& زاهي حواس

&قد استطعت خلال الأيام القليلة التي قضيتها لمشاهدة فعاليات سوق عكاظ أن أشاهد، بل وأشترك في كثير من الفعاليات، وقد استطعت أن أتفاعل مع المواطنين الذين جاءوا لمشاهدة العروض الفنية والمسرحية والشعرية، بل وأتحدث مع كثير من المواطنين الذين جاءوا ليعرضوا منتجاتهم التراثية، ولذلك فأنا هنا أقدم للقارئ العزيز تجربة محايدة لمواطن مصري عاش وشاهد كل أنشطة السوق، ووجدت أن من واجبي أن أكتب عن هذه التجربة بالتفصيل مع الإشادة بالنظام والفكر المتقدم الذي جعل كل مواطن يعرف واجباته وحقوقه، ويجد مكاناً لكي يضع فيه السيارة ثم ينتقل لبوابات السوق، ويجد هناك مكاناً للصلاة ومكاناً آخر للمأكولات، بحيث يستطيع المواطن أو الزائر أن يمكث هو وأولاده وعائلته أكبر مدة ممكنة والتي تبدأ منذ صلاة العصر حتى الساعة الحادية عشرة مساءً. ويصل عدد الزائرين إلى 40 ألف يومياً.

وهناك كثير من البرامج مثل البرنامج الثقافي ويستمر لمدة خمسة أيام، وهذا البرنامج يتم أسفل خيمة السوق الشهيرة، وهناك تقام المحاضرات والأمسيات الثقافية والأدبية والندوات وأمسيات شعرية، بالإضافة إلى الحوار مع المؤلفين، ويشترك في كل هذا المواطن السعودي وكثير من المواطنين من الدول العربية، وهنا نجد التفاعل بين المثقف السعودي والعربي حتى إن هناك نحو 230 شاعراً عربياً شاركوا في هذه الفعاليات الثقافية طوال أسواق عكاظ التسع الماضية.
أما جادة سوق عكاظ فتعتبر أكثر الأماكن في السوق جاذبية، وخاصة لأن المضمار يقع في منتصف السوق، ولذلك يمكن مشاهدة العروض على مسافة ألف متر. وفي الجادة يمكن أن نشاهد عروضاً مسرحية قديمة وحديثة وأن نشاهد ملابس هذا الزمن وأن نشاهد أساليب البيع القديمة، بل ومشاركة الأسر المنتجة لكي يقدموا منتجاتهم ويتم بيعها للمواطن. مع العلم أن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تقوم بدفع تكاليف المواطنين، بل وإقامتهم بحيث تساعدهم على أولاً الإبداع وفي الوقت نفسه فرصة لتسويق منتجاتهم. هذا وتسمع عروض الشعر العربي في مسرح يطلق عليه «مسرح الشارع والمعلقات الشعرية».
ومن أهم فعاليات السوق هي الحرف اليدوية والصناعات التقليدية، ولذلك يشترك أهل السعودية من كل مكان؛ بحيث نجد منتجات الأسر من الشمال والجنوب والشرق والغرب، وكل مكان له طابع خاص؛ حيث نجد أشكالاً متنوعة من الحرف اليدوية القديمة والتي تعرض داخل محلات صغيرة يشاهدها كل الزوار يومياً. وهناك صناعة الأواني الفخارية والمشارب والأزياء والأثاث والأدوات المنزلية، بل وصناعة الذهب والأدوات النحاسية والحدادة والمجوهرات. وهناك أماكن أخرى يقدم بها المواطن السعودي الحرف المنزلية القديمة مثل الغزل وصناعة الحصير والسلال واستخلاص المسلي الطبيعي والقشدة من حليب الماشية. وسوف نجد أن المرأة السعودية هي التي تعمل وتنتج هذه الصناعات التقليدية وهي التي تقوم في الوقت نفسه بالتسويق والبيع. وكما أشرت من قبل بأن كل هؤلاء يتم ترتيبات الإقامة لهم بل وتذاكر السفر، ولذلك فهم يقدمون التراث اليدوي التقليدي، وفي الوقت نفسه يتم مساعدتهم على المعيشة.

&