& حمد الماجد

&

«ما شهدنا إلا بما علمنا» هي القاعدة الذهبية في التعامل مع الكم الهائل من الأخبار المتضادة والتحليلات التائهة والتخرصات المختلفة والتوقعات المتباينة التي صاحبت الحادثة المفجعة المؤسفة باختفاء الزميل جمال خاشقجي، وإلى كتابة هذه السطور، لم يظهر «رسمياً» من كل أطراف هذه التخرصات ما يرفعها ويبدد غيوم التكهنات إلى شمس اليقين. لكن اليقين في المسألة هو في هذا الزخم الهائل من التفاعل الدولي «الاستثنائي» مع الحدث الفاجعة وردود فعل الدول الكبرى والصغرى والمتوسطة والمؤسسات الدولية؛ وردود الفعل الإعلامية والسياسية التي اختلط فيها عامل الإثارة الذي يجذب كل البشر مع عامل تصفية الحسابات السياسية وتفريغ كم هائل من الحقد والغل والتشفي ضد السعودية ليتحول اختفاء الإعلامي البارز إلى «قميص جمال» يرفعه البر والفاجر، الصادق والكاذب، الشريف والوضيع، لكن بلا ريب أن ضجيج المنتهزين والحَقَدَة والفاجرين في الخصومة قد ملأ الدنيا زعيقهم وصخبهم وتاهت الأصوات الصادقة الناصحة المخلصة حتى صَدَقَ على كثيرٍ منهم القول بأن ردود فعلهم الصاخبة «ليست حباً في جمال ولكن كرهاً في السعودية».


ولأن السعودية ليست واحدة من الدول ذلك بحكم تفردها دينياً وجغرافياً واقتصاديا، فإن حدث اختفاء الزميل جمال خاشقجي نال هذا الاهتمام الإقليمي والدولي، ولو أن صحافياً فنزويلياً اختفى بعد زيارته لقنصليته في أذربيجان لما حصل له هذا الزخم الهائل من التغطية الإعلامية وردود الفعل العالمية، ومع التسليم بإنسانية وفاجعة اختفاء جمال خاشقجي، إلا أن الأجندات المتربصة في الظلام وجدت بغيتها في الحدث فأطلت برؤوسها الشريرة تريد الإضرار بكيان المملكة بأي طريقة، ولهذا كان الشعب السعودي ومعه عدد من الشعوب العربية والإسلامية على مستوى من الوعي الذي استطاع أن يفرز بين إنسانية الحدث فيتعاطف مع «المختفي» ويشهر كارته الأحمر ضد «إخفاء» السعودية من منصة التأثير، و«الإخفاء» تعبير دقيق أستعيره هنا من تغريدة للصديق وزميل الحرف الدكتور زياد الدريس عن حادثة الاختفاء المؤلمة.
مواقف السعوديين المساندة لوطنهم وقيادتهم تعني أنهم مع الكيان الوطني بكل مكوناته مهما كانت نتائج اجتهادات وقرارات قيادتهم، يشاركونهم في غُنمها ويتحملون معها غُرمها، حلوها ومرها، وهذا ما لم يفهمه البعض في ردود فعل الشعب السعودي ضد الحملة الإعلامية العنيفة التي استهدفت المملكة بعد اختفاء الصحافي جمال خاشقجي.