&عبدالله محمد الشيبة

&«إن متحف اللوفر هدية من الإمارات للعالم» تلك هي مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي أطلقها عندما تم افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي بالتعاون مع متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس. ولقد ظلت تلك المقولة تسيطر على تفكيري عندما زرت «اللوفر أبوظبي» مؤخراً وتنقلت بين جنباته يتملكني الإعجاب الشديد بما تحمله من نحو 600 عمل فني دائم إضافة إلى 300 عمل تم استعارتها من متحف اللوفر في باريس، مما يجعل الزائر يقف أمامها منبهراً بما يراه من عرض سلس وشامل ومبسط لتاريخ الإنسانية.

ومتحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس يعتبر من أهم المتاحف الفنية في العالم، وهو أكبر صالة عرض للفن عالمياً وكان عبارة عن قلعة بناها «فيليب أوغوست» عام 1190م لتتحول لاحقاً إلى قصر ملكي عرف باسم قصر اللوفر قطنه ملوك فرنسا. وفي عام 1692م ولمدة 100 عام، شغل المبنى أكاديميتان للتمثيل والنحت والرسم حتى قيام الثورة الفرنسية، حيث أعلنت وقتها الجمعية الوطنية تحويل «اللوفر» ليكون متحفاً قومياً تعرض فيه روائع الأمة الفرنسية وتم افتتاحه رسمياً في 10 أغسطس 1793م. ويحتوي المتحف على عدة معارض حسب نوع الفن المعروض فيه وتاريخه ويبلغ مجموع أطوال قاعاته نحو 13 كيلومتراً مربعاً، وهي تحوي أكثر من مليون قطعة فنية سواء كانت لوحة زيتية أو تمثالاً. وتتنوع مقتنيات المتحف باختلاف الحضارات الإنسانية، حيث يضم مجموعة رائعة من الآثار الإغريقية والرومانية والمصرية ومن حضارة بلاد الرافدين، بالإضافة إلى لوحات وتماثيل يرجع تاريخها إلى القرن الثامن عشر الميلادي وتعكس في مجملها العديد من المدارس الفنية على مستوى العالم من أبرزها المدارس الفنية في فرنسا، إيطاليا، هولندا، فنلندا وبريطانيا.


أما متحف اللوفر أبوظبي، والذي تم افتتاحه في نوفمبر 2017، وتصل مساحته الإجمالية الداخلية إلى 8600 متر مربع، فيعمل على تحقيق عدة أهداف أبرزها القيام بدور حلقة وصل بين الفن الشرقي والفن الغربي. والمتحف يضم قاعات العرض ومتحف الأطفال و23 صالة عرض دائمة تقدم تحفا فنية تروي قصصاً من العصور التاريخية المختلفة للبشرية وصولاً إلى الوقت الحاضر في 12 سلسلة مختلفة. وتعكس تلك المعارض تميز «اللوفر» أبوظبي فهو بحق أيقونة المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، حيث يعرض الإنجازات الثقافية البشرية من عصور ما قبل التاريخ إلى يومنا هذا حسب التسلسل الزمني، وهنا تكمن عبقرية تنظيم متحف اللوفر أبوظبي، إذ يرتحل الزائر بين جدرانه منذ العصور السحيقة للإنسانية حتى العصر الحالي. وتتنوع مقتنيات المتحف لتعرض الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والدينية والتاريخية والثقافية لمختلف المجتمعات الإنسانية التي سكنت كوكب الأرض.&
ولعل من أبرز أقسام اللوفر أبوظبي المعرض الخاص بعرض الثقافة اليابانية إضافة إلى معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية: روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» والذي يتجول خلاله الزائر في خمسة فصول من تاريخ شبه الجزيرة العربية، تمتد من أول المجتمعات في العصر الحجري القديم، مروراً بعملية الاستكشاف البحرية، وطرق تجارة القوافل التي ربطت المنطقة مع آسيا وبلاد ما بين النهرين والبحر الأبيض المتوسط، وصولاً إلى طرق الحج التي برزت في القرن السابع ميلادي، والتطورات الاجتماعية والاقتصادية بين القرنين الرابع عشر والسادس عشر والتي مهدت الطريق لوصول المنطقة إلى الطابع الحديث في الوقت الحالي. والمحصلة النهائية لمن يختتم زيارته لأقسام متحف اللوفر أبوظبي هي اطلاعه على مسيرة البشرية الفنية والاقتصادية والثقافية وتنوع الحضارات في متحف هو واحة حقيقية للإنسانية مما يرسخ موقع أبوظبي عاصمة للثقافة في المنطقة.

&

&