&هوغ هويت


قام الرئيس دونالد ترامب في الشهر الماضي بنشر تكتيكات «حطم الزجاج ودق الناقوس» فيما يتعلق بحالة الجمود في الحرب الأهلية في سوريا. وكما هو الحال مع العديد من الخطوات التي يتخذها الرئيس لتطبيق نوع من العلاج بالصدمة على مجموعة من المشاكل المستعصية، كان إعلانه بأن القوات الأميركية ستنسحب من سوريا مفيداً. ويمكن أن نجد مثالاً جيداً على هذا في إسرائيل، حيث أدى قرار ترامب إلى تفكير مركز وسط موسم سياسي صاخب.
لقد كانت السياسة الإسرائيلية مضطربة أكثر من المعتاد قبل إعلان ترامب، فمن المقرر إجراء انتخابات مبكرة في أبريل. ويعد «مايكل أورين»، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة (وهو الآن نائب وزير)، واحداً من المسؤولين الإسرائيليين القلائل الذين تم الإنصات إليهم بعناية من قبل كل من واشنطن ويهود أميركا، ومع ذلك فقد أصبح يتيماً سياسياً بانهيار حزبه (حزب «كولانو»). وربما يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الاستفادة من منافسه الصاعد «نفتالي بينيت»، من خلال اختيار أورين للانضمام إلى حزب «الليكود» بزعامة رئيس الوزراء، وإبعاده عن حزب «اليمين الجديد» الوليد بزعامة بينيت، والذي يستنزف ناخبي نتنياهو الأكثر ولاءً. وسواء تحالف أورين مع نتنياهو أم مع بينيت، فإن إسرائيل بحاجة إليه لشرح سياسات الدولة العبرية للعالم، في ضوء التهديد المحتمل بشن حرب على جبهتين مع «حماس» في غزة ومع «حزب الله» في لبنان وسوريا. إن السياسة هنا مشوشة وغير مؤكدة ومتوترة.


ووسط هذا الاضطراب، كان إعلان ترامب بسحب القوات له تأثير إيضاحي. «إذا اندلعت حرب، فمن الأفضل أن يحدث ذلك في العامين المقبلين، حيث سنكون واثقين من دعم ترامب»، بحسب ما ذكرت لي إحدى الشخصيات المؤثرة في إسرائيل. كانت هذه هي الخلفية المنذرة بوضع سيئ لاجتماعات مستشار الأمن القومي جون بلوتون مع نتنياهو وفريق الأمن الإسرائيلي على مدار يومين. ففي يوم الأحد، ظهر الرجلان معاً، حيث ذكر نتنياهو صراحة أن إسرائيل لن تغادر مرتفعات الجولان (السورية)، وأوضح بولتون قوة العلاقات بين ترامب ونتنياهو، مؤكداً أن إيران تشكل التهديد الأكثر خطورة في المنطقة. وقال بولتون لنتنياهو: «رغم الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، ورغم العقوبات، ليس لدينا ثمة شك في أن قيادة إيران لا تزال ملتزمة استراتيجياً بالتوصل إلى أسلحة نووية قابلة للانطلاق».
وتطرق بولتون مراراً وتكراراً لموضوع خروج الرئيس من الصفقة النووية الإيرانية والتزامه باحتواء التوسع الإيراني. واستشهد بالقاعدتين الأميركيتين في «الأسد» بالعراق وفي «التنف» بسوريا قرب الحدود الأردنية، كدليل على «عزم ترامب على ألا تحصل إيران على هذا القوس من السيطرة والذي يمتد إلى لبنان وسوريا، مروراً بالعراق».


وكانت الأسابيع القليلة الماضية صاخبة ومربكة، لكن ترامب يرسل اثنين من «نجومه العظام» (كما يطلق عليهما)، بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو، لإبلاغ عواصم المنطقة برسالة رئيسية: إننا لن نهرب مرة أخرى، كما فعل باراك أوباما في عام 2011.. ورجاءً، دعونا نصب تركيزنا على الطموحات الخبيثة لملالي إيران وحرسها الثوري.
وتميل وسائل الإعلام الإخبارية الأميركية، المهووسة بترامب، إلى الخلط بين «الأولي» و«الفطري». فـ«الأولي» هو تقييم، والنخبة في بلتواي تعتقد أن ترامب أولي في أساليبه وأهدافه. أما «الفطري» فهو حالة متأصلة، وتعبير أساسي عن أن أمراً أو سمة هي ذات أهمية قصوى.
وإذا استطاع المراقبون، للحظة، التخلي عن رغبتهم الجماعية في وصف ترامب باعتباره «أولياً»، ربما يرون أن هناك حاجة إلى تكتيكات المطرقة في الشرق الأوسط، في المقام الأول لأن إيران ترسل عشرات الآلاف من الصواريخ إلى لبنان وسوريا، ما يشكل تهديداً وجودياً لحلفائنا في المنطقة عموماً، بمن فيهم العرب السنة. فالتوسع الخميني المتشدد، والذي يهدد دول المنطقة، يهدد تركيا أيضاً، رغم أن الرئيس أردوغان لا يبدو قلقاً كثيراً بشأن منافس بلاده التاريخي. وقد ركز ترامب ليس فقط اهتمام الولايات المتحدة، بل أيضاً إسرائيل، بسياساتهما الصاخبة والمتضاربة بشدة، على هذه القضية الرئيسية.
لقد أوفد ترامب نجميه لتنشيط الائتلاف الراكد ومحاولة إعادة اصطفاف تركيا مع بقية التحالف المناهض للتوسع الإيراني.

&
& «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»&