تتهيأ جدة التاريخية في السعودية لمرحلة جديدة تقودها إلى إبراز مكوناتها التراثية ومزاياها المعمارية، بتحويل وسط الموقع إلى متحف مفتوح، عبر مشروعات عديدة تشمل التجديد العمراني ومراعاة الموقع بفتح طرقات وربط أخرى.

وتسعى وزارة الثقافة السعودية، التي تشرف على إدارة جدة التاريخية، إلى معالجة العيوب التي أدت إلى ضعف الرّواج السّياحي والتجاري في الجانب الغربي، عبر الخطة الجديدة التي تسهم في استثمار بيوتها التراثية ومساجدها العتيقة وأسواقها المتنوعة، وطرازها المعماري الفريد.

وشرعت وزارة الثّقافة في ربط شرق شارع الذهب بغربه داخل المنطقة التاريخية في وسط جدة، وتحويله إلى متحف مفتوح بعد إزالة نفق العلوي الواقع في منتصف المنطقة، والذي كان قد أنشئ قبل 37 عاماً، وذلك بهدف تمكين السّائح من الاستمتاع بالشوارع التراثية والبيوت القديمة، وزيادة التواصل البصري بعيداً عن ضجيج السيارات.

وسيعالج هذا المشروع وضع قرابة 3 آلاف محل تجاري تضرّرت من وجود النفق، وتشمل سوق التمور والبخور والنورية والأسواق التراثية القديمة وبيوتها العتيقة ومعالمها المهمة، إذ كان النفق يحجب عملية الرؤية ويعطي انطباعاً لزائري المنطقة التاريخية القادمين من شارع قابل بنهاية السوق والمنطقة لتقاطع الكوبري.

من جانبه، أكد عبد العزيز العيسى، المشرف العام على إدارة مدينة جدة التاريخية، أنّ المنطقة التاريخية مقبلة على نهضة تطويرية تراثية عالمية، وأنّ ارتباط إدارة مشروع جدة التاريخية بوزارة الثّقافة يمنحها ميزة إضافية ودوراً فاعلاً مرتقباً، إذ أبدت الوزارة اهتماماً بالمواقع الأثرية والتاريخية، وعملت على حل كثير من المشكلات التي كانت تواجه المستثمرين والقائمين على إثرائها، لا سيما أنّ المنطقة تضمّ الكثير من المساجد الأثرية والأبنية القديمة والحارات العتيقة، أهّلتها لتكون مدينة تاريخية معتمدة من قبل «اليونيسكو» منذ عام 2014. وأشار إلى أنّ المشروع سيتخلّله ممشى تراثي، وتوجد به عربات الغولف الكهربائية التي تنقل كبار السن وذوي الاحتياجات، ويتجوّل السّياح في منطقة ممتدة أشبه بالمتحف التراثي المفتوح، لا سيما أنّ شارع الذهب سيخصَّص للمشاة.

وأوضح العيسى، أنّ المشروع لن يؤثّر على الامتداد التاريخي والبناء المعماري والتراث العمراني للمنطقة، ولن يؤدي إلى أي إساءة للشكل العام، وسيسهم في معالجة بعض العيوب الموجودة، لا سيما أنّ نفق سوق العلوي كان يتسبب في تعطيل العملية التجارية غرب المنطقة، وأسهم في تضرّر أكثر من 3000 محل تجاري موجودة بعد النفق. وتابع أنّ الوزارة تدرك العمق التراثي للمنطقة التي كانت ممراً رئيساً للحجّاج والمعتمرين الذين يصلون إلى ميناء جدة عند مبنى المحمل التجاري حالياً، ويدخلون إلى جدة التاريخية عبر بوابة البحر أو البنط، وتخرج القوافل بعدها إلى مكة.

كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قد وافق على مقترح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إنشاء إدارة مستقلة باسم «إدارة مشروع جدة التاريخية» بموازنة مستقلة تحت إشراف وزارة الثّقافة، في إطار الاهتمام بالمكونات والمعالم التاريخية في البلاد.

&