وليد الأحمد&

بيان النائب العام السعودي حول قضية مقتل خاشقجي والمؤتمر الصحافي لوزير الخارجية أول من أمس كانت منسجمة في إيصال ثلاث رسائل سعودية مهمة للرأي العام الدولي عن القضية، أولها يتعلق بعدم صدق الأتراك في التعاون بالتحقيق، ويقدم ثانيها إجابة عن حقيقة تغيير الرواية الرسمية السعودية لمرات عدة، في حين تتعلق الثالثة وهي الأهم، بأن القضية لن تؤثر على الخطى الثابتة للسعودية لتحقيق رؤيتها الطموحة 2030 وسيكمل ولي الهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ما بدأه من مشاريع الرؤية للبناء وتنويع مصادر الدخل وتمكين المرأة والإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، ولو كره الكارهون.


ففي الرسالة الأولى كان بيان النائب العام واضحاً حين جدد مطالبه للسلطات التركية «بتزويدها بالأدلة والقرائن التي لديهم ومنها أصول كافة التسجيلات الصوتية التي بحوزة الجانب التركي المتعلقة بهذه القضية، وأن يتم توقيع آلية تعاون خاصة بهذه القضية مع الجانب التركي لتزويدهم بما تتوصل له التحقيقات من نتائج وفقاً لأحكام النظام، وطلب ما لديهم من أدلة وقرائن تدعم أو تتعارض مع ما تم التوصل إليه من نتائج للإفادة منها». وقالت النيابة السعودية: «ننتظر استجابة تركيا لطلبنا الحصولَ على الأدلة والتسجيلات الصوتية»، ما يعني أن الضجة التركي التي تملأ وسائل الإعلام عن المطالبة بالتعاون في التحقيق لا تعدو كونها تربحاً سياسياً من حكومة أردوغان، كما صرح بذلك وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان. وبدا وزير الخارجية عادل الجبير أكثر وضوحاً في إيصال هذه الرسالة حين قال: «التعاون هو الوسيلة الأفضل ويسهم في توحيد صف الدول الإسلامية ووصول الحقائق بشكل أفضل وهو ما تعمل عليه المملكة، وإذا كان هناك جهات تملك معلومات يمكن أن تسهم في الوصول إلى الحقائق فعليها أن تتقدم بها لا أن تروج لها في الإعلام»، مؤكداً رفض مثل هذه التصريحات والاتهامات، والتزام المملكة في أن يأخذ القضاء مجراه، وخاصة أن التحقيقات مازالت جارية ومازالت هناك أمور غامضة، آملاً من الأشقاء في تركيا أن يوفروا أي معلومات قد تسهم في توضيح الأمور التي لا تزال غامضة.

وفي الرسالة الثانية الخاصة بتغير التصاريح الصادرة من المملكة منذ بدء القضية حظيت هذه الجزئية بأسئلة عدة للصحافيين الحاضرين، سواء في مؤتمر النيابة العامة أم مؤتمر الخارجية، وأظهر الجبير بلاغة في الحجة حين أعطى مثالاً لقضية تفجير أوكلاهوما في الولايات المتحدة، وكيف أن الـ«إف بي آي» قالوا في البداية إن المنفذ عربي وهرب عبر مطار دلاس، ثم اتضح مع التحقيقات أنه شخص آخر، وأضاف: «هل سنتهم إف بي آي أو وكالات إنفاذ القانون بأنهم غيّروا روايتهم لأنهم اكتشفوا معلومات أخرى». مشيراً إلى أن الرواية تتغير لأننا مازلنا نتحدث عن تحقيق لم يكتمل في جريمة قتل، فمن الطبيعي أن هناك معلومات وتطورات تستجد حول القضية، مع كشف المزيد من الأدلة تتغير النظرية وتصبح أكثر تركيزاً.

أما الرسالة الثالثة فهي أن التهديدات الفارغة للمملكة ولقيادتها والاستناد على تأويلات وفبركات تركية لمحاولة النيل من الأمير محمد بن سلمان، لا قيمة لها بالنسبة للمملكة، إذ أكد الجبير أنه «لا وجود لأية علاقة لولي العهد السعودي بالقضية، ومن قام بهذه الجريمة أفراد تجاوزوا مسؤولياتهم والتزاماتهم، وقاموا بخطأ فادح سيدفعون ثمنه. ولن تغير الحملات الإعلامية الشرسة من سياسات المملكة الثابتة في مواجهة الإرهاب والتطرف، والعمل على استقرار أسواق النفط، إلى جانب مواجهة الممارسات الإيرانية، وتحقيق الأمن في سورية، ولبنان، واليمن، السعودية مستمرة في برنامج الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص عمل للمواطنين وتمكين المرأة والشباب، وخلق مناخ فيه إبداع وإنتاج والعمل لتقليص الاعتماد على دخل النفط، كما سنستمر في التعاون والعمل مع أصدقائنا وحلفائنا في كل المجالات».

لا شك أن الرسائل السعودية في قضية خاشقجي وصلت إلى الرأي العام الدولي مع الإشارة إلى أنه كان بالإمكان تسويقها باللغة الإنكليزية بشكل أفضل مما تم، فوكالة الأنباء السعودية (واس) اكتفت بترجمة بيان النائب العام ووضع رابطه على موقعه في «تويتر»، من دون نشر لتصريحات مقتضبة لأبرز ما جاء فيه، في حين أن موقع مركز التواصل والإعلام الجديد التابع لوزارة الخارجية نشر تغريدة واحدة فقط باللغة الانكليزية، لتغطية تصريحات الجبير، مقابل عشر تغريدات بالعربية، في حين سجل مركز التواصل الخارجي التابع لوزارة الإعلام غياباً لي «تويتر» حتى كتابة هذه المقالة (بعد 24 ساعة على مؤتمر النائب العام).

&