&أمين الزاوي

من الأساطير المؤسسة للأمة الجزائرية والتي انتهك سريرها أيضا، جمعية" العلماء المسلمين الجزائريين"، والتي يجب تحريرها من مغتصبيها المعاصرين.

&"جبهة التحرير" واحدة من الأساطير المؤسسة للأمة الجزائرية

تتأسس الدول وجوبا على بنية أسطورية أولا. الأسطورة قبل الجغرافيا، الأسطورة قبل التراب، الأسطورة قبل الرجال، الأسطورة هي من تشكل روح التاريخ الذي هو عبارة عن "مهمة"& يقوم بها حفنة من& الرجال والنساء يصيبون ويخطئون.

بناء أمة هو بناء أساطير تتمأسس عليها و القضاء على هذه الأمة هو الوصول إلى اغتصاب أساطيرها المؤسسة. إن سرير الأساطير مقدس، و يجب الحفاظ عليه من كل دنس. والأساطير المؤسسة للأمة حتى وإن كانت تنتمي إلى "الوهم الخلاق" هي قريبة من مملكة "المقدس".

ما يجري من حراك في الشارع الجزائري اليوم، جعلني أتساءل عن الأساطير المؤسسة للجزائر، و ما يجري يؤكد بأن سببه الوصول إلى "سرير الأساطير" و انتهاك شرفها بات قاب قوسين أو أدنى. فجريمة "الشرف" قائمة.

ووضع اليد على الأساطير المؤسسة أو تأميمها لطرف في الصراع القائم يعرضها للانتهاك والتدنيس وهو ما يثير الفتنة ويجعل أركان الأمة مهزوزة.

لقد كانت "جبهة التحرير" هي واحدة من الأساطير المؤسسة للأمة الجزائرية المعاصرة، فعليها ومنها تحدد مفهوم "الحرية"، وعليها ارتسمت صورة "البطولة" كما هي في مخيال أجيال متلاحقة منذ منتصف القرن الماضي، ومنها ولد مفهوم "الاستقلال"، وعليها ومنها نحت الجزائريون جملة من القيم الإنسانية الكبرى كـ"العدالة" و"المساواة" و"الديمقراطية" و"حقوق الإنسان"، ولأنها كذلك وبهذا الحضور الرمزي الأسطوري الجماعي فهي تنتمي إلى الملكية العامة، ورثها الجزائريون جميعا من زمن الاستعمار كما ورثوا "مدنا" أوروبية أصبحت سكنا لهم، وورثوا مستوطنات فلاحية كولونيالية أصبحت حرثا لهم وورثوا جامعة الجزائر أصبحت مصدر معرفة لهم وشركة السكك الحديدية والطرقات أضحت كلها رأسمالا جماعيا.

إلا أن مجموعة سياسية، وبرؤية أيديولوجية معينة متقلبة، وضعت اليد على هذه الأسطورة المؤسسة للأمة وسكنتها واتخذت منها سبيلا للحكم دون غيرها، وشرعنت موقعها من خلال البعد الأسطوري الذي تحمل "دلالة" التسمية،& لذلك وأمام اغتصاب "سرير" الأسطورة يجب تحرير "جبهة التحرير" من مغتصبها، وبالتالي إعادتها إلى "المالك الشرعي" الذي هو الشعب، والعودة إلى الملكية "الجماعية" لا تكون إلا بإخراج "جبهة التحرير" من الحزبية التنافسية وإدخالها في "الكتب المدرسية" لتستقر في "الدرس" العام.

كما أن من الممتلكات العامة والتي تعد واحدة أخرى من الأساطير المؤسسة للأمة الجزائرية المعاصرة هي منظمة "الاتحاد العام للعمال الجزائريين"، والتي تشكل صورة شفافة لمدرسة النضال النقابي العمالي، ومع تحرر العمل النقابي على هذه المنظمة واحتراما لتاريخها، وحتى لا يغتصب سرير الأسطورة مرة ثانية، عليها كما هي "جبهة التحرير" أن تدخل كتاب التاريخ، وبالتالي يتم تحرير العمل النقابي من "النوسطالجيا" الثورية العمالية الأسطورية المرتبطة بزمن التحرير الوطني وإدخاله في باب النضال الاجتماعي الطبقي الحقوقي النسبي.

ومن الأساطير المؤسسة للأمة الجزائرية والتي انتهك سريرها أيضا، جمعية" العلماء المسلمين الجزائريين"، والتي يجب تحريرها من مغتصبيها المعاصرين، خاصة ونحن في مرحلة أصبح فيها "الإسلام السياسي" مركبا لكل من هب ودب، والدعوة على إعادة "جمعية العلماء المسلمين" للمدرسة التاريخية هو مساهمة في تحرير الديني من السياسي.

بتحريرنا لهذه الأساطير المؤسسة لذاكرة الأمة الجزائرية على المستوى "الوطني والنقابي والديني" نكون قد خطونا خطوة عملاقة نحو تأسيس مجتمع سياسي تتساوى فيها الفرص بعيدا عن الاعتماد على "المقدس" و"المؤسطر" في التاريخ الجزائري، وهو في الوقت نفسه تحرير للشهداء من أي استثمار سياسوي أو ديني أو وطنياتي من أمثال العربي بن مهيدي وعميروش وعبان رمضان وجميلة بوحيرد ومليحة حميدو وعيسات إدير وعبدالحميد بن باديس وغيرهم وهو تحرير أيضا للجيل للجديد، تحرير للخطاب النقدي من كل تخوين أو تكفير.&

&

&