&فارس بن حزام&&

15 عاماً، وفي التاريخ ذاته 21 نيسان (أبريل)، يعود الإرهاب معتدياً على مقر أمني في السعودية. في عام 2004 اعتدت "القاعدة" بسيارة مفخخة على مقر للأمن العام في الرياض، وأول من أمس "داعش" على مقر لأمن الدولة في محافظة الزلفي شمال العاصمة. وبين الواقعتين تغيرت أشياء كثيرة في ملف الإرهاب، وبقي أن معتدي اليوم امتداد لإرهابي الأمس.


في 15 عاماً، تبدل الاسم، كان تنظيم "القاعدة" وأصبح "داعش"، أما العناصر فمنهجهم واحد وامتدادهم مترابط من أيام التنظيم الأول؛ أقارب وأصدقاء ورفاق سوء الدرب. في تلك السنوات، أسر متكاملة أنتجت إرهابيين؛ أشقاء وأبناء عم. كانوا متماسكين جداً في ارتباطهم وتعاونهم، فما الذي تغيّر في الجوهر؟

ما قاله الإعلام في 2004 تعرض للتشكيك، نتيجة كثافة التعاطف والتبرير والتضليل، حتى من المطلوب منهم مناصحة موقوفي الإرهاب، وما يقال اليوم يجد التأييد الواسع؛ إن هؤلاء إرهابيون قتلة جهلة، قاصدون ما يفعلون، وعن قناعة ومرض وهوس ديني. هذا ما تغير فعلاً، تراجع التعاطف وغاب المبررون، ويمكن مراجعة مواد التلفزيون والصحف، وتعليقات "أهل النصيحة بالحسنى" في 2004 المبررة والمهادنة والمشككة في خطاب الإعلام أحياناً، والمشتكية ضده دائماً. أحد الإرهابيين في الحادثة الأخيرة ولد عام 2001، وهذا المراهق شكل المنزل والخطاب المريض فكره، ووجد من يبرر لبيئته حُسن أفعال من سبقوه.

في 2004، لم يكن من السهل التصدي لخطاب التطرف قولاً وكتابة؛ لأن الخطر يهدد أمنك الشخصي ويعزلك اجتماعياً، بسبب تمدد المبررين في شرايين المجتمع، بمجالسه العائلية والحياة العامة والعملية. امتلك المبررون جرأة مواجهة المتصدين لتنظيم "القاعدة"، وقادوا حملات شخصية شرسة ضدهم للقضاء عليهم، والتمكين من تحييدهم عن المعركة المصيرية، وفشلوا بهزيمة التنظيم ليتواروا عن الأنظار، فاستوعب المجتمع حقيقة الإرهاب بجلاء.

ما كان للتعاطف في المجتمع أن يتراجع من دون حملات فكرية وإعلامية واسعة في البداية، بالتزامن مع حسم أمني تجاه قادة خطاب التطرف، وبقي الخلل الصريح في تلك المرحلة نتيجة الاكتفاء بعاملي الأمن والإعلام، ما تسبب في استمرار تجنيد الإرهابيين لداخل المملكة ولخارجها، قبل أن تعمل الدولة على مواجهة الخطاب داخل المؤسسات التعليمية والدينية، خطوة خطتها بكثير من الشجاعة والشفافية.

ومع ذلك، سيبقى خطر الإرهاب، والتحدي في استمرار مواجهته بحسم شامل، سواء إن كان اسمه "القاعدة" أم "داعش". ويمكن الجزم أن الحاضر أهون من الماضي، عبر المواجهة الفكرية وتطور الأمن وزيادة الوعي، وبالتالي تراجع التجنيد. ودلالة التراجع حاجة الخلية المعتدية لمجند مصاب في ركبته، لخوض مباراة المباحث، وقتل العاملين وحرق المبنى، فسقطوا جميعاً مع صافرة البداية.

&