& عبدالمحسن بن سعد الداود

&لم تكن رؤية المملكة 2030 بعيدة عن الاستشراف المستقبلي لما سيكون عليه الوطن بعد خمسة عشر عاماً، فقد جاءت وهي تحمل محاور رئيسة رائعة ستمثل أساساً حيوياً لأي تنمية مستقبلية هدفها "بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر في وطن طموح". ومن ضمن بناء مجتمع المستقبل زيادة مشاركة المرأة في التنمية، وبرنامج تعزيز جودة الحياة، وبرنامج تعزيز الشخصية الوطنية السعودية.

وتحقيقاً لهذه المبادئ الجوهرية في رؤية المملكة صدر قرار مجلس الوزراء قبل عام تقريباً بتأسيس مجلس لشؤون الأسرة لكي يتولى تنسيق السياسات ووضع التنظيمات المتعلقة بتنمية ورعاية شؤون الأسرة داخل المملكة، وتحسين كفاءة الخدمات المقدمة لها، ومساندتها في جوانب حياتها كافة، فالمملكة وانطلاقاً من رؤية 2030 تضع الأسرة نصب أعينها في قراراتها ومبادراتها كافة.

وهذه الخطوة الرائدة في تأسيس مجلس شؤون الأسرة ليس الهدف منها فقط تعزيز دور الأسرة في المجتمع، ولكن أيضاً التعريف بجهود المملكة فيما يتعلق بالأسرة لدى المحافل الدولية، وتشجيع المشاركة الأهلية في الاهتمام بقضايا الأسرة. هذا خلاف اهتمامه بكبار السن ووضع نظام يكفل حقوقهم الاجتماعية، وسعيه إلى تمكين المرأة وحماية الطفل.

ومن خلال متابعتي لنشاط المجلس لمست اهتماماً خاصاً من القيادة العليا بتفعيل دوره في أسرع وقت ممكن ليتمكن من الوفاء بالأهداف التي أنشئ من أجلها، من خلال المبادرة بإعداد استراتيجية للأسرة السعودية تتضمن قاعدة معلومات تخدم قضاياها، ورفع التوعية المجتمعية بحقوق أفراد الأسرة وواجباتهم، ومعرفة الاحتياجات الخاصة بالأسرة والمرأة والطفل ليوحد الجهود، ويضع الخطط الاستراتيجية الكفيلة بتحقيق أهدافه، فبدأ بالسعي إلى ترجمة أهدافه إلى واقع عملي.

والأسرة السعودية وإن كانت بحمد الله متماسكة في كل أمورها بصفة عامة، إلا أن هذا لا يعني أنها لا تعاني من المشكلات خاصة في ظل التحولات الاجتماعية والقيمية التي نشهدها في عالمنا المعاصر، فمن المعلوم أن دور ومكانة الأسرة لن يتعززا، ويتحقق تأثيرها في المجتمع إلا إذا كانت قوية متماسكة ترعى أبناءها وتلتزم بالقيم الدينية والأخلاقية والمثل العليا، فالأسرة هي عماد وأساس المجتمع، ويقع على عاتقها دور كبير ومهم في البناء الاجتماعي والالتزام القيمي والذي سيكون من مهام المجلس.

ولن يكتمل عمل المجلس ونرى أهدافه تتحقق فعلياً على أرض الواقع ما لم نر الشركات الكبرى ورجال الأعمال والمؤسسات الوقفية وهي تبادر للمشاركة ودعم هذه النشاطات النوعية كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية في دعم أهداف المجلس خاصة أن من ضمن أهدافه قبول الهبات والوصايا والأوقاف والتبرعات، فمثلاً خطته في وضع قواعد تنظيمية للمراكز النهارية لكبار السن، أو إنشاء مراكز لحماية المرأة والطفل من العنف، أو تبنيه الدراسات والبحوث المتعلقة بالأسرة السعودية، جميعها أعمال اجتماعية نفتقد إليها كثيراً، فهذه دعوة لرجال الأعمال للإسهام في دعم نشاطات المجلس، وتحقيق المشاركة المطلوبة التي نتطلع إليها جميعاً.