&نايف معلا&

أن تأخذ دولة من الدول على عاتقها الدفاع عن حقوق الإنسان أو تنتهج ذلك خارج حدودها الإقليمية أو ولايتها القضائية، فهذا أمر جيد، ولكن أن يكون هذا النهج ذريعة لانتهاك قواعد آمرة نص عليها القانون الدولي، أو انطوت عليها الأعراف الدولية كالقواعد المتعلقة بالسيادة (Sovereignty) أو أن يكون انتقائياً من حيث الأشخاص الدولية المستهدفة (الدول المستهدفة) أو الموضوعات فهذا أدعى أن يُنعت تسيساً لقضايا حقوق الإنسان (Politicizations of Human Rights Issues) لا دفاعاً عن حقوق الإنسان.


الملاحظ لسلوك كندا في إطار المنتظمات الدولية والمجتمع الدولي فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، سيخلص إلى أنها تتعامل مع هذا الملف بانتقائية تُرى ملامحها بالعين «المجردة» من الرضا والسخط! بل إن الأمر وصل إلى التندر بمواقف كندا وخطاباتها الموجهة للمنظمات الدولية من قبل المواطنين الكنديين في مواقع التواصل الاجتماعي! ومثار ذلك التندر أنها تمارس انتهاكات ممنهجة (Systematic Violations) ضد الشعوب الأصلية (Indigenous peoples)، أو تهمل حقوق مواطنيها في إقليمها، وتنصرف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان في الأقاليم الأخرى، أو أنها تركز في ذلك على دول دون أخرى!

أيعقل أن تستقبل وزيرة خارجية كندا فتاةً سعودية بزعم أنها ضحية لانتهاكات حقوق الإنسان، لحظة وصولها في مطار أوتاوا! هذا بحدث ذاته مظهر من مظاهر تسييس حقوق الإنسان. طالما أن الهدف نُصرة ضحايا حقوق الإنسان –على حد زعمهم– فلماذا لم يتم استقبالها من قبل مختص من الجهة المعنية بحقوق الإنسان أو باللجوء في كندا؟! لماذا وزيرة الخارجية تحديدا؟! في رأيي أن كندا أرادت من خلال هذا الاستقبال بعث رسائل عدة منها ما يتعلق بصورتها العالمية، ومنها ما يتعلق بعلاقتها مع السعودية بعد الموقف الحازم الذي اتخذته تجاه كندا بعد أن تدخلت بشكل سافر في الشؤون التي هي من صميم السلطان الداخلي في السعودية.

طالما أن كندا أخذت على عاتقها استقبال اللاجئين من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وأخذهم في الأحضان، فعليها أن تشرع منافذها الحدودية لجميع اللاجئين دونما أي تمييز على أساس العرق أو النسب أو الدين أو الأصل القومي أو الإثني، أو تعتبر الشعوب الأصلية الذين يعيشون فيها لاجئين وتتعامل معهم على هذا الأساس! بالمناسبة، لا بد أن تفرغ وزيرة خارجيتها لهذا العمل الإنساني النبيل!

لا أحد يستطيع نسيان أو تناسي مواقف كندا المناصرة لإسرائيل في المنتظمات الدولية ومن أبرزها مجلس حقوق الإنسان، اذ كانت صوت إسرائيل في هذا المجلس! إسرائيل التي لم تدع جريمة ضد الإنسانية أو جريمة حرب أو جريمة عدوان أو جريمة إبادة جماعية إلا وارتكبتها ضد الشعب الفلسطيني.

عندما أُمعن النظر في مثل هذه المواقف والممارسات، أتساءل هل كندا دولة أم منظمة؟ ومن يشكك في موضوعية أو وجاهة سؤالي فما عليه إلا أن يتصفح وثائق أجهزة وآليات الأمم المتحدة ليدرك تماماً أن دفاع كندا عن حقوق الإنسان ليس إلا وجهاً مقنعاً لأجنداتها السياسية والأيديولوجية، وخدعة انطلت عليه كما انطلت على الكثيرين الذين يرون أنها فردوس حقوق الإنسان في الأرض!