&حمود أبو طالب

هناك فرق هائل وجذري بين ما كان يحدث عند انفجار موجة التفجيرات والهجمات الإرهابية في المملكة قبل 16 عاما وبين ما تلا ذلك عبر الوقت وصولاً إلى حادثة الزلفي يوم قبل أمس الأحد. كانت الهجمات في السابق مباغتة ومؤثرة لأسباب كثيرة، وكان هناك من يصمت عنها ويسوغها بشكل غير مباشر، وكانت عندئذ أشواك التطرف والتشدد وتنظيرات بعض رموز المنهج التكفيري التي انجرف خلفها عدد كبير من الشباب والكبار والرجال والنساء لا تجعل شريحة كبيرة من المجتمع تستشعر الخطر الكبير الذي يتعرض له الوطن وأمنه، ولكن بعدما أحكمت الأجهزة الأمنية قبضتها الشديدة على خلايا ومجاميع وكوادر التنظيمات الإرهابية تغيرت الأمور تماما، وصولا إلى دحرهم خارج الوطن وانطفاء نار الإرهاب، رغم بقاء بعض الخلايا الضعيفة في الداخل التي كانت تحاول الإشارة بين وقت وآخر إلى أنها موجودة عن طريق محاولات بائسة يائسة محدودة.

عملية الزلفي الفاشلة تحيلنا إلى عدة حقائق منها أن احترافية ومهارة وخبرة أجهزة الأمن بمختلف تخصصاتها وصلت درجة التفوق في موضوع تعقب الخلايا الإرهابية وإجهاض مخططاتها، فإذا كانت المملكة استطاعت مساعدة دول غربية من خلال معلوماتها الاستخباراتية على إفشال عمليات كانت وشيكة، وبشهادة المسؤولين في تلك الدول، فإنها -أي أجهزة الأمن السعودية- أكثر قدرة على حماية حياض الوطن وذلك ما حدث في عملية الزلفي وحدث قبلها كثيراً بعمليات استباقية أفشلت كثيراً من المحاولات.

أما الحقيقة الأخرى فهي أنه ما زال حولنا من يتبنى ويساند ويدعم التنظيمات الإرهابية، هناك دول تقوم بذلك معروفة للجميع، ولذلك فقد حذرت المملكة منذ فترة طويلة من خطورة استمرار التراخي إزاء الإرهاب ومن يدعمه، أكدت ذلك في كل المحافل العربية والإقليمية والدولية، وأنشأت ومولت مركزا دوليا لمكافحة الإرهاب، وجندت كل إمكاناتها وحضورها من أجل مكافحته في كل مكان، لكن للأسف لم ينصت الكثيرون إلى تحذيراتها بأنه مشكلة عالمية سيكتوي الجميع بنارها، وها نحن نرى بين وقت وآخر أحداثا تثبت ما ذهبت إليه المملكة.

نعود ونقول هناك فرق بين الحاضر والماضي في تعاملنا مع الإرهاب، نجحنا كثيراً وبتفوق، ولكن ما زال هناك من يدعم الإرهاب ليستهدفنا، فلتزدد يقظتنا ولنعرف جميعاً مكامن الخطر الذي يتربص بوطننا.