& موضي عبدالعزيز الحمود

& على مدى يومين متتاليين، عقدت رابطة الاجتماعيين الكويتية، ورشة عمل مغلقة حول تصورات الخطة الإستراتيجية للكويت، حتى عام 2035، ومتطلّبات تحقيق شعارها المرفوع «كويت جديدة».. اشترك في تلك الورشة ممثلون عن جمعيات النفع العام، ذات الصلة على اختلاف أنواعها؛ كجمعيات المحامين، والاقتصادية، والخريجين، وممثلين عن الجمعيات النسائية ورابطة المخترعين وغيرها الكثير، كما اشتركت غرفة التجارة والصناعة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والأمانة العامة لمجلس التخطيط.

وحسب علمي، هذه المرة هي الأولى التي تجتمع فيها الهيئات الرسمية مع جمعيات النفع العام في مناقشة صريحة ومفتوحة لأهم توجّه مستقبلي لاستراتيجية الكويت القادمة؛ حيث دارت المناقشات بين هذه المكونات المجتمعية المهمة حول مرتكزات خطة التنمية، كجهات صاحبة علاقة مباشرة في نمو المجتمع وتوجّهه.


ناقش الجميع مرتكزات الخطة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتربوية ودور القطاع الخاص في تحقيق هذه الرؤية. وهذا توجّه محمود، وكان مطلوباً بدرجة كبيرة، خاصة أثناء صياغة الرؤية، وخيراً فعلت الرابطة بعقدها وتنظيمها.
أشارت الأوراق المقدمة والنقاشات التي دارت إلى الفجوة التنموية المتزايدة ومتطلبات ردمها خلال الفترة الزمنية المحددة لتحقيق الرؤية، وهي 16 عاماً، وهذا ــــ ولا شك ــــ أمد قصير في حياة الأمم والشعوب.
أُثير خلال الورشة كثير من التساؤلات، التي ستظل مثارة بين جميع المهتمين في هذا الشأن، ومنها على سبيل المثال:
* هل من الممكن تحقيق هذه الرؤية في ظل المحددات والعقبات القائمة حالياً والمستمرة، التي لا نرى جهوداً حقيقة مبذولة لمواجهتها، وعلى رأسها اختلال موارد الدولة وما يحيط بها من خطر باعتمادها على مورد واحد مع تزايد العجوزات المالية في موازناتها السنوية، ومع تنامي تعداد السكان واختلال التركيبة السكانية، سواء بمكوّناتها الوطنية أو الوافدة، والتي تضاعفت بشكل مرعب، خاصة العمالة غير الماهرة، التي أصبحت «نهاراً وجهاراً» باباً للفساد والإثراء من تجارة الإقامات والاستفادة غير المشروعة؟
* وهل من الممكن تحقيق أهدافها مع تزايد مظاهر الهدر المالي الأخرى؛ كالتبذير والصرف المالي الحكومي غير المبرر، والعمولات المتزايدة مع رداءة التنفيذ لمشاريع الدولة.. وتفاقم مظاهر عدم احترام القانون وانتشار الواسطة واختلال ميزان الفرص، كمظاهر أخرى للفساد غير المالي؟
* وهل يمكن التطور مع تخلّف النظم التعليمية وتعطيل جهود محاولات الإصلاح في هذا القطاع طوال السنوات، حيث باءت هذه الجهود بالفشل وتخلّف التعليم تحت ضغوط الأجندات السياسية التي تسبّبت ــــ كذلك ــــ في تراجع الحريات وتراجع معايير القيم بقرارات وقوانين وضعت كعصيّ في دواليب التنمية؟


حديثنا قد لا يعجب البعض.. وقد لا يهتم به البعض الآخر؛ لأنه لا يؤثر في جيب المواطن حالياً.. لذا، تتجاهله الأغلبية من باب «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، ولكنه بالطبع يشغل من يحمل همّ هذا الوطن، وهمَّ استقراره مادياً ومعنوياً، ويحمل كذلك همّ أجياله القادمة من أبنائنا وأحفادنا.. القادم صعب، ولا بد من الاستعداد له بالرأي والمشورة والقرار الحاسم. وأخال كل ذلك أمراً لا تراه الحكومة بمنظورها الحالي.. ولذلك، سنظل نسأل من «يعلّق الجرس»؟
حفظ الله تعالى كويتنا، وأعان من يحمل همَّ بناء الوطن.. والله الموفِّق.

&