&فهد العبدالكريم

&

&عودة العراق إلى الحاضنة العربية على المستوى السياسي تبقى الدلالة الأبرز لفتح علاقات جديدة بين الرياض وبغداد، والعارفون بتاريخ العلاقات السعودية - العراقية منذ بداية القرن العشرين يدركون تماماً أهمية هذا التقارب، حيث الرياض، وعلى مدى تاريخها الحديث، ظلت تعدّ العراق عمقاً استراتيجياً لها، كما أن أمن العراق كان دوماً مرتبطاً بأمن المملكة التي تدعو إلى وحدة البلدان العربية بصرف النظر عن المنطق المذهبي، والوقوف في وجه من يريد تقسيم الدول العربية وزرع الفتن بين مناطقها.

والمؤشرات تؤكد أن العلاقات السعودية - العراقية تشهد انطلاقة جديدة نحو مزيد من التعاون البناء، خاصة أن العلاقات بينهما لم تنقطع في ظل حرص القيادة السعودية على الإبقاء على قنوات التواصل مع مختلف شرائح ومكونات المجتمع العراقي السياسية والاجتماعية، وظلت المملكة حريصة جداً على استعادة العراق دوره ومكانته في العالم العربي.

وعلى الرغم من أن القوى المعادية للمملكة ظلت تحاول تخريب هذه العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين الشقيقين فإن معظم القوى الوطنية العراقية كانت تثمن على الدوام مواقف المملكة الإيجابية إزاء العراق، ورفضها أي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية، ودعوتها المستمرة ليبقى القرار العراقي وطنياً ونابعاً من مصالح الشعب العراقي.

لقد دعمت المملكة العراق في مواجهته الإرهاب، واحترمت خياراته، ومثلما كانت المملكة سنداً للعراق على الدوام جاءت منحة خادم الحرمين الشريفين الأخيرة بتقديم مبلغ مليار دولار هدية من الملك سلمان للشعب العراقي لبناء مدينة رياضية متكاملة، كما وقع البلدان مذكرة تفاهم لزيادة التبادل التجاري والتعاون الاستثماري الاقتصادي، واتفق الطرفان على تنسيق المواقف والرؤى في المنتديات والمعارض الاقتصادية والإقليمية والدولية بالإضافة لفتح المجال الجوي للرحلات بين البلدين.

وتخطط أربع شركات سعودية كبرى للدخول في استثمارات في السوق العراقية هي شركة أرامكو وسابك وشركة معادن وشركة اكواباور، ولأن المملكة والعراق يعدان من أكبر مصدري النفط، فإن التعاون بينهما يخدم دون شك المصالح المشتركة ويعزز جهود استقرار أسعار وإمدادات النفط العالمية.

إن زيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي للمملكة والتي تأتي في أعقاب انعقاد مجلس التنسيق السعودي - العراقي في بغداد الشهر الماضي ستسهم في ترسيخ أسس جديدة للعلاقات بين البلدين وتفتح آفاقاً أرحب للتعاون في كل المجالات. وطالما تمسّك القادة العراقيون بموقفهم الرافض لجرهم إلى سياسات المحاور ورهن مصالح شعبهم لجهات تصرّ على التدخل في شؤون العراق الداخلية، فإن العقلانية والمنطق وحسابات المصالح السياسية والاقتصادية تقول إن مكان العراق ومصلحته الحقيقية هي في تعزيز علاقاته مع محيطه العربي حيث عمقه الاستراتيجي والقومي ورؤيته التاريخية والحضارية.