& أحمد غيث&&

&أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية رفضها المبادئ الرئيسية لخطة السلام الأميركية (صفقة القرن) التي عرضها كبير مستشاري الرئيس الأميركي غاريد كوشنير، الذي زار خمس عواصم خليجية لتسويقها، وتوفير الدعم المالي للشق الاقتصادي منها (القبس 22 فبراير 2019).

هذه الجولة التي قام بها السيد كوشنير، تندرج تحت بند التحرك الدبلوماسي الأميركي للتعرف على وجهة نظر الجانب العربي في ما يتعلق بما سمي «صفقة القرن». لكن الغريب فيها هو التطرق إلى توفير الدعم المالي للشق الاقتصادي منها..! الصفقة المزعومة تم رفضها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية. وهي صاحبة القرار في هذا الشأن. وربما اطلعت على مضمونها. إذاً ماذا يسوق السيد كوشنير ومن أجل ماذا طلب الدعم المالي؟.. لقد عرف الفلسطينيون والعرب مدى التناغم السياسي بين الرئيس ترامب واليمين الإسرائيلي. فقد سبق أن وعد بنقل السفارة الأميركية إلى القدس ونفذ وعده.. فهل إعلان تفاصيل الصفقة سيكون أثناء حملته المقبلة للولاية الرئاسية الثانية؟.. لقد عُرف عن الرئيس ترامب بأنه تاجر عقار ناجح. لذا يعتقد أن تحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل صفقة تجارية، لها ثمنها، لكن على الجانب العربي، الذي يحرص على حسن العلاقات مع الولايات المتحدة، أن يدفع ثمن هذه العلاقات. عندما يعلن الفلسطينيون رفضهم للصفقة الأميركية. ففي هذه الحالة يكون السيد كوشنير ربما يعرض على الجانب العربي وعوداً لا يملك تنفيذها. من الواضح أن الرئيس الأميركي ترامب تجاهل كل محاولات الرؤساء الأميركيين ومساعيهم الذين سبقوه في البيت الأبيض. وحاولوا حل القضية ولم يوفقوا.
أعتقد أن صفقة القرن الترامبية ستتمحور حول إعطاء إسرائيل حق الهيمنة على كل فلسطين لتعلن الدولة اليهودية. وإعطاء الفلسطينيين حق تشكيل مجالس البلدية، لإدارة الشأن الفلسطيني. أما السلطة السياسية والأمنية فهي لإسرائيل. والدعم المادي الذي يطلبه السيد كوشنير، فهو لتعويض الفلسطينيين المتواجدين في مخيمات اللجوء في الخارج. بعد أن يتم الضغط على الدول العربية لقبول توطينهم. في كندا وأستراليا على سبيل المثال.
في عام 1971 أثناء عملي سفيراً في موسكو. وكان الوسيط الدولي للقضية الفلسطينية السيد غونار يارنغ سفير السويد ايضا في موسكو، وكانت تربطني به علاقة صداقة متينة، أكد لي بعد جولته في الشرق الأوسط وقبول الرئيس عبدالناصر مبادرة وزير خارجية أميركا السيد وليم روجرز، أن توطين اللاجئين سيتم في كندا وأستراليا. والتعويض المادي للفرد سيتراوح ما بين 10 و12 الف دولار. وقلت له في حينه إن الشعب الفلسطيني لن يقبل ذلك. وفشل مشروع روجرز، إما بسبب الحرب الأهلية في الأردن أو بسبب وفاة الرئيس عبدالناصر المفاجئة. وأعيد موضوع التعويض والتوطين في اللقاء الأخير، الذي تم بين السيد ياسر عرفات والرئيس بيل كلنتون في منتجع كامب ديفيد. وكان التعويض للفرد 40 الف دولار. وأن الرئيس عرفات أصر في حينه أن يكون التعويض من خلاله. ورفض طلبه. إن صفقة القرن، إذا أصر الرئيس ترامب بالتنسيق مع نتانياهو واليمين الإسرائيلي على فرضها على الفلسطينيين كأمر واقع، فإنها قد تؤجج الوضع السياسي في الأرض المحتلة وخارجها. وسيكون المستفيد أعداء العرب.
لذا يتوجب على الجانب العربي، وجامعة الدول العربية بشكل خاص، أن يكون لديهما اطلاع مسبق حول تفاصيل الصفقة، والإصرار على المبادرة العربية. أي الأرض مقابل السلام. التي أقرت بالإجماع العربي.

&