& &عبدالله جمعة الحاج



دائماً ما يدور في ذهني السؤال المتعلق بلماذا تعاني دول العالم النامي على الصعيد التنموي من التخلف، بغض النظر عن كون مظاهر ذلك التخلف هي على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي؟ وغالباً لا أجد إجابة شافية وواضحة ومحددة لهذا السؤال، لأنه سؤال «تعميمي»، والتعميم في مسائل الدول قضيته شائكة، فلكل دولة واقعها المعيش وظروفها الخاصة التي يجب أن تدرس منفصلة عن ظروف وواقع الدول الأخرى لكي يتم فهم واقع تلك الدولة بدقة، ثم بعد ذلك يتم تجميع واقع مجموعة من الدول المدروسة إلى بعضها بعضاً للخروج بمقولات يمكن من خلالها التعميم على جميع الدول، وذلك في حال أن يخرج لدينا حالات متشابهة أو حالات متباينة تنطبق على الجميع.
على أية حال، كجزء من الإجابة على السؤال المطروح أعلاه يمكن القول إن الضعف والتخلف الاقتصادي لدول العالم النامي -باستثناء الدول المنتجة للنفط- هو المحك والسبب الرئيسي في تخلفها على الجوانب الأخرى تنموياً.
بهذا الصدد يلاحظ بأن معظم هذه الدول منذ حصولها على الاستقلال من الدول الاستعمارية بقيت مجبرة على التكيف اقتصادياً مع الظروف الاقتصادية العالمية، خاصة تلك التي فرضتها عليها قسراً مقولات العولمة وشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والدول المقرضة والمانحة، خاصة الدول الرأسمالية العظمى الكبرى، وواقع التبعية الاقتصادية التي تعيشها.


ومن هنا فإن معايير التوازن والنمو التقليدية جميعها لا تغير اقتصادات دول العالم النامي بصورها الحالية بشيء أكثر من كونها تكملة لصورة التراجع والتدهور القائمة، فالجهود المبذولة لتوظيف مداخيل هذه الدول تقف أمامها جبال شاهقة من نقص المداخيل والعائدات وأوجه الإنتاج الحالية للعملات الأجنبية اللازمة لشراء مستلزمات التنمية الاقتصادية من الخارج بالإضافة إلى استيراد العديد من السلع الأساسية كالغذاء ومصادر الطاقة ومستلزمات التعليم والخدمات الصحية.
ورغم أوجه الشك التي تدور حول البيانات المتواجدة المتعلقة بالجوانب التنموية وأرقام تصدير كميات المواد الخام النفيسة كالألماس والذهب والبلاتينيوم واليورانيوم، خاصة تلك التي توردها بعض الجهات الرسمية في الدول المعينة أو بعض الجهات الخارجية، فيبدو أن كثيراً من تلك البيانات يقدم لأغراض وأهداف غامضة، إما أنها مرتبطة بالفساد الداخلي أو أنها لا تريد بتلك الدول خيراً.
مجمل القول إن الانطباع العام المتكون عن أوضاع تلك الدول النامية ومساراتها الاقتصادية يوحي بوجود حالات ركود اقتصادي ذي مستويات عالية، خاصة في الأقاليم التي تقع خارج العواصم القومية التي هي عادة أكثر فقراً، أو تلك التي تشهد قلاقل سياسية وحروباً داخلية، أو تلك التي تعتمد على موارد خارجية مرتبطة بالتقلبات السياسية في مناطق خارج الدول المعنية كارتباط بعض المشاريع الكبرى بدول هي ذاتها تعاني من مشاكل سياسية واقتصادية كقطر التي هي غير مؤهلة أو قادرة على أن تكون داعماً خارجياً، أو إيران التي هي ذاتها في حاجة إلى من يعينها بسبب تدهور اقتصادها الذي بلغ ذروة الانحطاط.
خلاصة الحديث هي أنه نتيجة لماضي هذه الدول المرتبط بالاستعمار، يتسم اقتصادها بالاعتماد على تصدير المواد الأولية واستيراد السلع المصنعة، وهذه الحالة لم تتغير رغم مرور هذه الدول بسلسلة من الانقلابات العسكرية التي وعد منفذوها بالإصلاح الذي لم يتحقق منه شيء سوى تأكيد التبعية للخارج.
*كاتب إماراتي

&

&