&تركي محمد السديري&

«التاريخ يعيد نفسه» كما يقال، هذا ما يحدث الآن بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية وبعض الدول الأوروبية من جهة وحكومة ملالي إيران من جهة أخرى، هذه الحكومة التي لا تأخذ الحكمة من التاريخ.


التاريخ يقول إنه بعد توقف حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، كانت العراق تعاني من آثار الحرب التي دامت لقرابة ثماني سنوات، معاناة العراق كانت ذات شقين؛ أحدهما اقتصادي، والآخر عسكري.

في الجانب الاقتصادي، من المعروف أن الحرب تكلّف خزينة الدولة المحاربة الكثير من الأموال لأجل تمويل المجهود الحربي وكذلك لمعالجة الآثار الناجمة عن الحرب.

من الجانب العسكري، عملت العراق على تطوير قواتها المسلحة وتوجهت، ضمن هذا التطوير، إلى زيادة حجم جيشها من جانبين؛ هما زيادة القوة البشرية العاملة بالجيش، وزيادة العتاد العسكري، بما في ذلك صناعة صواريخ سكود بالتعاون مع بعض دول المعسكر الشرقي، إضافة إلى امتلاك أعداد كبيرة من الدبابات والمصفحات والمدفعية وناقلات الجند وغيرها، حتى انه تم تصنيف الجيش العراقي بالمرتبة الخامسة ضمن تصنيف أقوى الجيوش العالمية.

هذه «القوة» العسكرية الكبيرة أصابت الرئيس العراقي صدام حسين وحكومته بالغرور، ولحل مشكلة التكاليف المالية الباهظة «افتعل» العراق الخلاف مع دولة الكويت، التي تمثل مواردها «النفطية» مصدراً مغرياً لحل تلك المشاكل.

إذن، الحل موجود والقوة اللازمة لتحقيقه موجودة. في ذات صباح أفاق العالم على دخول القوات العراقية إلى الكويت، ضج العالم حيال الحدث بين مؤيد ومعارض، قرعت طبول الحرب وبدأت الحشود العسكرية تتدفق على المنطقة لتحرير الكويت بالقوة إذا لم ينسحب العراق، أخذ عدد من الوفود الدولية بالتوافد على بغداد لإقناع الرئيس العراقي صدام حسين بسحب قواته والخروج من الكويت، لكنه أصر على أن الكويت «ولاية» عراقية وأن «الفرع عاد للأصل»، باءت كل الجهود بالفشل وتم إخراج العراق من الكويت بالقوة العسكرية المفرطة، وذهبت عبارات العلوج والماجدين والماجدات أدراج الرياح.

«ما أشبه اليوم بالبارحة»، «التاريخ يعيد نفسه».. ملالي إيران يستمرون في عنادهم وإصرارهم على نهجهم التخريبي والمدمر لإيران نفسها ودول الجوار التي تمد العالم بمصدر الطاقة، يردّون بكل «صفاقة» بالرفض على كل من ذهب في عملية وساطة لتخفيف التوتر، وإقناعهم بالتخلي عن تدخلاتهم في دول الجوار، وإفهامهم أن العالم لن يسكت إلى الأبد عن أفعالهم المشينة من العبث بدول المنطقة عن طريق أذرعهم العسكرية في لبنان وسورية وفلسطين والعراق واليمن والبحرين، لن يسكت العالم عن نشرهم الطائفية والعبث بأمن دول الجوار وأمن الممرات المائية.

أعتقد أن ملالي إيران أصابهم الغرور الذي أصاب قبلهم صدام حسين، ولم يدركوا الحكمة التي تقول «اتق شر الحليم إذا غضب»، وبدأ الغرور يدب في نفوسهم المريضة بعد أن وقعت إدارة «الحمائم» بقيادة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما على الاتفاق النووي المخزي الذي أعطاهم شعوراً وهمياً أنهم أصبحوا قوة يخشاها الجميع.

من وجهة نظر شخصية، أعتقد أن من يؤمن بخرافة الإمام المختفي بالسرداب منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة هجرية لديه خلل بالتفكير ونقص بالمعرفة العلمية والثقافة العامة، ومن وجهة نظر شخصية أيضاً أعتقد أن من يؤمن بمبدأ «التقية» الذي يبرر له أن يقول عكس ما يفعل أنه يعيش بالقرون الوسطى. العالم اليوم مختلف تماماً عن الماضي، العالم أصبح اليوم قرية صغيرة بما حققته الثورة العلمية في مجال الاتصالات والأقمار الاصطناعية التي تكشف ما يدور على أرض هذا الكوكب من صغائر الأمور إلى كبارها، هل يدرك أصحاب العمائم ذلك؟ لا أعتقد، لأن قدرتهم على التفكير يبدو أنها دخلت بالسرداب مع إمامهم المنتظر.

وأخيراً وليس آخر، أعتقد جازماً أن نهاية هذا الحكم الدكتاتوري الشمولي، الذي طغى وتجبر على شعبه أولاً وشرد الكثير منهم في أصقاع الأرض، أصبحت قريبة وقريبة جداً.

يقول طرفة بن العبد:

كلهم أروغ من ثعلب * ما أشبه الليلة بالبارحة