواء في العراق وسورية وفي لبنان واليمن، وإنه عازم على التحاور مع كل من لا يتفق معه في العالم. لكن الحوار مع الحرس الثوري لا فائدة منه ما دام طموحه هو الاستمرار في الهيمنة وزعزعة استقرار المنطقة. فمفهوم أن الدول الأوروبية متعطشة لعقود في بلد كبير مثل إيران. وقرار ترامب من شأنه أن يتصدى لغزو الشركات الأوروبية السوق الإيرانية إلا إذا كان يقرر الامتناع عن العقوبات على صادرات النفط الإيراني وقرر فرض عقوبات محددة على أشخاص، عندها يسمح لشركات أميركية مثل بوينغ وغيرها باستمرار التعامل التجاري مع إيران. بيد أن مراقب تغريدات ترامب حول إيران يراهن على أنه قد يعيد العقوبات على هذا البلد وينبذ الاتفاق الدولي النووي معه. لكن لا شيء مضموناً مع ترامب.