سلطان محمد النعيمي

ما أن أنهى الرئيس الأميركي كلمته وإعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران بتاريخ 8 مايو الجاري وتوقيعه المباشر لأمر قيام الجهات المختصة بإعادة العقوبات على إيران، حتى أعلنت وزارة الخزانة الأميركية إجراءاتها بهذا الشأن والتوقيتات الزمنية وتسلسل العقوبات.

نسير مع القارئ الكريم في هذا المقال لتناول تلك العقوبات وانعكاساتها على النظام الإيراني. ولكن وقبل الحديث عن تلك العقوبات وتسلسلها الزمني المفترض، لعل السؤال الذي يتبادر إلى ذهن قارئ هذه السطور: ما الذي يمكن أن يفعله النظام الإيراني لتجنب ما هو قادم من عقوبات والإبقاء على الاتفاق النووي؟

نشر البيت الأبيض قائمة من المطالب على إيران في حال رغبتها في مواصلة الحفاظ على الاتفاق النووي، والتي تمثلت في التالي:

على النظام الإيراني ليس فقط التخلي من الآن فصاعداً عن تصميم الأسلحة النووية، وإنما أيضاً عدم امتلاك صواريخ باليستية عابرة للقارات، ووقف العمل على إنتاج الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية، أو تقديم الصواريخ الباليستية لجهات الأخرى.

وقف النظام الإيراني دعمه الإرهابيين والمتطرفين، وكذلك تأييد وكلائه في المنطقة مثل «حزب الله» و«حماس» و«طالبان» و«القاعدة».

تخلي إيران عن «السعي المعلن للقضاء على إسرائيل»، و«تهديدها لحرية الملاحة خاصة في الخليج والبحر الأحمر»، وإنهاء «تصعيد النزاع في اليمن» وكذلك تهريب الأسلحة للحوثيين.

ضرورة وقف السلطات الإيرانية الهجمات الإلكترونية على الولايات المتحدة وحلفائها.

وقف انتهاكات حقوق الإنسان، وعلى رأسها قمع المظاهرات، وعدم تنفيذ «عمليات غير عادلة لاعتقال الأجانب»، بمن فيهم المواطنون الأميركيون.

ما تقدم حتى الآن يرفضه النظام الإيراني ويرى المرشد الإيراني أن كل ما تقدم ما هي إلا حجج، وأن الهدف الرئيس للولايات المتحدة هو النيل من النظام الإسلامي في إيران، كما يصفه خامنئي.

حتى يجد جديد في هذا الشأن، نستعرض هنا الجدول الزمني لإعادة فرض العقوبات، وهذا يعطينا مؤشراً على أنها ليست مبتكرة وجديدة، بل إعادة فرضها ولا يعني ذلك عدم وجود عقوبات أخرى على النظام الإيراني.

وبعيد الانسحاب الأميركي من الاتفاق، يباشر قسم مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية فوراً الإجراءات لتنفيذ قرار الرئيس ترامب بإعادة فرض العقوبات التي ستأخذ فترة من 90 إلى 180 يوماً لتطبيقها.

بعد (90 يوماً) من المقرر أن تفرض الولايات المتحدة قيوداً على بيع العملة الأميركية لإيران، وشراء الذهب والمعادن الثمينة الأخرى منها، إلى جانب شراء الصلب والألومنيوم والاستثمار في السندات الإيرانية، وصفقات مع شركات صناعة السيارات الإيرانية. كما سيتم سحب تراخيص التصدير من شركات الطيران المدني، بما فيها «بوينج» و«إيرباص».

وبدءاً من أغسطس 2018م، سيفرض الحظر على استيراد السجاد والمواد الغذائية الإيرانية.

بعد 180 يوماً، فإن الولايات المتحدة ستستأنف جهودها للحد من صادرات النفط الإيرانية، وستجري الخارجية الأميركية مشاورات مع دول أخرى، وستقيم مدى تقليص الدول الأجنبية لمشترياتها من النفط الإيراني، وستساهم دول أخرى بتعويض هذا النقص دون ذكر اسمها، كما ستطال العقوبات الموانئ الإيرانية وسفنها ومصانع السفن، وستفرض قيوداً على تحويلات مالية بين المؤسسات المالية الأجنبية والبنك المركزي الإيراني وخدمات التأمين.

من خلال ما تقدم يتضح أن العقوبات التي سيعاد فرضها ستُعيد النظام الإيراني إلى المربع الأول حين عانى الكثير من الصعوبات قبل الوصول إلى الاتفاق النووي، هذه الصعوبات التي جعلت الرئيس الإيراني حسن روحاني يقول إنه لو لم يتم توقيع الاتفاق لما كان لإيران من موارد مالية سوى ما يكفي دفع رواتب الموظفين فقط ولن يكون هناك مجال لأي تمويل لأي مشروع. كما قال في مناسبة أخرى، إن استمرار العقوبات في ذلك الوقت كان سيُوصل إيران إلى تصدير 300 ألف برميل نفط يومياً فقط.

قادم الأيام سيضع النظام الإيراني في زاوية ضيقة على الرغم من محاولات الغرب إنقاذ الاتفاق والإعلان عن الاستمرار فيه مع انسحاب الولايات المتحدة الأميركية.