& يوسف لخضر

&في آخر رصد قام به بنك المغرب، تبين أن سعر صرف الدرهم انخفض بنسبة 0,42 في المائة مقابل اليورو، وبنسبة 0,11 في المائة مقابل الدولار، خلال شهر دجنبر من السنة الماضية، لكن الملاحظ طيلة سنة كاملة أن هذا السعر لم يعرف تطوراً لافتاً أو غير متوقع.

ويتزامن هذا الأسبوع مع مرور عام على دخول المغرب مرحلة جديدة فيما يخص عملته الوطنية؛ إذ أعلن في 14 يناير 2018 عن التحول من نظام صرف ثابت إلى نظام صرف مرن، وهذا يعني السماح للدرهم بأن يتحرك في نطاق تقلب نسبته 5 في المائة، أي 2,5 في المائة في كل اتجاه، مقابل 0,3 في المائة سابقاً.

وتقوم السلطات النقدية في المملكة بتحديد سعر صرف الدرهم على أساس سلة من اليورو والدولار، بنسبة 60 في المائة و40 في المائة، حسب التعاملات الخارجية، والنسبة الكبرى لليورو لما تشكل المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي من أهمية.

وأثيرت الكثير من التخوفات من إمكانية انخفاض قيمة العملة قبل اعتماد التحرير التدريجي لسعر صرفها بداية السنة الماضية، كما كانت التوقعات تشير إلى إمكانية تأثير ذلك على التضخم كما حدث في بلدان أخرى مثل مصر، لكن شيئا من ذلك لم يحدث في المملكة.

ومستويات تحرير سعر الصرف ثلاثة، وهي الثابت والمرن والعائم، ويتطلب الوصول إلى نظام عائم بشكل كامل مدة طويلة قد تتجاوز 15 سنة، ويساهم في هذا الإصلاح كل من وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب ومكتب الصرف، ويسهل هذا الأمر اندماج الاقتصاد في السوق الدولية.

وفي نظر ادريس الفينا، أستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، فإن السنة الأولى من مرحلة نظام سعر الصرف المرن كانت بيضاء، فـ "سيكولوجياً، استوعب الناس هذا النظام الجديد بدون تفعيله بشكل كامل، وذلك بالنظر لعجز الميزان التجاري وعجز الحساب الجاري، ورغم ذلك بقي الدرهم ثابتاً أمام الدولار واليورو".

وأوضح الفينا، في حديث لهسبريس، أن الدرهم بقي شبه ثابت رغم تسجيل ارتفاع في سعر البترول، وهذا يعني، في نظره، أن "المغرب ما يزال في إطار تمرين بيداغوجي ونفساني من أجل تهييئ مختلف الفاعلين المعنيين، خصوصاً الأبناك، لكي يصبحوا فاعلين في هذا النظام عوض البنك المركزي، وهذا الأمر يتطلب سنوات".

وأبرز الأستاذ الجامعي أن التدرج في تفعيل نظام سعر الصرف المرن له أهمية كبرى، لأن الأمر يتعلق بانتقال بنيوي كبير يمر بالدرهم من نظام ثابت إلى نظام مرن، وقد مكن هذا التدرج من تجنب صدمات خارجية من قبيل انخفاض كبير لرصيد العملة الصعبة أو ارتفاع غير متوقع لأسعار المواد الأولية.

من جهته، يرى المهدي فقير، خبير اقتصادي، أن الدرهم بقي مستقراً طيلة هذه الفترة، وأشار إلى أن موجودات النقد الأجنبي لم تعرف أي ضغوط وبقيت في مستويات مقبولة في حدود 25 مليار دولار، وهو ما يوفر، إلى جانب ظروف أخرى، ضمانات جيدة لنظام الصرف.

وأوضح فقير، في حديث لهسبريس، أن سعر صرف الدرهم لم يتحرك بشكل كامل في النطاق الجديد، وهو ما اعتبره أمراً مشجعاً يؤشر على أن المرحلة مناسبة للتقدم في هذا الإصلاح الخاص بالتحرير الكامل.

وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن "المغرب لم يدخل ضمن التحرير القسري لعملته الوطنية كما وقع لبلدان أخرى، بل تم ذلك بشكل اختياري وباستعداد تام من طرف السلطات المعنية"، لكنه أكد أن البنى الاقتصادية يجب أن تواكب هذا التطور الذي حققه الدرهم.

ولا تستعجل السلطات المغربية المرور إلى نطاق أوسع لتحرير سعر صرف الدرهم، فعدد من الدول أمضت خمس سنوات في المرحلة الأولى للمرونة، ويسهر على التتبع المستمر لهذا الورش كل من بنك المغرب ومكتب الصرف ووزارة المالية.

ورغم أن المغرب لا يربطه برنامج قروض مع صندوق النقد الدولي، إلا أن المؤسسة الدولية تتابع السوق المغربي عن كثب، وقد سبق لها أن أوصت بضرورة المرور إلى المرحلة الثانية من تحرير سعر صرف الدرهم في أقرب وقت ممكن.