قال محمد أوجار، وزير العدل المغربي، إن المملكة بقيادة الملك محمد السادس، تؤمن بضرورة توسيع هامش الحرية، مؤكداً أن التمسك بالحريات وحقوق الإنسان وهوامش الفضاءات الجديدة «اختيار استراتيجي للبلاد».
وأضاف أوجار، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في ندوة حول «الفضاءات الإعلامية الجديدة: فرص وتحديات»، نظمها «مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان»، بشراكة مع «مركز الأمم المتحدة للتوثيق والتدريب في مجال حقوق الإنسان لغرب شرق آسيا والمنطقة العربية»، في الرباط، أن اختيار بلاده «شجاع. نعيشه بشكل يومي، ونحقق فيه مكتسبات، ويحدث في مرات كثيرة أن نتألم من مجموعة من السلوكيات والانحرافات».


وأكد المسؤول الحكومي، الذي يرأس أيضاً «مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان»، أن الإعلام الرقمي يطرح على بلاده تحدي «الحفاظ على اختيارنا وتوجهنا نحو تعميق الحريات، وتوسيع الفضاءات الجديدة، مع توفير الحماية القانونية الضرورية للحياة الشخصية للأفراد».
واعتبر أوجار أن المغرب يتوفر على قانون وصفه بأنه «متطور في مجال حماية المعطيات الشخصية»، وشدد على أن الحرص على توسيع مجالات حرية التعبير «ينبغي أن يكون دون أن نسقط في مطبات الترويج لخطابات العنف والتطرف والكراهية والتمييز العنصري»، مسجلاً أن بلاده تقع في منطقة «تزخر بطاقات شابة تطمح نحو الحرية والديمقراطية في فضاء يعتز بهويته الثقافية، وبما تختزنه هذه الهوية من قيم وضرورة الحفاظ عليها».
وأفاد أوجار بأنه ينبغي أن نجد «الخيط الرفيع بين منظومة حقوق الإنسان كمنظومة متكاملة غير قابلة للتجزيء، وليست فيها حرية الإعلام فقط، بل حريات وحقوق أخرى»، ودعا إلى ضرورة العمل على «جعل المغرب دولة مؤسسات ودولة للفعل الديمقراطي والتعددية والتنافسية، يلتزم الجميع فيها باحترام القانون والحريات».


في غضون ذلك، نوه أوجار بالجيل المؤسس للصحافة والإعلام بالمغرب، واعتبر أن ظروف اشتغالهم كانت صعبة، بقوله «أحيي الجيل المؤسس والأساتذة الذين اشتغلوا في ظروف كان مجرد هذا الكلام الذي قلته يقود إلى السجن... وحملوا مشعل الحرية والصحافة والحقوق»، قبل أن يختم: «وصلنا في بلادنا إلى هوامش محترمة ومحترمة جداً».
من جهته، اعتبر محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال المغربي، أن التحولات العميقة التي عرفتها التكنولوجيا الحديثة فرضت «إعادة تنظيم السوق الإعلامية، وأدت إلى ظهور نماذج جديدة على المستوى القانوني والتكنولوجي والاقتصادي».
وأفاد وزير الثقافة والاتصال المغربي، بأن الوضع الجديد للإعلام وتقنياته أفرز مجموعة من المخاطر والتحديات، وعد أخلاقيات المهنة «من أهم الأولويات التي يتعين على مهنيي الإعلام احترامها»، مشيراً إلى أن هذه التحديات دفعت وزارته إلى «بحث تطوير الإطار القانوني للاتصال المرئي والمسموع، بهدف ضبط وتقنين المحتوى على شبكة الإنترنت، وتطوير كل ما يتعلق بحماية القاصرين والجمهور الناشئ تجاه المحتويات، التي تحرض على العنف والكراهية، وتمس كرامة الإنسان، والحياة الخاصة للأفراد».
في غضون ذلك، شدد عبد السلام سيدي أحمد، مدير «مركز الأمم المتحدة للتوثيق والتدريب في مجال حقوق الإنسان لغرب شرق آسيا والمنطقة العربية»، على أن حرية الصحافة والإعلام ركيزة أساسية لحماية حقوق الإنسان وتطويرها، معتبراً أن وسائل الإعلام الحرة والمستقلة والتعددية تشكل «دعامة أساسية للحكم الرشيد، ولا يمكن للحكم الرشيد أن يتحقق إلا عندما يكون الصحافيون أحراراً في التعبير عن آرائهم في السياسات والتحقيق فيها ونقدها».


بدورها، حذرت غولدا الخوري، ممثلة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) بالمغرب، من المخاطر التي أحدثتها التكنولوجيا في وسائل الإعلام الجديد، والتغييرات العميقة التي همت أنماط التواصل برغم تعزيزها لديمقراطية التواصل بالنسبة لفئة جماهيرية جديدة وواسعة.
ولفتت الخوري إلى أن أبرز المخاطر والتحديات الجديدة للإعلام الرقمي الجديد، تكمن في استغلالها لـ«التحريض على الكراهية والعنصرية، والتطرف والاستغلال الجنسي للقاصرين»، موضحة أن العالم مطالب بالعمل على ضمان الوصول إلى المحتوى، والمساهمة فيه بحكمة تجاه الأجيال الشابة.
كما دعت ممثلة «اليونيسكو» في الرباط، إلى توظيف الإعلام الجديد، واستثماره في تعزيز «السلام والثقافة وحوار الحضارات والأديان»، مؤكدة أن منظمتها تعتبر الإعلام «دعامة أساسية لتكريس الديمقراطية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وحماية حقوق الإنسان».