& الشيخ محمد

أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، أمس الجمعة، أن العسكريين الفرنسيين من عملية «برخان» قتلوا أحد أبرز قادة المجموعات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، ويتعلق الأمر بالجزائري يحيى أبو الهمام (جمال عكاشة)، الذي يتولى قيادة إمارة الصحراء في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهي إمارة تتمركز في منطقة تمبكتو، شمال دولة مالي.


وجاء في بيان صادر عن وزارة الدفاع الفرنسية أن يحيى أبو الهمام قتل في عملية عسكرية شنتها القوات الفرنسية مساء أول من أمس، في قلب الصحراء إلى الشمال من مدينة تمبكتو المالية، وقتل فيها 11 إرهابياً من ضمنهم مساعدون بارزون ومقربون من الجزائري يحيى أبو الهمام.
وقالت وزارة الدفاع الفرنسية في بيانها إن قواتها «شنت عملية عسكرية في منطقة شمال مدينة تمبكتو بمالي، هذه العملية بدأت عندما تم رصد ثلاث سيارات مشتبه فيها، فتحركت مروحيات وطائرة درون من نوع (ريبير) لتعقبها وقطع الطريق عليها، وعندما اقتربت المروحيات من السيارات قام ركاب السيارات بإطلاق النار، لترد المروحيات بتدميرها والقضاء عليها».
وأضاف البيان أن «الحصيلة تشير إلى سقوط 11 قتيلاً وتدمير ثلاث سيارات، ومصادرة كميات من الأسلحة»، قبل أن يقول البيان: «تأكدنا من أن يحيى أبو الهمام من بين القتلى، قائد المنظمة الإرهابية المعروفة تحت اسم (إمارة تمبكتو)، ويعد الرجل الثاني في جماعة (نصرة الإسلام والمسلمين)، كما قتل أيضاً في العملية اثنان من أبرز مساعديه».


ووصف الفرنسيون يحيى أبو الهمام بأنه «قائد إرهابي، متورط في كثير من الهجمات الإرهابية ضد بلدان منطقة الساحل الأفريقي»، وقالوا إن مقتله يشكل «نكسة كبيرة» لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي يقودها الزعيم الطوارقي إياد أغ غالي «الذي خسر في سنة واحدة ثلاثة من أبرز نوابه».
وخلص الفرنسيون في بيان وزارة الدفاع إلى القول إن هذه العملية «تؤكد فاعلية قوة برخان بالتعاون مع القوات الشريكة المحلية وقوات الأمم المتحدة (ميونيسما)، وقدرتها على ردة الفعل في أي وقت وأي مكان لمواجهة الجماعات الإرهابية؛ كما تظهر هذه العملية أن المجموعات الإرهابية لم تعد تملك أي حاضنة في مالي».
ويعد يحيى أبو الهمام واحدا من الزعامات البارزة في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وواحدا من الجزائريين الأوائل الذين نشطوا في «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» ثم دخلوا منطقة الساحل الأفريقي في تسعينات القرن الماضي لإعلان تغيير اسم جماعتهم إلى «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».


وبعد التدخل الفرنسي في شمال مالي قتل كثير من القادة الجزائريين على غرار عبد الحميد أبو زيد، فيما غادر آخرون مثل مختار بلمختار (بلعوار)، بينما كان يحيى أبو الهمام هو الوحيد الذي بقي في شمال مالي بعد التدخل الفرنسي، وعقد تحالفات مع السكان المحليين مكنته من النجاة طوال ست سنوات.
وحتى مساء الجمعة لم يعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مقتل القيادي فيه، كما التزمت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» الصمت حيال الخبر الذي أعلنه الفرنسيون، وجرت العادة بأن يبادر التنظيم إلى نعي قادته والتوعد بالانتقام لهم في بيان صحافي ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات الجهادية، وهو أمر قد يأخذ بعض الوقت.


وكانت هذه الجماعات الإرهابية قد سيطرت على شمال مالي عام 2012، وحاولت مطلع عام 2013 الزحف نحو الجنوب حيث تقع العاصمة باماكو، ولكن الماليين استنجدوا بالفرنسيين الذين تدخلوا عسكريا وحرروا مدن الشمال من قبضة القاعدة وفروعها، إلا أن مقاتلي «القاعدة» أعادوا تنظيم صفوفهم في تحالفات جديدة مكنتهم من الاستمرار في شن هجمات متفرقة أرهقت الجنود الماليين وقوات الأمم المتحدة والفرنسيين.
وتعاني مالي من انعدام الأمن وفقدان السيطرة على مناطق واسعة من أراضيها تغيب فيها الدولة وتنتشر شبكات الإرهاب وتهريب السلاح والمخدرات والبشر، كما انتشرت ميليشيات محلية ذات طابع عرقي وقبلي أصبحت خصماً للدولة في كثير من الأحيان، بسبب تورط الجيش الحكومي في انتهاكات إنسانية أفقدته المصداقية.