&عزة السبيعي

قبل عقود قليلة كانت الحكومة البريطانية لا تقيد الأطفال غير الشرعيين بأسماء آبائهم، وكان ذلك يدفع الرجال للحذر في علاقاتهم بالنساء، فمن يرغب أن ينجب يتزوج، لكن الحكومة وبسبب مطالبات نسوية سمحت بتسجيل الأطفال ودعمت الأمهات العازبات، وذلك بالطبع كان له كثير من الآثار السيئة أهمها على الإطلاق أن الرجل البريطاني لم يعد يتزوج بل يعيش مع امرأة لسنوات، وينجب منها ثم بمجرد أي خلاف قد يطردها خارج البيت، ولأن بريطانيا فيها عدد من المؤسسات الاجتماعية التي ترصد التغيرات داخل المجتمع، وهي مرتبطة بالمشرع في البرلمان ومجلس اللوردات والوزراء والملكة أيضاً، تغير القانون، وتم سد الخلل بأن وضع قانون يحول المرأة التي تعيش مع الرجل من سنتين إلى أربع إلى شريك في كل شيء كأنها زوجة تماما.

ما سبق مجرد مثال على مراقبة الدولة للتغيرات المجتمعية، ومن ثم رصدها ومعالجتها، وليست دعوى للاقتداء ببريطانيا في مثل هذه العادات، فنحن مسلمون لدينا محرماتنا على كل حال.

السعودية الجديدة أيضاً يجب أن تراجع الأنظمة بما يوافق ديننا وأخلاقنا، خاصة قيم الإسلام العادلة التي تصون كرامة المرأة وسعادتها، ولنا مواقف عدة في تاريخ السلف الصالح تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الأنظمة تتغير مع تغير المجتمعات، خاصة التغير المؤثر على وضع المرأة، وإلا لما جعل الحنبلي الأول العرف قاعدة أصولية يعتمد عليها في التشريع، ولم يجعل الفقهاء الحكم متغيرة والعلل ثابتة.

إننا بحاجة أن نعي أولاً أن ذلك لا يشكل صداما مع الإسلام بل هو تجنب لتعطيل مرونة تشريعه وقدرة فقهه على الصلاح لكل زمان ومكان، والمرأة اليوم تعاني بسبب تغير المجتمع وثبات الأنظمة في مكانها على اعتبارات لم يعد لها وجود واقعي.

ثمة تعاسة حقيقية تعيشها فتيات يمتن كل يوم مرتين بسبب الأنظمة الثابتة، فتيات ذكيات لم يكن لديهن مطلقا والد غادة المطيري، لكن لا شك أن لديهن دولة اسمها السعودية الجديدة، وهي الوالد الحقيقي للجميع، وهي التي تعول عليها السعوديات للانتصار لسعادتهن عبر مراجعة كل نظام ما زال صامدا والسعودية تتغير.