جاسر الحربش

بعد جدل قصير مع رئيس التحرير عن مقال لم يجز للنشر يوم الاثنين الفائت طالت المحادثة مع الأستاذ خالد المالك وتشعبت حول الميتة أو الإماتة الوشيكة للمؤسسات الصحفية السعودية واحتمال تسريح الطواقم العاملة، وأظنهم بعشرات الألوف.

الصحافة الورقية السعودية منذ القدم كانت تشبه من الناحية البيولوجية دجاجة بياضة تعود ملكيتها للقطاع الخاص، فأما البياض فيذهب لملاك المؤسسة والمساهمين، وأما الصفار فتتصرف بما ينزل للسوق منه وزارة الإعلام، وتبقى الكأكآت للقراء. بسبب ما يشبه فيروس الانفلونزا بصيغة إلكترونية دخلت صحافتنا الورقية في وضع حرج فهي تئن وترتعش وتطلب العلاج، ومن الأساس كانت مقاومتها ضعيفة. مناعة المؤسسات الصحافية تعتمد على الشعبية التي تتمتع بها، وهذه تعتمد على طول الحبل بينها وبين الرقابة الإعلامية. هذا الحبل لم يكن طويلاً، مقارنة بالمؤسسات الصحفية العالمية المستقلة، وكان الجود من الموجود كافياً حتى وصل الفيروس الإلكتروني الفتاك.

ما زالت الدول الغنية تعتبر مؤسساتها الصحفية العريقة جزءاً هاماً من الإرث الثقافي والاجتماعي والسياسي، لذلك تضخ اليابان المال في مؤسسة صحفية مثل أساهي شيمبون وألمانيا في ديرشبيقل وفرانكفورتر الجيماينه وفرنسا في لوبوان وبريطانيا في التايمز وأمريكا في الواشنطن بوست ونيويورك تايمز، بعض المساعدات من الدولة وبعضها من القطاع الخاص. لماذا ورغم الإصابات هناك بنفس الآفة يحصل الدعم، لأن تلك الدول تعتبر هذه المؤسسات العريقة جزءاً مكملاً لتاريخها الفكري والسياسي والاجتماعي والتجاري يجب أن تحافظ عليه.

في الدول المذكورة أعلاه يجري التحديث على قدم وساق للاحتفاظ باسم المؤسسة وموظفيها وعمالها وذلك بتحويلها إلى منافس إعلامي واقتصادي بمواصفات التقنيات التواصلية الحديثة. لكن ثمة إشكال في تحول صحافة وطنية ورقية في دولة نامية إلى مؤسسة إعلامية إلكترونية، لكون أنظمة التطبيقات والخوادم والنوافذ توجد في الخارج، وتحديداً في الولايات المتحدة الأمريكية.

الصحافة الوطنية الورقية عصية على الاختراق والقرصنة والدس في النص بالحذف والإضافة، لكن الصحافة الإلكترونية في دولة نامية خوادمها التقنية في الخارج لن تكون بمأمن من ذلك.

هل من حل لتعويم السفينة حتى يتم التحديث والاستقلالية التقنية المحلية؟. ابحث عن الحل عند المستفيد الأول من وجود صحافة تتناسب مع طموحات المستقبل محلياً وعالمياً.