&محمود موسى

عندما يذكر اسم النجم حسين فهمي تأتي إلينا مفردات الرومانسية، فقد فرض نفسه نجما من أول فيلم، وطوال سنوات طويلة لم تغرب شمس نجوميته حتي أصبح أيقونة للشباب والفن والرومانسية والحب، ففي خلال 50 عاما قدم أكثر من100 فيلم، وأدي العديد من الأدوار والشخصيات التي جعلت من اسمه رمزا لفتي الأحلام، وقد حرص علي أن تكون اختياراته ذات احترام لعقول الناس، لهذا استمر وحافظ علي مكانته في قلوب جمهوره.

وتقديرا لمشواره الفني الكبير سيتم تكريمه في المهرجان القومي للسينما المصرية مساء 4 نوفمبر بمسرح الجمهورية، وبمناسبه تكريمه كان هذا الحوار معه.

منذ عام تقريبا أجرينا حواراً في «الأهرام» كان عنوانه «حرصت علي عدم وجود أي ذكر لإسرائيل خلال رئاستك لمهرجان القاهرة»، وقبل أيام أثيرت ضجة حول تكريم المخرج الفرنسي «كلود ليلوش» بسبب مواقفه الداعمة لإسرائيل وتم وقف تكريمه فما رأيك فيما حدث؟

لا تستطيع أن تفصل الفن عن السياسة فأنا أري أن الفن سياسة والسياسة فن، ودائما هناك فنانون يتم استخدامهم لمصلحة السياسة، وتم استخدام البعض لعرض وجهة نظر سياسية معينة، ودائما كان يوجه لنا سؤال عندما كنا نسافر للخارج عن علاقتنا بإسرائيل والعلاقات الثقافية. إذن هي مسألة سياسية.

ولكن كلود ليلوش ليس إسرائيليا؟ فهل دورنا أن نحاسب الآخر علي مواقفه من إسرائيل حتي لو لم يكن إسرائيليا؟

ليست محاسبة طبعا ولكن ما موقفه من اسرائيل بالضبط وما مدي دعمه لها؟! وقد ثبت أنه داعم حسب ما نشر من صور ومعلومات، وهناك مثلا مخرج كبير مثل »ستفين سبيلبيرج« تربطني به علاقة جيدة عندما قابلته قال لي: » أنا مع أهلي وليس لي دخل بكم ولست ضدكم« فهذا منطق وموقف، ولكن إذا تحدثنا عن واحد آخر يدعم اسرائيل وبني مستشفي مثلا باسمه مثل »مايكل دوجلاس« فهذا داعم، وهنا الفرق بين من يدعم مباشرة، وبين من هو يهودي فقط.

إذن رأيك حتي لو كان غير عربي نقاطعه ؟

لا نقاطعه إلا حسب موقفه من الاحتلال ومدي دعمه للدولة الصهيونية ولهذا فإني أري أنه يجب أن أدرس الشخصية التي سيتم تكريمها، لأنه من الممكن أن يكون له موقف ضد بلدنا، فمثلا كلود ليلوش له موقف داعم للجيش الإسرائيلي وفي الوقت الذي يقوم هذا الجيش باحتلال فلسطين ويشرد شعبها ويقتلهم هو واقف مع المعتدي فكان لابد من البداية أن يتم عمل دراسة كافية للأشخاص الذين يكرمون.

خلال فترة رئاستك هل كانت هناك محاولات لتوريطك في هذا النوع من المكرمين أو مشاركات أفلام إنتاج إسرائيلي؟

يجيب ضاحكا: طبعا هناك أسماء وأفلام وكنت أدقق حتي في أسماء شركات الانتاج التي أنتجت هذه الافلام، وأبحث عن رأس مال هذه الشركات من أين؟

هل تعتقد أن قرار التراجع عن التكريم سيكون له رد فعل سلبي؟

بالتأكيد وبذلك خسرنا مرتين الأولى إعلان تكريم، والثانية تراجع، والسبب وراء ذلك عدم التدقيق في دراسة من يكرم، لهذا لابد من التدقيق حتي لا تحدث مثل هذه الورطات، وأعتقد أن هذه مشكلة الآراء المتعددة.

لماذا اعتذرت عن رئاسة مهرجان القاهرة؟

بضحكة عالية يقول: من أجل ذلك.. حتي لا تحدث لي مشكلات مثل التي حدثت، لجان منبثقة من لجان الخ، وأنا لا أعمل في مثل هذه الأجواء، أنا كنت رئيس مهرجان يعني رئيس مهرجان وعارف أنا بعمل ايه.

بعد أيام ستكرم من المهرجان القومي للسينما المصرية بعد أن تم تكريمك من قبل من مهرجاني القاهرة والإسكندرية ..هل التكريم وقعه يختلف عليك من مهرجان عن مهرجان؟

طبعا وأنا سعيد بتكريم المهرجان القومي، لأنه خاص بالسينما المصرية، وهو مهرجان الدولة والتكريم له طعم مميز.

عبر تاريخك هل كان في خططك أن تقدم كل هذا التنوع الوطني والرومانسي والتراجيدي؟

كان كل هدفي السعي إلى أن أكون مميزا ومختلفاً من عمل لآخر، وليس تقديم نوع واحد من الأدوار، أوالأفلام كان هدفي أن أغير من شكلي ومن أدائي، ومواضيع الأعمال التي أقدمها إلي جانب أن تكون هناك مفاجأة للمشاهد، كل شخصية أقدمها تكون جديدة فمثلا إذا شاهدت دوري في «موعد علي العشاء» ستجدني مختلفاً عن «الإخوة الاعداء» غير «اللعب مع الكبار» وشخصيتي في «العار» غير «جري الوحوش» وعلي مدي مشواري الفني كان كل ما يهمني أن يتساءل المشاهد عندما يري إسمي علي »الأفيش« ما الجديد الذي سيقدمه حسين؟! ويجد جديداً بالفعل.

كيف استطعت أن تجعل من اسمك وأداءك عنوانا للبهجة؟

السينما بهجة، وعندما أوافق علي عمل أحب أن أؤدي باستمتاع، ولهذا اعتذرت عن أعمال كثيرة جدا، لأني شعرت بأنني غير مستمتع بها،وبالمناسبة لو أنا مستمتع بالعمل سيظهر ذلك، والسينما متعة، والبعد عن التكرار هو ما يجعل للفنان استمراراً.

هل غنيت من قبل في افلامك؟

بضحكة عالية قال : حدث ذلك مرة واحدة، حيث غنيت »للفول« في فيلم جميل جدا بعنوان «حلوة يا دنيا الحب»، بطولتي مع محمود المليجي، سهير رمزي، ونجوي فؤاد، وفيه أغنية جماعية واحنا بنفطر بعنوان » يا سلام علي الفول« عن أهمية وفوائد الفول، ويستكمل ضحكته قائلا: هذه هي المرة الوحيدة التي غنيت فيها.

&

أنت تجيد أكثر من لغة ومع ذلك لم تذهب للعالمية؟

أنا مصري «قوي» وأحب أن أعيش هنا، وقد تكلمت مع «عمر الشريف» حول هذه المسألة ولقد عشت في الولايات المتحدة اصلا، وكان ممكن أن أكمل لكن أنا عاشق ومرتبط بمصر، وأري أن الفنان اذا لم يعرف يعبر عن ناسة وأهله لن يستطيع أن يعبر عن الآخرين ، و«عمرالشريف» دائما كان يقول لي: «انا عايش جوه شنطة ملابس من بلد لاخر وسفر دائم»، لهذا لم يستطع أن يكون لديه أصدقاء، وكان كل الناس بالنسبة له معارف، وفي الآخر استقر هنا،وهو عاش عيشة صعبة، ولقد جربتها في سنواتي الأولي في أمريكا، ومن هنا كان قرار الاستقرار في وطني مصر، لأعبر عن الإنسان المصري، وعن السينما المصرية التي احببتها جدا، أفضل من معيشتي في الخارج، فمثلا عمر الشريف عمل «جيفارا» ، و«دكتور زيفاجو» من روسيا، وشخصية «لورانس العرب» من الجزيرة العربية، وشخصية من النمسا كلها شخصيات ليست هو.

فهذا يثري ويغني الحياة الفنية، ودائما ما يحرك الفنان ضميره، فهناك ميثاق شرف هو ضميره، والمشاهد اذا سمع عن فيلم لا يعجبه لا يذهب لمشاهدته، واذا دخلت فيلما ولم يعجبك كفكر ورأي اخرج ولا تكمله كنوع من الرفض .

ما تفسيرك للضعف الفكري في كثير من أفلام هذه الايام؟

السينما ثلاثة عناصر: فن وصناعة وتجارة، لو هناك عنصر سيطر علي عنصر تفشل، وحاليا ضلع التجارة هو المسيطر، لهذا تجد أن الفن تقهقر، والصناعة تقهقرت، لكن عندما نتحدث عن فيلم مثل «العار» ستجده نموذجا ففيه الثلاثة عناصر متساوية جداََ، والفيلم نجح وحقق إيرادات عالية، لأنك لازم تنجح حتي يكمل المنتج مشواره، وحاليا نعاني من عدم وجود فيلم فيه مقومات فنية تقدمه للمهرجانات، ولقد كنت أعاني أثناء رئاستي مهرجان القاهرة عدم وجود أفلام تليق باسم السينما المصرية، وفقدنا أيضا الناحية التجارية في معظم البلاد العربية لأننا نقدم فناً لا يناسب العصر من إبهار وفكر.

قلت إنك ضد تدخل الدولة في الفن؟

بالتأكيد ضد ذلك، وايضا ضد الرقابة، وأري أن ضمير الفنان هو الرقيب، وفي مرة تحدث معي منتج أجنبي كبير وسألني هل عندكم رقابة؟ فقلت: نعم، فقال: «لا سأصور في مكان اخر«، ثم إن تاريخ الرقابة هو نوع من التسلط من أيام الاحتلال واستمر، لهذا اطالب بأن تنبع الرقابة من داخل الفنان، والمجتمع هو الرقيب مثل كل العالم؟

ما الذي يحكم اختياراتك عبر مشوارك الفني الطويل؟

النص والمخرج والمنتج حتي الأبطال، أهم شئ عندي انك تستطيع أن تقول «لا» فالقوة في الرفض، وفيه مثل مصري يقول: » كنتي فين يا لاء اما قلت آه». ويضحك .

هل قلت «لا» كثيرا واعتذرت عن افلام؟

كثيرا وهذا يحتاج إلى شجاعة وقدرة، خصوصا عندما تمر بفترات مادية صعبة، وأعترف لك بأنه حدث تقريبا مرتين وافقت علي فيلمين وكان النص ممتازا، وبعد أن بدأنا التصوير اكتشفت أن المخرج لا يعرف كيفية تنفيذ الفيلم، فاضطررت إلي أن أتدخل، وكان معي فريد شوقي، لأني وجدت الفيلم »رايح في داهية«، وحدث هذا مرة أخري في فيلم ثان وتدخلت ايضا.

هذا ينفي ان السيناريو الجيد يصنع فيلماً جيداً؟

لابد من توافق كل العناصر فممكن مخرج عبقري يعملك من الفسيخ شربات.

من اول طلة وانت نجم هل هذا اضرك؟

لا.. ابدا، كان تحدياً كبيراً، بمعني كيف أستمر لما تكون تحت، وتطلع السلم فهذا اسهل، وتستمتع أنك طالع، أما انا فقد بدأت من فوق، لهذا فالمسئولية كانت اصعب في المحافظة علي ما حققته.

ما اول فيلم قمت ببطولته؟

فيلم »نار الشوق« بطولة صباح ورشدي أباظة.

هل الفيلم كتب لك ام كان لزميل آخر؟

كان نور الشريف صور فيه 3 أيام وسافر واختفي فترة، وأنا كنت لسه راجع من أمريكا، وكان المخرج «محمد سالم» ومساعده أحمد يحيي، وبعده حسن الامام كان بيعمل «دلال المصرية»، والمفاجأة انه عرض قبل «نار الشوق» بوقت قصير، وأتذكر أن الفيلمين تصادف عرضهما في وقت واحد، فكان «دلال المصرية» في سينما ميامي، و«نارالشوق» في سينما ديانا، والفيلمان مختلفان تماما عن بعضهما، »فدلال« جاد، ونار الشوق« غنائي اجتماعي.

&

> النجم حسين فهمى يتحدث لـ«الأهرام»

من من المخرجين الكبار لم تعمل معهم؟

صلاح أبو سيف كان أستاذي، وبعد رجوعي من الدراسة في الولايات المتحدة كانت اعماله قلت، ولكنه عرض علي بطولة فيلم «حمام الملاطيلي» ورفضت، وقال لي: ستحصل علي جائزة وصممت علي رفضي، لأن الدور كان لشاب شاذ، في الوقت الذي كنت فيه حلم الفتيات وبعد ذلك عرض علي فيلم «السيد كاف» مع الراحلة سناء جميل، لكن ظروفي لم تسمح.. المهم لم نتوافق.

من من المخرجين توافقت معه؟

مع بركات وحسام الدين مصطفي وحسن الامام ومحمد خان وشريف عرفة.

هل هناك نوع من الادوار يضر بالنجم؟

طبعا اتذكر مشهداً عمله أحمد رمزي في »ثرثرة فوق النيل« أضره عشر سنوات وهو المشهد اللي عمل فيه امرأة ويغني «الطشت قالي»، هذه شخصيات تضر، وقابلت أحمد رمزي بعدها وكان فقد شعره، قلت له ياريت تطلع بالشكل ده وكلمت »حسين كمال« وجاء له دور وبدأ يعمل بعدها وانا بيكون لي نظرة لاني مخرج.

هل السينما ودعت عصر الافلام الاستعراضية والتاريخية؟

بالتأكيد والسبب أنها مكلفة واذا تحققت ستسهم في عودة الجمهور لدور العرض.

هل كنت تتصور كل هذا النجاح لفيلم «خللي بالك من زوزو»؟

لم يكن هناك أحد يتصور أن فيلم »خللي بالك من زوزو«، ينجح كل هذا النجاح حتي »صلاح جاهين« نفسه الذي كان شريكاً في الانتاج هو وعبد الحليم نصر وتكفور انطونيان وكل منهم دفع 5 الاف جنيه وجاء أثناء التصوير وقال لي الفيلم لن ينجح وطلب مني اشتري حصته فقلت له ازاي؟ وانت كاتب الفيلم المهم باع حصته لعبد الحليم نصر ونجح الفيلم نجاحا كبيرا.

هل يوجد زملاء في العمل يجعلونك تبدع اكثر؟

فريد شوقي ورشدي اباظة وعادل ادهم ومن النجمات الكبيرات شادية وعملت معها 4 افلام ونجلاء فتحي ونادية لطفي وكان لهم تأثير كبير في بدايتي ومن المخرجين بركات وحسن الامام.

الرئيس السيسي دائما يطالب بعمل فن يرتقي بالوجدان ..كيف يتحقق ذلك؟

مهمة الفن الارتقاء بالناس.. ساعات فيه اعمال تهبط للقاع وهذه كارثة، لأن الفن دوره الارتقاء بالمجتمع، وتعليم الناس، وسوف أضرب لك مثلاً: المخرج محمد كريم في أحد افلامه قام بغسل الشجرة والجاموسة وكان يقول علشان الفلاح يتعلم، فالفن ليس تصوير القمامة، الفن مفروض يرتقي وفي فترة كانت فلسفة القبح مسيطرة للاسف.

اذا طلبت منك ان تختار قائمة افضل عشرة أفلام لك ماهي؟

قال ضاحكا:هناك افلام كثيرة احبها وأختار منها دلال المصرية، الرصاصة لا تزال في جيبي، خللي بالك من زوزو، اللعب مع الكبار، العار، جري الوحوش، الاخوة الاعداء، انتبهوا أيها السادة، موعد علي العشاء، الحمد لله عملنا حاجات كتير، وعلي فكرة فيه فيلم مهم لا احد يتحدث عنه كثيرا وهو »الحب قبل الخبز احيانا« للمخرج سعد عرفة.

نحن في اكتوبر 2018 ألك بصمة في سينما اكتوبر؟

الحمد لله طبعا فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي» وأنا أسمع اصواتا تقول السينما «معملتش اللي لازم تعمله»، وأنا أري انني و السينمائيين عملنا اللي علينا، وأي عمل عن انتصار اكتوبر لابد من موافقة الجيش، وفيلم «الرصاصة» كان خط بارليف حقيقيا فعلا ويؤرخ لهذه المرحلة وهو تحول للمجري الملاحي الجديد وهو ذكاء مقصود باننا دمرنا هذا الخط عسكريا وتم تحويله الي ممر ملاحي بعد ذلك.

الآن ما الشخصية العسكرية التي تقبل تجسيدها خصوصا أن هناك بطولات تحدث في سيناء؟

سيحدث لي الشرف لو جسدت أي شخصية، وأي رتبة لأنهم بيعملوا معجزات وبطولات ولي الشرف أن أقدم أي شخصية.

هل تخشي من الافلام التي يتم تمويلها من الخارج وخصوصا في الفترة المقبلة بعد ان تم تجفيف الجمعيات الحقوقية وتحول اموال الدول الي الفن لتكون معركة ابداع؟

طبعا فيه دول تمول افلاماً بقصد وهدف وهذا تتعرض له مصر ودول شمال افريقيا وعلينا مواجهة ذلك بعيدا عما يقال من فكرة نظرية المؤامرة.

هل آراء النجم السياسية تضره؟

لابد، أن يكون للنجم رأيه،.. لايجب ان يقول النجم: أحتفظ برأيي لنفسي.. انا طول عمري أقول رأيي، واللي يزعل يزعل، والفنانون الكبار مثل »جين فوندا« قالت رأيها وانها ضد الحرب في فيتنام، لا تفكر في ارضاء الجميع خلي عندك الشجاعة وقل رأيك .

ما هي الرسالة التي توجهها للمسئولين وتقول لهم انتبهوا؟

للطابور الخامس في كل المجالات: التعليم والاعلام والوزارات احذروا فإنهم لايريدون أي تقدم .

ولمن تقول له «عار عليك»؟

اللي خرج عن الصف العربي ومن يشجع الارهاب وعار علي من شارك في تدمير الدول العربية

والرصاصة الاخيرة علي من تطلقها؟

قال ضاحكا: أريد مدفعاً رشاشاً .. اطلقه علي كل من يحاول إيذاء هذا الوطن .