مهرجان دبي لمسرح الشباب.. مغامرة تجريبية بين بوصلة الضياع وسؤال الفلسفة

&

غالية خوجة&&

تتواصل فعاليات مهرجان مسرح دبي للشباب، على صالة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وكان احتفاؤها، أول أمس، بشخصية العام الفنان مرعي الحليان، إضافة إلى احتفائها بالمسرحية الثامنة بعنوان «صدى الروح» لمسرح دبي الشعبي، تأليف وإخراج أحمد الشامسي الفائز عن مشاركاته المسرحية السابقة بعدة جوائز، وتمثيل محمود القطان، سمية الداهش، محمد إسحاق، عبيد الكعبي، طلال محمد، والتي تدور أحداثها في فضاء مكاني موضوعي مفتوح على جميع الأمكنة المحتملة، مثل القارب، الغرف، نقطة الالتقاء، وهو المكان الذي تلتقي فيه خمس شخصيات، هي «الباحث» الذي يحبس كلاً من «المنعزل» و«المدمن» و«المشرد» و«الراقصة»، لإثبات نظريته «الصمت والبوح». بينما يظهر المكان الداخلي للإنسان هو المكان الحقيقي الذي تستنطق فيه الشخصيات أعماقها، لتشارك إحداها البوح مع الأخرى، فيبرز المجتمع بأعرافه المظلمة، وتعقيداته الظالمة، وتأثيراته وانعكاساته السالبة المترسبة في الدواخل الباحثة عن إنسانيتها وسلام روحها وأمان وجودها، متحدثة عن حياتها بدءاً من الآن، وعودة إلى الذاكرة، ثم الاصطدام بالواقع، والبحث عن الحلم.&
وما بين الصمت و«المونولوغ» الداخلي و«الديالوغ» والاصطدام والبحث يصبح الضياع بوصلة للحالة الدرامية التجريبية، الرافضة للقيود السوداء الخارجية، تاركة للروح صداها «المونولوغي»، وهذا الصدى هو البطل غير المجسد، إضافة إلى شخصيتين معنويتين أخريين هما اللغة العربية الفصحى والموسيقى.&


اتسمت كيفية العرض نصاً وإخراجاً وتمثيلاً بحالة إيجابية جميلة تناغمت إلى حدّ ما مع «السينوغرافيا»، لولا زجّ بعض التداخلات التي ظهرت دون وظيفة مناسبة، مثل الهجرة والغرق في البحر، وإضافة بعض الممثلين لحركات وكلمات كوميدية لم تكن في مكانها المناسب، وهذا ما أكدته آراء المشاركين في الندوة التطبيقية اللاحقة التي أدارها الفنان إبراهيم سالم، وأجاب عن أسئلتها الكاتب والمخرج الشاب أحمد الشامسي علماً بأنها تجربته الإخراجية الرابعة، بينما أكد الفنان مرعي الحليان لـ «الاتحاد» تجريبية العمل وجرأته وسؤاله عن الذات والمجتمع، مع مراجعة النفس بين الهروب إلى الوراء والأمام، مضيفاً: تمنيت لو أن المشهدية البصرية على مستوى الحركة والمشهد والإضاءة كانت أكثر حركية وتطوراً.&
وسبق المسرحية، أمسية خاصة بشخصية العام للمهرجان، الفنان مرعي الحليان المعروف بنشاطه الإبداعي المتنوع بين الكتابة والتمثيل والإخراج، إضافة إلى ممارسته الإعلام سابقاً، وبدايته الشعرية التي عززت تألقه على المسرح بدءاً من «حبة رمل» (1973)، مروراً بتجربته الدرامية التلفازية مع مسلسل «مرمر زماني» (1996)، ثم «حاير طاير»، وتجربته الدرامية الإذاعية، ومنها «سعيد وسعيدة»، وتجربته المسرحية الموجهة للأطفال ومنها «مهاجرون»، الفائزة بعدة جوائز نصاً وإخراجاً، محلياً، ومؤخراً في عُمان، عبوراً إلى عضويته للعديد من الجهات والهيئات، كعضو مؤسس وإداري وعضو لجنة تحكيم، وصولاً إلى فوزه بالعديد من الجوائز الإماراتية والخليجية والعربية.&


تحدث الحليان عن تجربته في الأمسية التي أدارها الفنان ياسر القرقاوي، وشارك فيها الفنانون والمثقفون والحاضرون، مؤكدين طاقته كفنان شامل وإعلامي، ينبع تألقه من «المحبة» الخالصة للفن عموماً، والمسرح خصوصاً، ولذلك حياته متداخلة مع «أبو الفنون»، وهو ما أكد عليه الحليان: المسرح بحر، فنون جمالية مطلقة، وعمل جماعي، ونهايته اللاوصول، وكل تجربة هي بمثابة مغامرة جديدة، وعندما سأله القرقاوي: كناقد ماذا تقول للشباب؟ أجاب: القراءة والحضور والتأمل في لغة الدواخل ولغة الجسد، لأن المسرح ورشة دائمة مستمرة.&
أمّا عن العلاقة بين الشعرية والمسرح؟ فقال: إذا لم يكن الفنان شاعراً فلن يكتمل إحساسه، وثيمة المسرح المعاصر أنه مزيج من المذاهب والمدارس، وسر جماله الأساسي الشعر والموسيقى.&
بدوره، شارك سعيد النابودة مدير عام هيئة دبي للثقافة والفنون بالإنابة، قائلاً: شخصية العام عادة تكون مثالاً للشباب، الذين نتمنى منهم التواصل معها، مضيفاً: جاهزون لتبني مشروع السيرة الذاتية للفنان مرعي الحليان.