عبدالله بن بخيت

يسأل الكثير لماذا تقدمت أوروبا وتخلف العالم الإسلامي؟ سؤال مشرع لكل من يريد أن يجيب عليه، تبرع الإخوان المسلمون وأنهوا الأمر، أكدوا وروجوا أن سبب تخلف المسلمين عدم تمسكهم بدينهم، لا يفهم المرء من هذه الإجابة هل التقدم مرهون بالتمسك بدين الإسلام أم أن التقدم مرهون بالتمسك بأي دين؟ هل تقدمت اليابان لأنها تمسكت بالبوذية والأوربيون تقدموا لأنهم تمسكوا بالمسيحية مما يوجب على المسلمين التمسك بدينهم ليفوزوا بنصيبهم من التقدم.

هل التقدم في نظر هؤلاء مرهون بالدين الإسلامي أم بأي دين يتسمك به أصحابه؟ من حسن الحظ أن هذا الجواب الذي أثار في الاتباع موجة من الانتشاء أثار موجة من السخرية بين المثقفين. إجابة مخادعة تسيء للإسلام، المسلمون متمسكون بدينهم أكثر من تمسك أي أمة بدينها ومع ذلك تخلفوا.

لا تختلف هذه الإجابة عن مقولة الشيخ المصري محمد عبده الشهيرة التي يرددها الدعاة وأتباعهم منتشين أيضاً: رأيت في أوروبا مسلمين بلا إسلام ووجدت في بلدي إسلاماً بلا مسلمين. مهما كانت مجازية هذه العبارة ومهما كان المضمر فيها تبقى كلمة تسيء للإسلام وللعقل أيضاً. لا يكون الإسلام إلا حيث يكون هناك مسلمون ولا تكون البوذية إلا حيث يكون هناك بوذيون، أما إذا كان يشير إلى التطبيق فهذه العبارة تقدم إساءة أكبر للإسلام، النظم والقوانين في أوروبا لم تستمد من الإسلام وإنما هي دساتير وضعية يحاربها الدعاة أنفسهم.

مقاربات توحي باليأس عند الناس وبالخداع الذي مارسه رجال الدين في أوروبا العصور الوسطى عندما يزجون بالدين في كل شيء لا علاقة له به ليجعلوا من أنفسهم محور الحياة ومصدرها.

أن يأتي حزب ديني ويقول الإسلام هو الحل ثم ينتشي الناس، لا يدرك هؤلاء المنتشون أن هذه العبارة تخرج الحضارة الإسلامية من الإسلام.

يقول الدعاة أيضا أن سبب تقدم الأوروبيين أخذهم بأسباب العلم، لا يعلم أحد ما المقصود بالعلم في خطابهم، إذا كان المقصود بالعلم الفيزياء والكيمياء والرياضيات فهذه متاحة لكل المسلمين، في الجامعات في المكتبات في المدارس في الكتب ولم نرَ أي تقدم بامتلاكها.

هذه العلوم أو غيرها لا قيمة لها دون سابقة اسمها سيادة التفكير العلمي، التفكير العلمي يقوم على السؤال ومحاكمة الأقوال واختبار بريقها.

هذه المخادعات اللفظية وكثير مثلها هي ثمرة غياب التفكير العلمي بل هي من الأسباب الرئيسة التي أدت إلى تغييب التفكير العلمي عن عقول المسلمين.