&عائشة المري&

نجحت مملكة البحرين رغم التحديات الداخلية والخارجية في إنضاج تجربتها السياسية، إذ شهدت في عام 2001 إقرار الميثاق الوطني الذي جسد رؤية الملك حمد بن عيسى آل خليفة لمشروع الإصلاح السياسي في البلاد، والذي تعهد بتنفيذه منذ توليه مقاليد الحكم في عام 1999، حيث صوت الشعب البحريني بنسبة 98.4% على ميثاق العمل الوطني، الذي مثّل وثيقةً متكاملةً للإصلاح والتحديث، ولإقرار المقومات الأساسية للدولة والمجتمع، ولعلاقات البحرين الخليجية والعربية والدولية. وأكد الميثاق الوطني أهمية الحياة النيابية في المملكة بالارتكاز إلى مبدأ المشاركة الشعبية للبدء في مسيرة الديمقراطية، وتحديث المؤسسات السياسية والاقتصادية.&


وتعد انتخابات 2018 التجربة الانتخابية الخامسة لمملكة البحرين، حيث تجري الانتخابات كل 4 سنوات. وتتكون السلطة التشريعية من مجلسي النواب والشورى، وتجري الانتخابات لاختيار 40 عضواً لمجلس النواب، فيما يتم تعيين أعضاء مجلس الشورى (40 عضواً) وفق أمر ملكي. أما المجالس البلدية، فلكل محافظة مجلس بلدي منتخب، عدا محافظة العاصمة التي تتكون من مجلس يُعيّن بأمر ملكي. وتجري الانتخابات لاختيار أعضاء المجالس البلدية بالمحافظات الثلاث الأخرى، وهي: المحرق (10) أعضاء، الشمالية (12) عضواً، والجنوبية (8) أعضاء. وستجري الانتخابات البلدية المرتقبة بالتزامن مع النيابية في 24 نوفمبر، على أن تكون جولة الإعادة مطلع ديسمبر المقبل، ويحق لـ 365 ألفاً و467 ناخباً التصويت في 40 دائرة انتخابية في 4 محافظات.
لقد تمكنت مملكة البحرين من تجاوز المحاولات كافة التي استهدفت أسس الدولة والحكومة، ونجحت في تجاوز الأزمات الكبرى التي خلقتها القوى الإقليمية تلبيةً لأجنداتها، ولإعاقة المشروع الإصلاحي والممارسة الديمقراطية في البحرين. ففي 14 فبراير 2011، اندلعت حركة شغب في البحرين بالتزامن مع ما سمي «الربيع العربي»، لكن التزامن لا يعني بالضرورة التشابه في الأسس التي أدت إلى دعوات التظاهر. وسرعان ما اتضحت الصورة في البحرين، فأعمال العنف والشغب لم تكن سوى محاولة لاستهداف استقرار البحرين، وتنفيذاً لأجندات خارجية. وقد بدا البعد الطائفي لأعمال الشغب صارخاً.&


ومع ذلك، فقد تجاوبت الحكومة البحرينية مع مطالب المعتصمين، ودعت في يوليو 2011 إلى حوار سياسي وشعبي، بمشاركة جميع القوى البحرينية، بهدف تحديد مطالبها. ورغم التقدم الإيجابي في الحوار الوطني، ورغم التعديلات الدستورية التي أقرتها الحكومة بهدف تعزيز صلاحيات السلطة التشريعية، وترسيخ المشاركة السياسية والشعبية في إدارة شؤون البلاد، ورغم التقدم الإيجابي في الحوار الوطني، فإن تصاعد العنف آنذاك أظهر بأن الحركة المعارِضة تهدف للتأزيم وليس للبحث عن حلول سياسية سلمية.&
إن البحرين كانت ولا تزال إحدى الدول الرائدة التي تبنت في وقت مبكر برنامجاً للإصلاح الشامل بإقرارها الميثاق الوطني عام 2001 كانعكاس لأهمية التحديث الديمقراطي في بناء الدولة.
وفي الانتخابات المرتقبة، تؤكد مملكة البحرين مجدداً تلك الثوابت، إذ شجعت على المشاركة في الانتخابات شرائح المجتمع كافة، بما يعكس النموذج الديمقراطي البحريني الرائد. فالحكومة البحرينية تواصل استكمال المشروع الإصلاحي للملك، فيما تحاول المعارضة المدعومة من الخارج استغلال كل شيء للإساءة لمملكة البحرين، حيث تلقى عدد من المرشحين تهديدات عبر حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تدار من إيران، وكذلك من تنظيمات سياسية تعمل في الخارج بينها «جمعية الوفاق» المنحلة، لثنيهم عن المشاركة في العملية الانتخابية.&
وينتظر أن يتوجه البحرينيون نحو مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات النيابية والبلدية، ليثبتوا للعالم إصرارهم على إنجاح الامتحان الديمقراطي والاستحقاق السياسي المقبل.

&

&