&أحمد عبدالتواب

&&من الأفضل التوقف قليلا بمناسبة موقعة الفستان حتى نتعرف أكثر على العقلية التى تثير هذه المعارك وتصر على فرضها على قمة أولويات الحوار العام، ذلك لأن الطفل النابه لا يقتنع بحجة أن فستانا، حتى إذا كان يكشف أكثر مما يستر، يمكن أن يؤدى إلى فتنة جماعية ويهدد أخلاق الشباب وينشر الرذيلة والفسق، لأن هذا الطفل يعلم أن الفضائيات والإنترنت تعج بأكثر مليارات المرات ولا تتوقف ثانية واحدة، وأنه من المستحيل منعها، وأن أخلاق المجتمعات لا تتهدد بفستان إلا إذا كانت خاوية تقوم على أسس واهية، فما بالك إذا كانت معرضة لما يشيعون أنه خطر ساحق ماحق بسبب فستان لا يتناسب أصلا مع وزن صاحبته؟

&هذه العقلية ذكورية مراوِغة، لا يحسب أصحابها أن المرأة كذلك مُعَرَّضة للغواية تماماً مثل الرجل، وأن منطقهم يُلزِمهم أن يحموها أيضاً، إلا أن خطابهم طوال قرون يخلو من التصدى للغوايات التى يمكن أن تقع فيها المرأة، وإنما همهم الأول هو فزعهم على الرجال الملائكة الأبرياء الأتقياء ضحايا المرأة الذين لا تزلّ أقدامهم فى الخطايا إلا بسببها! والخوف عندهم يتوقف عند أثرها الجنسى، ويكاد يختفى فى خطابهم ما يعبر عن مخاوفهم من إمكانية أن تكون وراء دوافع جرائم أكثر خطورة يقترفها الرجل، كالاختلاس والتزوير والانحراف بالوظيفة أو بالسلطة..إلخ، لذلك يصرون على وجوب تنقيبها وعلى أن تقرّ فى بيتها..إلخ. لأن الهم الوحيد لديهم أن يكون الرجل صالحاً بهذا المعنى، وليس فى بالهم أن يكون مواطنا إيجابيا خادما لوطنه منتجا مشاركا فى العمل العام والحوار الوطنى..إلخ.

وأما الكذبة الكبرى، ففى حجتهم بأنه لا يجوز الظهور بهذا الفستان فى مثل هذا الحفل، وكأنه ليس لهم موقف مبدئى ضد أى زى خارج عن تصورهم، فى أى مكان! وللتذكرة، ففى العام الكئيب الذى استولى فيه الإخوان على الحكم، طاف البعض بمظاهرات على الشواطئ يصرخون ضد المايوه أرهبوا بها السياح، وظهر بعضهم على التليفزيون يطالب بمنع الباليه لأنه لا يرى فيه إلا امرأة تستعرض ملابسها الداخلية!!