عائشة المري

انتقلت قطر بالمواجهة مع المملكة العربية السعودية ودول المقاطعة العربية الثلاث الأخرى إلى موقع جديد فيما اعتبر بمثابة «إعلان حرب» على السعودية، بتنطعها للحديث عن نقل ملف «تدويل إدارة الحرمين الشريفين» إلى هيئة دولية! ففي توقيت مريب أعلن عن تأسيس ما سمي بهيئة مراقبة إدارة السعودية للحرمين الشريفين، في 9 يناير الماضي في كوالالامبور بماليزيا، وعرفت الهيئة المزعومة عن نفسها في موقعها الإلكتروني بأنها «مؤسسة لمراقبة إدارة السعودية للحرمين الشريفين، إلى جانب البقاع المقدسة بما فيها المواقع التاريخية والإسلامية»! وأصدرت تقريرها الأول الذي لاقى تطبيلاً منقطع النظير من الإعلام القطري الذي طبل لما أسماه ب«انتهاكات» و«فشل» في «إدارة الأماكن الإسلامية المقدسة»! كما نظمت الهيئة المزعومة مؤتمراً دولياً في إندونيسيا بعنوان «المواقع الإسلامية المقدسة في المملكة العربية السعودية والدور المستقبلي للدول الإسلامية في الإدارة والتطوير»، وأطلقت عريضة وحملة دولية إعلامية مكثفة تستهدف التحريض على إدارة الأماكن المقدسة في السعودية. فلماذا إذن تسعى قطر إلى «تدويل إدارة الحرمين»؟ هل هو تصعيد لأزمتها مع الدول الأربع وعلى رأسها المملكة العربية السعودية؟ أم هي وسيلة ضغط وابتزاز سياسي؟

صحيح أن قضية «تدويل الحرمين» ليست حديثة إذ تتوافق الدعوة القطرية مع الدعوات الإيرانية المتكررة منذ الثورة الإيرانية في عام 1979 لتسويق «تدويل إدارة الحرمين» والعمل الدؤوب على تسييس فريضة الحج وإثارة الفوضى في مواسم الحج المتكررة، ولكن قطر هي الدولة العربية الوحيدة التي طرحتها وروجت لها خدمة لأجندتها السياسية! فسياسة قِصر النظر القطرية والمصالح الآنية للحكومة القطرية تدفعها لإثارة القلاقل والبلابل في المنطقة خدمة لأهداف قصيرة المدى، وباستخدام كافة الأدوات الإعلامية المتاحة من وسائل إعلام مرئية ومقروءة، قطرية وغير قطرية، من الأقلام المعروضة للبيع وجحافل من المرتزقة على وسائل التواصل الاجتماعي، بالترويج والتحريض على «تدويل الحرمين» إضافة إلى استخدام الهيئات والمنظمات المشبوهة للمطالبة بالتحقيق في «انتهاكات» لحقوق الإنسان مزعومة حاولت الحكومة القطرية استخدامها في الفترة الماضية.

إن تفسير السلوك القطري يستوجب ملاحظة السياسة القطرية الساعية إلى حلحلة الوضع السياسي بعد حالة الجمود السياسي في الأشهر الماضية، بإثارة الأزمات مع دول الجوار بدءاً بإثارتها لأزمة مع دولة الإمارات العربية المتحدة بتصرفات وادعاءات استفزازية، كادعاء اختراق طائرة إماراتية للأجواء القطرية الذي حملته لردهات مجلس الأمن! ومن ثم قيام مقاتلات قطرية باعتراض طائرات مدنية إماراتية! ومن ثم عادت قطر لإثارة موضوع «تدويل الحرمين» إبان موسم الحج في العام الماضي، بعد أن روج الإعلام القطري وأقلام المرتزقة لأكاذيب منع السعودية للقطريين من أداء فريضة الحج! وهو ما نفته السعودية عملياً بقرار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز فتح المعابر الحدودية أمام الحجاج القطريين، واستضافتهم حتى إنهاء النسك بالمشاعر المقدسة، وحتى توفير طائرات تقلهم من الدوحة للأراضي المقدسة، وهو ما رفضته الحكومة القطرية آنذاك، لتثير قطر الضجيج بقضية «تدويل الحرمين»، وهو ما عدته السعودية وعلى لسان وزير الخارجية عادل الجبير بمثابة «إعلان حرب» على السعودية.

واليوم تعيد قطر الترويج لملف التدويل باستخدام إحدى أدواتها المموهة وهي هذا الموقع المشبوه المسمى ب«الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين» الذي قد يصدر تقرير أكاذيب شهرياً كوسيلة ضغط وابتزاز وتصعيد إعلامي ضد السعودية، في استهداف فج لا تستطيع قطر تحمل تبعاته في سعيها للمهادنة مع دول المقاطعة. وهو أداة رخيصة لتحقيق مصالح قصيرة النظر لا أكثر.

وقد صرح وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، الدكتور أنور قرقاش، بأن الخطة القطرية لتدويل الحرمين ستفشل كما فشلت في السابق، وقال، في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل «تويتر»، الاثنين الماضي، إن «خطة المرتبك نحو تدويل الحرمين ستفشل كما فشلت سابقاً»، وتابع «تعودنا منه السقوط والسقطات، وعرفنا عنه التآمر والأذى، وسيبقى معزولاً منبوذاً ولن تجلب هرولته له الأمان».