&أندرو جاك&&

مع ممارسة فرق الرجبي تمارين في ملاعبها مقابل صرح من الطوب الأحمر، تعد مدرسة دولويتش أنموذجا لمدرسة خاصة إنجليزية مثالية.
لكن هذه شنغهاي، والمدرسة شبه المستنسخة عن المدرسة الأم القديمة الموجودة منذ 400 عام في لندن، هي واحدة من عدد متزايد من المؤسسات التعليمية البريطانية المرموقة، التي تعير أسماءها إلى فروع أنشئت حديثا في الخارج.
يقول مسؤولون في وزارة التجارة الدولية في المملكة المتحدة إنهم على دراية بأكثر من 120 مشروعا أجنبيا تنظر فيه المدارس البريطانية. وتتوافق الفروع الجديدة مع استراتيجية التعليم العالمية للحكومة، التي تهدف إلى دعم "التعليم الذي يتجاوز الحدود الوطنية" للتلاميذ الذين يدفعون الرسوم في الخارج بوصف ذلك نوعا من الصادرات. ويواصل كثير من هؤلاء الطلاب دراستهم ويتقدمون للحصول على مقاعد في جامعات المملكة المتحدة.

قال ديفيد كوك، الذي كان يدير أول مدرسة دولية تابعة لـ"دولويتش" في تايلاند قبل أن يصبح مديرا لـ"ريبتون" في دبي، ثم أشرف على إنشاء مدارس لكل من "هارو" و"ولينجتون" في الصين "إنه أمر استثنائي جدا. لم أكن أتخيل أبدا قبل 20 عاما أن هذا النمو سيحدث".
لكن مختصين في هذا القطاع يحذرون من أن الطفرة في عدد المدارس، التي تستكشف إقامة فروع أجنبية قد لا تكون مستدامة، ما يقوض هدف الحكومة المتمثل في تعزيز صادرات التعليم السنوية من 20 مليار جنيه استرليني إلى 35 مليار جنيه استرليني بحلول عام 2030.
يشيرون إلى أن التوسع يأتي في ظل خلفية من عدم اليقين السياسي والاقتصادي في آسيا، حيث يوجد أعلى طلب على المدارس، والمدارس نفسها لديها قدرة محدودة على التوسع في الخارج والحفاظ في الوقت نفسه على أعمالها في المملكة المتحدة.
آشوين أسومول، شريك في ممارسات التعليم في LEK، وهي شركة استشارية، حذر من أن في سوق المدارس الدولية الخاصة المتميزة "الكعكة تصبح أكبر لكن يتم تقطيعها بين عديد من المشاركين"، مضيفا أن زيادة كبيرة حدثت في عدد المدارس البريطانية في الخارج، وكذلك في عدد من سلاسل المدارس الدولية الخاصة المنافسة.

كانت المدارس البريطانية وغيرها من المدارس الدولية في الماضي تلبي احتياجات المغتربين في المقام الأول، لكن خلال العقد الماضي نما الطلب بشكل كبير في الأسواق الناشئة - بقيادة الصين - لتلبية احتياجات الطبقة المتوسطة المحلية المتوسعة ذات الدخل القابل للتصرف والتطلعات العالمية لأطفالهم.
كولين بيل، الرئيس التنفيذي لمجلس المدارس البريطانية الدولية، قال إن هذا الطلب المتزايد يعكس "سمعة التعليم البريطاني، واللغة الإنجليزية بصفتها لغة العمل المفضلة". وأضاف أن جامعات المملكة المتحدة والولايات المتحدة احتلت أيضا تصنيفات عالية، وتعد المدارس البريطانية طريقا مهما إليها.
وفقا لـISC Research، الذي يتتبع اتجاهات التعليم، هناك الآن 73 مدرسة بريطانية مستقلة مع مدارس شقيقة أو شراكات في الخارج. تدرس هذه المدارس ما مجموعه 45 ألف طالب ولديها دخل سنوي قدره مليار دولار. ومن المقرر افتتاح مدارس أخرى عددها 19 خلال العامين المقبلين.
ذكر جو سبنس، أستاذ مدرسة "دولويتش" في لندن، التي لديها الآن عشر شراكات دولية، بأن الرغبة في مدارس النخبة العامة تعكس "تطور الأنموذج البريطاني على مدى 150 عاما، وتوازن الجودة الأكاديمية مع الرعاية، والأنشطة المذكورة سابقا والأنشطة الإضافية للمناهج الدراسية مثل الموسيقى والدراما والعمل الخيري والقيادة".

وقال إن العائدات الناتجة عن فروع "دولويتش" الخارجية تستخدم لتمويل المنح الدراسية، التي تشجع على الحراك الاجتماعي في لندن، في حين أن التبادلات الدولية أثرت التجربة للطلاب والموظفين على حد سواء. لكنه أكد أن استراتيجيته الخارجية لم تكن "غير سريعة ومستعجلة"، ولم تحقق إيرادات إلا نحو مليون جنيه استرليني في السنة وتطلبت استثمارات كبيرة في الموارد للإشراف والدعم واختيار كبار الموظفين.
أكد مارك أبيل، محامي في "بيرد آند بيرد"، أن مجال التوسع بشكل مربح لمدارس النخبة، مثل "دولويتش"، يبقى محدودا. وقال أبيل الذي عمل لصالح 80 مدرسة ولديه 30 مشروعا قيد المناقشة، إن وفورات الحجم مهمة. "أنا أوضح للعملاء أنهم إذا كانوا يريدون فتح مدرسة أو مدرستين، فإنهم يهدرون وقتهم: لن يذهبوا أبدا إلى النطاق، ولن يكون لديهم مشروع مستدام طويل الأجل".
وأشار إلى أن المدارس قد تكافح من أجل الحفاظ على المعايير في الفروع البعيدة، إذ يمكن أن يكون من الصعب تحقيق التوازن بين مصالح المدرسة ومصالح شركاء الأعمال المحليين الذين عادة ما يديرون الممتلكات ويملكونها. مثلا، انفصلت "دولويتش" عن مدرستها الأولى في تايلاند بسبب الاختلافات في النهج.

وأضاف أسومول، من LEK "لديك أطفال بمستويات مختلفة من الحماس وإتقان اللغة الإنجليزية، وشركاء محليين يرغبون في ملء منشآتهم بسرعة، لذا لا يمكنك أن تكون انتقائيا للغاية".
تتقوض الربحية أيضا بسبب القدرة المحدودة في بعض الأسواق الناشئة خارج الصين، مثل الهند وفيتنام، على دفع الرسوم المدرسية المرتفعة. حتى في دول الخليج، كان لانخفاض أسعار النفط تأثير سلبي على الطلب على المدارس الخاصة، مع انخفاض الإيرادات ومغادرة الأجانب.
كانت هناك أيضا تحركات في الصين للحد من افتتاح المدارس الدولية في شنغهاي وبكين، مع ازدياد قوة النمو في المدارس ثنائية اللغة للمواطنين الصينيين، إذ توجد ضوابط صارمة بما في ذلك القيود المفروضة على المناهج الدراسية. نتيجة لذلك، بدأت مدارس خاصة جديدة أرخص بإشراف الصين في الظهور.
في المملكة المتحدة، الطلب على المقاعد الجامعية من الطلاب المتخرجين في الفروع الخارجية يتم تقييده من خلال قدرة المؤسسات على استقبال الطلاب الأجانب، والقيود المشددة على الهجرة. قال "أبل" إن توسيع المدارس في الخارج يوفر "فرصة عظيمة للقوة الناعمة البريطانية، لكن من المؤسف أنها توقفت عن منح التأشيرات بهذه السهولة".