FINANCIAL TIMES

& توم ميتشل وشينينج ليو&

حلت لحظة التجلي التي ألهمت وانج شيانجسوي لتأليف كتابه الأكثر شهرة، بالقرب من مضيق تايوان، عندما كان عقيدا يبلغ من العمر 41 عاما في سلاح الجو الصيني.&
في آذار (مارس) 1996 أجرى جيش التحرير الشعبي تدريبات عسكرية تهدف إلى تخويف الناخبين التايوانيين قبل إجراء أول انتخابات رئاسية في جزيرتهم ذات الحكم الذاتي. كانت الحكومة الصينية تخشى من أن لي تنج هوي، الذي كان يشغل منصب الرئيس آنئذ والذي فاز في الانتخابات، مصمم على إضفاء الطابع الرسمي على استقلال تايوان القائم بحكم الأمر الواقع.


مع تصاعد الأزمة، شعر وانج أن لي كان قلقا بشأن تأثير التدريبات في سوق الأسهم في تايوان أكثر من قلقه بشأن صواريخ جيش التحرير الشعبي التي تتساقط في المياه الإقليمية للجزيرة. إذا كان انخفاض أسعار الأسهم يجعل الناس يشعرون بأنهم أكثر فقرا، كما يعتقد وانج، فقد يكونون أقل ميلا للتصويت لمصلحة لي.
قال وانج، وهو الآن أستاذ في كلية الطيران في بكين يبلغ من العمر 64 عاما، لـ "فاينانشيال تايمز"، "كان ذلك عندما أدركنا نحن العسكريين أن هدف الحرب يمكن أن يتغير. لم يكن الأمر يتعلق فقط بالاستيلاء على جزيرة".
بعد ثلاث سنوات، وبينما كان لا يزال في جيش التحرير الشعبى الصينى، شارك وانج وزميل له فى تأليف كتاب "الحرب غير المقيدة" Unrestricted Warfare، وهو دراسة حول الجبهات العديدة - التجارية، والاقتصادية، والتكنولوجية، والنفسية - التى يستطيع بلد ضعيف أن يتحدى فيها منافسا ذا قوة عسكرية أكبر.
بفضل هذا الكتاب يتمتع وانج بسمعة بوصفه واحدا من "صقور أمريكا" الرائدين في الصين. صقر آخر هو سونج كيانج "54 عاما"، وهو صحافي سابق ومؤلف مشارك في عدد من المجلدات من بينها كتاب "يمكن للصين أن تقول لا" China Can Say No و"لا يزال بإمكان الصين أن تقول لا" China Can Still Say No و"الصين ليست سعيدة" China is Not Happy. تم نشر "يمكن للصين أن تقول لا"، أول كتاب لسونج وأكثرها شهرة، بعد خمسة أشهر من أزمة الصواريخ التايوانية التي ألهمت وانج.
في الوقت الذي تنبأ فيه مقال فرانسيس فوكوياما حول "نهاية التاريخ" بأن المستقبل سيتميز بالتعايش السلمي إلى حد كبير بين الديمقراطيات الليبرالية، رأى وانج وسونج في الولايات المتحدة خصما طويل الأمد للصين.
قال سونج "حتى لو تحولت الصين إلى ديمقراطية على النمط الغربي "في التسعينيات"، فإن الألعاب التي تلعبها البلدان ضد بعضها بعضا لن تتوقف أبدا".
وبفضل الحرب الباردة الجديدة "صقور الصين" في واشنطن يحثون دونالد ترمب على خوض معركة ضد الصين وحزبها الشيوعي الحاكم، بينما يبدو "صقور أمريكا" في بكين، مثل وانج وسونج، كانوا من ذوي البصيرة حين كانوا يحذرون من تصميم واشنطن الواضح على احتواء الصين قبل وقت طويل من أن تصبح هذه الآراء رائجة.
ستيف بانون، مستشار البيت الأبيض السابق الذي حث ترمب على مواجهة الصين، قال "إن كتاب وانج المترجم إلى اللغة الإنجليزية في عام 2002 كان له تأثير كبير في الطريقة التي يرى بها الصين".&
قال بانون لـ "فاينانشيال تايمز"، "المواجهة مع الصين سياسية وثقافية وإعلامية واقتصادية. إنها مواجهة قوى عظمى. الحزب الشيوعي الصيني يستخدم جميع قوى المجتمع ضدنا، لكن ردنا كان باستخدام أسلوب التجربة والخطأ. في ظل ترامب، أنت ترى لأول مرة جميع عناصر قوة الولايات المتحدة تتلاقى أخيرا لمواجهة الصين".
هذا الأسبوع تم تسليط الضوء بشكل عجيب على رد "الحكومة ككل" الذي يجادل بانون بأن الولايات المتحدة ينبغي أن تتبنّاه ضد الصين، وذلك باعتقال مسؤولة تنفيذية صينية رفيعة المستوى في كندا. مينج وانزهو، كبيرة الإداريين الماليين في شركة هواوي تكنولوجيز، وكذلك ابنة مؤسسها، مطلوبة من قبل السلطات الأمريكية بزعم مخالفة عقوبات أمريكية التي تستهدف إيران.


قال وانج "إن اعتقال منج عمل تسلطي من قبل الولايات المتحدة، لا يمكنك استخدام قوانينك المحلية لتنظيم الدول الأجنبية".&
وكانت الولايات المتحدة تضغط بالفعل على حكومات غربية أخرى لتطهير شبكات بياناتها من المعدات التي صنعتها شركة هواوي، وهي إحدى الشركات الرائدة في العالم في الجيل التالي من تقنية الاتصالات 5G. وما يزيد الطين بلة أن اعتقال منج في فانكوفر جرى في اليوم نفسه الذي التقى فيه ترمب شي جينبينج في بوينس آيرس وأعطى الرئيس الصيني موعدا نهائيا جديدا يمتد 90 يوما للحد من الفائض التجاري الهائل للصين مع الولايات المتحدة، مع الالتزام في الوقت نفسه بإصلاحات اقتصادية "هيكلية" جذرية.
قال وانج "يبدو أن بانون استوعب بعض النقاط الأكثر إثارة للاهتمام من كتاب "الحرب غير المقيدة". إنه يعلم أن المواجهة "بين الولايات المتحدة والصين" لن تكون بالضرورة مواجهة عسكرية. لكن من التبسيط تماما أن نقول إن الصين تريد شن حرب "جميع الجبهات" مع الولايات المتحدة".
إذا حكمنا من غلاف الطبعة الإنجليزية لكتاب وانج، فمن السهل أن نرى كيف كان من الممكن أن يقفز من رفوف الكتب عند المستشار السياسي السابق لترمب وغيره من "صقور الصين" في الولايات المتحدة. غلاف الكتاب يحمل صورة لهجوم 9/11 الإرهابي على مركز التجارة العالمي في نيويورك مع عنوان فرعي "خطة الصين الرئيسية لتدمير أمريكا".


وفقا لوانج، كانت الطبعة مقرصنة. ويضيف أنه "لم يكن ليأذن بمثل هذا الغلاف أو العنوان الفرعي"، الذي قال عنه "إنه يشوه ويعطي صورة مثيرة لما هو في الواقع نص نظري أكثر جفافا بكثير عن الطبيعة الأوسع للحرب الحديثة".
يتذكر وانج الموقف قائلا "كنا غاضبين للغاية، فكيف يمكنهم ربطنا بابن لادن؟ لقد كنا ضحايا لانتهاك حقوق النشر في الولايات المتحدة". ولم يتسن لـ "فاينانشيال تايمز" الاتصال بالناشر، وهي شركة مقرها بنما، للتعليق على ذلك.
ومع أن سونج لا يتسامح مع هجوم 9/11، إلا أنه مثل كثير من المختصين الاستراتيجيين يرى أنه كان تطورا حمل شيئا من "الحظ" بالنسبة إلى الصين، لأن الحربين اللتين تلتا ذلك في أفغانستان والعراق شغلت واشنطن عن مواجهتها مع بكين في القرن الحادي والعشرين. وقال "الصين محظوظة لأن أحداث 9/11 حولت تناقضات العالم "إلى الشرق الأوسط" وأعطت الصين مساحة للتطور". وأضاف "لكن كان من المؤكد أن التناقض "بين الصين والولايات المتحدة" سيعود".


على خلاف نظرائهم الأمريكيين المشاكسين في كثير من الأحيان، مثل بانون وبيتر نافارو، المستشار التجاري للبيت الأبيض، وانج وسونج أكاديميان من النوع الذي يتحدث بهدوء. وعلى عكس بانون ونافارو، لم يسبق لهما أن شغلا أي منصب حكومي ذي نفوذ.
وانج عضو في الحزب، لكنه قال "إن إحدى فوائد مغادرة جيش التحرير الشعبي والانتقال إلى المجال الأكاديمي هي الحصول على حرية أكبر بكثير للتفاعل مع العلماء والمختصين من الخارج".&
لطالما نظرت السلطات الصينية إلى النزعة الوطنية القوية لدى سونج بحذر. دائرة الدعاية القوية للحزب حددت مبيعات أول كتابين له، وحظرت طبعة ثانية لكتاب "الصين ليست سعيدة" بعد نفاد الطبعة الأولى.
قال سونج "لم أكن أبدا جزءا من النظام أو عضوا في الحزب. دائرة الدعاية وأشخاص آخرون في الجهاز البيروقراطي يخشون دائما أشياء قد لا يتمكنون من السيطرة عليها".