تبلغ قيمة سوق الخدمات اللوجستية في السعودية حاليا 67.5 مليار ريال، تمثل ما نسبته 55 في المائة من إجمالي السوق الخليجية، وتحتل المرتبة الثالثة الأكثر جاذبية في الأسواق الناشئة، فيما يتوقع أن يصل حجم القطاع إلى 94 مليار ريال عام 2020، بحسب الهيئة العامة للاستثمار.

ويأتي ذلك بالتزامن مع عقد مؤتمر الاثنين المقبل في الرياض، حول "سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية" الذي سيسهم في تحقيق أهداف "رؤية 2030" في جعل المملكة مركزا لوجستيا عالميا، يعتمد بشكل رئيس على النقل بقطاعاته المختلفة بمشاركة القطاعين العام والخاص، وذلك برعاية الدكتور نبيل العامودي وزير النقل.

وموقع السعودية استراتيجي عند تقاطعٍ تلتقي فيه ثلاث قارات مختلفة، كما يهب قطاع النقل سواء أكان المرور برا أو بحرا أو جوا أفضلية تنافسية جغرافية تيسر له إمكانية الوصول إلى الأسواق الناشئة الرئيسة والاستفادة من الممرات البحرية المهمة.

ووفقا لتقرير للهيئة العامة للاستثمار اطلعت "الاقتصادية" على نسخة منه، فإن موقع السعودية عند مفترق طرق تجارية دولية مهمة تربط آسيا وأوروبا وإفريقيا، يعد الأمثل لتوزيع السلع على مستوى دول المنطقة وكذلك دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يبلغ إجمالي ناتجها المحلي 9 تريليونات ريال ويقطنها 647 مليون مستهلك.

وذلك علاوة على وقوع السعودية على طريق آسيا - أوروبا التجاري، الذي يشهد عبور 12 في المائة من تجارة الحاويات العالمية سنويا.

وتمتاز السعودية بتوافر بنى تحتية راسخة للخدمات اللوجستية، وهي بنية مجهزة على النحو الأمثل، إضافة إلى ما تشهده من تطوير مستمر بما يواكب سوقا سريعة التوسع. ووجهت الحكومة جهودا كبيرة نحو نمو هذا القطاع من خلال الإصلاح التنظيمي والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية للخدمات اللوجستية.

وذكر التقرير، أنه تم الإعلان عن خططٍ لاستثمار 112.5 مليار ريال في مرافق ترقية موانئ المملكة لتمكنها من التنافس العالمي، كما تم تخصيص 159 مليار ريال لتطوير أول ميناء خاص في السعودية "ميناء الملك عبد الله"، متوقعا أن يتعامل مع 20 مليون حاوية نمطية بحلول عام 2020، بينما تستثمر السعودية 337.5 مليار ريال بعمليات تطوير موسعة للبنى التحتية للطرق والسكك الحديدية فيها.

وأشار التقرير إلى أن الإنتاج الصناعي في السعودية يشكل نسبة 90 في المائة فعليا من الصادرات غير النفطية، ما يعني أن صناعة الخدمات اللوجستية تتأهب لدفعة كبيرة بعد أن تستقر في محاورها الجديدة في المدن الصناعية المركزية.

وحول شحن البضائع، اعتبر التقرير مساهمة قطاع الشحن في سوق الخدمات اللوجستية هي الأكبر في نمو هذا القطاع، فقد ارتفع حجم السوق من 40 مليار ريال في عام 2010 إلى 52.1 مليار ريال في عام 2015، إذ يهيمن النقل البحري على وسائل النقل، حيث بلغ 26.25 مليار ريال.

وتوقع زيادة سوق الشحن بنسبة 6.4 في المائة ليصل إلى 71.25 مليار ريال بحلول عام 2020، حيث عزا الارتفاع إلى زيادة عدد المغتربين، وارتفاع أسعار الوقود، ونمو التصنيع، والنهوض بالقطاع، وشيوع التجارة الإلكترونية.

ويهيمن الشحن البحري بحسب التقرير، على سوق النقل في السعودية، ليؤدي دورا رئيسا في استيراد وتصدير البضائع في جميع أنحاء البلاد، حيث تتعامل الموانئ السعودية مع نحو سبعة ملايين حاوية نمطية، وتستقبل أكثر من 11 ألف سفينة سنويا، مشيرا إلى أنه في عام 2017 عبرت بضائع تزن أكثر من 270 مليار طن عبر تسعة موانئ صناعية وتجارية في السعودية، ما يجعلها مستحوذة على أكبر شبكة بحرية في الشرق الأوسط.

وتطرق التقرير إلى سوق قطاع سلسلة التبريد في سوق الخدمات اللوجستية السعودية الذي لا يختلف عن القطاعات الأخرى، إذ شهد نموا واضحا خلال السنوات الأخيرة، بمعدل سنوي مركب نسبته 4 في المائة من 2.92 مليار ريال عام 2010 إلى 3.65 مليار ريال في عام 2015.

وتوقع أن يصل إلى 6.15 مليار ريال بحلول عام 2020 نتيجة المشاركة النشطة من قبل الصناعة الدوائية والطلب المتزايد على الفواكه الطازجة والمعالجة والخضراوات واللحوم ومنتجات الألبان.

وفي قطاع الطيران، لفت التقرير إلى أن القطاع يحظى بتطبيق تعزيزات كبيرة توفر فرصا رائعة للمستثمرين، إذ تضم شبكة النقل الجوي حاليا 27 مطارا، منها ست مطارات دولية وثمانية إقليمية و13 محلية، وينمو النشاط والحركة بمعدل متضاعف باستمرار.

في حين استقبلت هذه المطارات 85 مليون مسافر في عام 2016 بنمو سنوي قدره 4 في المائة، وإدارة 710 آلاف رحلة بنمو سنوي نسبته 10 في المائة). وتعاملت مع 1.5 مليون طن من البضائع بنمو سنوي 7 في المائة.
وتعكف السعودية حاليا بحسب التقرير، على توسعات بمطاري جدة والرياض، وخاصة في مطار الملك عبد العزيز الدولي فضلا عن استحداث مطارات جديدة في الطائف وجازان والقنفذة وفرسان ونجران، للاستفادة من الخصخصة وبدعم من مطار شانغي الدولي في سنغافورة، فضلا عن أن مرافق الشحن الجوي تنال حصتها من هذا التحديث السريع، بغرض التوسع، والتخلص من اختناقات البنى التحتية.

والهدف هو زيادة إجمالي حجم الشحن الجوي في المملكة ليصل إلى ستة ملايين طن سنوياً بحلول عام 2030، إضافة إلى تشغيل شركات الطيران الجديدة في السوق، ما يعني خيارات أكبر، سواء في الأسعار الأفضل أو الوجهات الأكثر، ما يدعم هدف السعودية في أن تصبح مركز الملاحة الجوية في الشرق الأوسط.

وبالعودة إلى مؤتمر سلاسل الإمداد المقرر عقده الإثنين المقبل، إذ يعد فرصة مهمة لتبادل الرؤى وطرح الأفكار لتكوين المناخ الملائم لخدمة وتعزيز الشراكة مع قطاع الأعمال ومجاراة التحديث المستمر في هذه الصناعة.

وأوضح تركي بن عبدالله الطعيمي مستشار وزير النقل المشرف العام على التسويق والاتصال المؤسسي، بأن إيجاد بنية تحتية وخدمات متكاملة في قطاع النقل واللوجستيات سيدعم النمو الاقتصادي بأفضل المعدلات، وبما يمكن من نجاح متطلبات التنمية بالاعتماد على استراتيجية النقل الوطنية التي تحاكي "رؤية المملكة 2030".

وأضاف الطعيمي، أن المؤتمر يعد فرصة مهمة ومشجعة لعقد شراكات اقتصادية، وفرصا استثمارية تعزز البيئة التنافسية والتكامل بين القطاعات المختلفة بهدف الارتقاء بجودة الخدمات اللوجستية.

وبين، أن المؤتمر سيسلط الضوء على عددٍ من المواضيع الحيوية التي تشكل تحديا للاقتصاد والحركة التنموية في المملكة، كما سيتم استعراض إنجازات وخطط القطاعات المعنية بالخدمات اللوجستية التي من شأنها خدمة قطاع الأعمال ومجاراة التحديث المستمر الذي يشهده القطاع اللوجستي كونه أحد أهم القطاعات الاقتصادية الواعدة التي من شأنها تعزيز مصادر الدخل الاقتصادية واستقطاب مزيد من الاستثمارات.

وقالت الوزارة، إن المؤتمر سينفرد باستضافة أكبر تجمع لصناع قرار سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية، وسيشارك فيه أكثر من 30 متحدثا دوليا ومحليا على مدار يومين، وسيتم خلاله تقديم عدد من أوراق العمل والبحوث التي تتناول أفضل الممارسات العالمية وتطبيقها على عمليات سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية، إضافة إلى موضوعات مهمة في تطوير المفاهيم المبتكرة للشحن والتخزين، وتطوير إجراءات الجمارك والموانئ.

في حين تشارك شركة كي بي إم جي الفوزان وشركاه، المتخصصة بالمراجعة والضرائب والاستشارات، كراع استراتيجي في المؤتمر، وستستعرض في المؤتمر رقمنة سلاسل الإمداد التي تتيح للشركات الاستفادة من فرص الإيرادات وتعزيز مشاركة العملاء، في ظل التطور الرقمي السريع وتزايد أهمية الخدمات المتعلقة بالرقمنة.

وقال خليل السديس الشريك المدير لمكتب "كي بي إم جي" في الرياض، إن المشاركة للمؤتمر تأتي في إطار اهتمامها بدعم السوق المحلية والاقتصاد السعودي لتطوير قدراته في إدارة العمليات المرتبطة بسلاسل الإمداد والتعرف على أفضل التجارب والممارسات العالمية وتطبيقاتها.

وأشار السديس إلى أن المؤتمر يوفر منصة مهمة لتبادل الرؤى والأفكار والخبرات والتجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء عمليات سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية ورفع كفاءتها بما يتواكب مع "رؤية المملكة 2030"، لتصبح المملكة مركزا لوجستيا يربط بين قارات العالم.